السبت، 19 نوفمبر 2016

أول مغربي يستثمر في قطاع السيارات و النقل العمومي بالعرائش

صورة فوتوغرافية للسيد بوسلهام الخزعاني
   محمد عزلي
إنه بوسلهام بن محمد بن بوعزة (1985-1896)، من قبائل اولاد خزعان العربية الذين استوطنوا منطقة الهبط المتاخمة لمدينة العرائش في النصف الثاني للقرن 16م، بعدما قدموا من السهول الغربية للمملكة المغربية إثر عملية تجييش القوات المجاهدة التي حاربت تحت لواء الدولة السعدية وانتصرت في معركة وادي المخازن المجيدة.
بوسلهام الخزعاني، تاجر من أعيان العرائش ومنطقة الهبط عموما، تجارته ارتبطت أساسا بالمواشي، حيث اشتهر بتجميع اللحوم والجلود من مناطق الهبط وبيعها بالجملة بالعرائش وتطوان وطنجة. في سنة 1929 عند بناء قنطرة ألفونسو 13 بالمدخل الشمالي لمدينة العرائش على واد لوكوس، أقدم بوسلهام على تنفيذ مشروع شجاع وبادرة فريدة من نوعها لم يسبقه إليها أحد من المغاربة، والمتمثلة في شراء سيارة من نوع سيتروين كبيرة تعمل بالفحم بغرض استخدامها لنقل البضائع والأشخاص. لم تسمح السلطات الاستعمارية الإسبانية بدخولها عبر القنطرة الجديدة إلى المجال الحضري لمدينة العرائش، مما جعله يحول استخدامها بين أسواق منطقة الهبط المجاورة، ثم أصبحت فيما بعد خطا رابطا بين القصر الكبير والقلة.
وفي سنة 1938 تمكن برفقة شريكه قاسم السوسي من الدخول إلى مدينة العرائش وتشكيل أول شركة مغربية تستثمر في قطاع النقل، حيث أدخلوا ثلاث حافلات إلى مدينة العرائش تقوم بنقل الأشخاص والبضائع وتعمل بالفحم الحجري، فأوجدا لهما وكالة لبيع التذاكر ومحطة للمسافرين كان مقرها بباب المدينة. تشكلت الخطوط من (العرائش/تطوان) (العرائش/الأسواق) (القصر الكبير/القلة) لتكون أول خطوط وطنية فعلية إلى جانب حافلات المستعمر الإسباني التي دخلت نفس المجال في مرحلة سابقة.
أول حافلة للنقل الحضري بالعرائش سنة 1927

هاجر بوسلهام بأسرته إلى مدينة القصر الكبير في شتنبر 1948 مكرها بعدما فسخ شراكته مع رفيقه قاسم السوسي الذي ظل على صداقة وثيقة معه، ليواصل تجارته الأولى (اللحوم/الجلود)، فربط شراكاته التجارية مع أعيان منطقة القصر الكبير آن ذاك "الرميقيين" وامتلك فندقه الخاص عام 1949، وظل كذلك إلى حين وفاته ليدفن بمقبرة مولاي علي بوغالب بالقصر الكبير سنة 1985.

هكذا وبكل بساطة طويت صفحة بوسلهام من سجلات تاريخ مدينة العرائش، لقد اختار الانسحاب والنفاذ بجلده بسبب التضييق الكبير الذي مارسه عليه خالد الريسوني باشا المدينة الذي كان ينفذ تعليمات سلطات الاحتلال الرامية إلى عدم السماح بنمو برجوازية محلية قوية قادرة على تمويل المقاومة، وتحجيم دور السكان الأصليين حتى لا يشكلوا خطرا يهدد استقرارهم بالمنطقة مما نتج عنه الكثير من القمع وفرض السيطرة الكلية على المال والسلطة، بينما تمسك قاسم السوسي بمكتسباته داخل المدينة وحافظ على شركة النقل بعد أن فظ شراكته مع مؤسسها بوسلهام الخزعاني، مستفيدا من الحصانة التي تمتع بها من خلال الحماية الأمريكية التي تحصل عليها من خلال صداقة قوية بين المرحوم قاسم السوسي والقنصل الأمريكي بطنجة آن ذاك، الشيء الذي خول له التحرك بحرية تجاريا وماليا واجتماعيا بالمدينة لدرجة جعلته في يوم من الأيام يرفع سلاحه الشخصي في وجه الباشا الريسوني نفسه مهددا إياه على مرأى و مسمع من عامة الناس.

 
قنطرة ألفونسو 13 التي دشنت سنة 1929 و استبدل اسمها بقنطرة مولاي الحسن و ألغي استعمالها بعد بناء القنطرة الجديدة




صور لمحطة الحافلات بباب المدينة حيث يوجد مكتب لبيع التذاكر


المصدر :
رواية شفهية موثقة بالصوت و الصورة لنجله الأصغر الحاج علال عزلي بالجريدة الإلكترونية العرائش أنفو عرضت بتاريخ 12 أكتوبر 2016.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق