الاثنين، 7 أغسطس 2017

كرونولوجيا ساحة التحرير بالعرائش ومحيطها العمراني



    محمد عزلي
 

هذا التحقيق أردت من خلاله جمع المعطيات المتوفرة لدي من خزانة الصور الفوتوغرافية والمواد المصدرية المتاحة من الأرشيف الإسباني لوضع تصور عن التطور الكرونولوجي لساحة التحرير ومحيطها العمراني، ففي غياب أرشيف رسمي يوثق تاريخ هذا الفضاء المميز من تراثنا الثقافي المادي المعاصر، وجدت نفسي أغوص في متاهات الروايات الشفهية والصور غير المؤرخة والإشارات والقراءات المتفرقة هنا وهناك من إصدارات ومنشورات بعض العرائشيين الإسبان مثل (سيرخيو بارسي، ولويس ماريا كازورلا) أو حتى من اجتهادات بعض الباحثين والمهتمين المحليين مثل ذ. شكيب الفليلاح، ذ. عبد الحميد بريري، ذ. حسام الكلاعي وآخرون.. كما استقيت الشيء الكثير من الروايات الشفهية لوالدي (علال عزلي من مواليد 1929) الذي عاصر مرحلة مهمة من تاريخ هذه المدينة وعايش أسرار فضاءاتها بأحداثها وشخصياتها. لكن اعتمادي الأكبر كان على الصور المؤرخة، والتي كانت "على قلتها" حاسمة، لأنه من خلال المقارنات بين الصور، كانت تلك المؤرخة هي الفيصل في وضع الإطار الزمني لصور أخرى أعطتنا بشكل أوضح ثمار هذا التصور.

 

·       قبل القرن العشرين

كانت ساحة التحرير قبل الاحتلال الإسباني للمدينة سنة 1911، عبارة عن سوق عرف بأسماء عديدة وهي:

1.      سوق دْبارّا: تماما كما هو عليه الحال بمدينة طنجة، بمعنى السوق الخارجي (خارج أسوار المدينة)، أما السوق الداخل أو السوق الداخلي فهو ما نعرفه اليوم بالسوق الصغير.

2.      السوق الكبير: ويقابله داخل المدينة السوق الصغير كما سبقت الإشارة.

3.      الرحبة: لأن أغلب الباعة كانوا يفترشون الرحبة (أي الأرض المنبسطة المفتوحة).

4.      سوق الخميس: إذ عرف بكونه سوقا أسبوعيا يقام كل يوم خميس، وكان البدو يحجون إليه من جل المناطق المجاورة لعرض منتجاتهم وبضائعهم (الصورة 1).

إن تسمية (باب المدينة) هو اسم حديث، أما الأسماء الأقدم فنذكر أهمها تراتبيا حسب التطور الزمني على الشكل التالي: "باب البادية، باب المعسكر، باب البر، ثم باب الخميس نسبة إلى سوق الخميس الذي كان يقام بساحته" (الصورة 2).

 

شهدت الساحة على معارك مجيدة من تاريخ المغرب الحديث، خاصة خلال محاولات تحرير العرائش من قبل مجاهدينا الأبطال، كالمجاهد "العياشي" و"الخضر غيلان" و "علي بن عبد الله الروسي"(1) والقائد أحمد بن حدو البطيوي الذي تحررت العرائش على يديه في الفاتح من نونبر 1689 زمن السلطان مولاي إسماعيل.

 

·       القرن العشرين

بعد احتلال إسبانيا للعرائش سنة 1911، شرعت سلطات الحماية في تنفيذ "مشروع التوسعة" (Ensanche) الذي جعل المدينة تنتقل بسرعة إلى مصاف الحواضر العصرية ومدنية القرن العشرين، وقد شكل المجال العمراني لساحة التحرير بمسماه الحالي أحد أبرز فواكه المشروع، وفيما يلي ترتيب زمني للمباني الرئيسية المحيطة بساحة إسبانيا.

 

1)   الكازينو العسكري 1914 / 1916 (الصور 3 و4 و8 و9 و11 و16)

يتعلق الأمر ب EL CASINO ESPAÑOL  أو EL CASINO MILITAR هكذا كان يعرف زمن الحماية، دشن عام 1914 وافتتح عام 1916 من قبل العقيد الإسباني الشهير قائد قوات الاحتلال الميداني للعرائش والقصر الكبير سنة 1911، فرنانديز سيلفستري "Coronel Fernández Silvestre"، هذا الأخير نزل إلى العرائش خصيصا لهذه المناسبة قادما من مدريد حيث كان يشغل منصب مستشار الملك في الشؤون الحربية في تلك الفترة التي تزامنت مع الحرب العالمية الأولى، وكعرفان للمؤسس وضعت صورة تشكيلية زيتية كبيرة للعقيد وسط الصالة الكبيرة، وبقيت هناك لمدة طويلة حتى بعد الاستقلال، عرف المبنى تعديلات إنشائية ومجالية وجمالية ليأخذ شكله النهائي سنة 1918، عرف المبنى تعديلات أخرى وإصلاحات سنوات 1920، 1926، و 1964. وقد اعتبر المكان طيلة مرحلة الاحتلال الإسباني ملتقى نخبة المدينة، حيث كان يشهد لقاءات قادة الجيش وضباطه مع أباطرة التجارة والصناعة ومستخدمي السلك الدبلوماسي أو القنصلي والأطباء والمحامين وكبار الموظفين وأبرز شخصيات المدينة وأعيانها، وقد كان ينعته البعض ب "ملتقى النبلاء"، ومن الطبيعي في مكان كهذا أن نجد كل الإمكانيات مسخرة لتحقيق أفضل شروط الراحة والفخامة، قبل أن يتحول دوره الوظيفي بعد الاستقلال إلى دائرة إدارية إسبانية.

وفي 11 من فبراير سنة 1964، ومن أجل تجديد الحياة بالمبنى، شكلت لجنة إسبانية رفيعة المستوى بعد أن تم إدماج دائرة إسبانيا بالعرائش مع جمعية الإسبان بالعرائش، ترأسها كل من Pedro Gomendio بيدرو كومينديو، Pérez de los Cobos بيريز دي لوس كوبوس، José Torca Domínguez خوسي توركا دومينغيز، وMariano Sabater Sendín ماريانو ساباتير سيندين (2).

تم هدم البناية في أوائل تسعينيات القرن العشرين لتحل محلها عمارة سكنية، (الصورة 5).

 

2)   بناية سنترال 1918/1920 (6 و7 و8 و10 و11)

شيدت بناية سنترال (نسبة إلى مقهى سنترال) بعد اكتمال بناء الكازينو العسكري سنة 1918 (الصورة 4)، ليظهر سنه 1920 في شكله النهائي المعروف اليوم (انظر الصورة 8)، وقد اشتهرت البناية ذات الهندسة الإكلكتيكية (Arquitectura Ecléctico) زمن الحماية باحتضانها لبنك بلباو، ومطعم البئر "Restaurante El Pozo" (الصورة 6)، كما اشتهرت كذلك بعد الاستقلال بنادي الموظفين ومقهى سنترال (الصورة 7)، هذين الأخيرين كانا بمثابة المنتدى الذي تقصده النخبة العرائشية، من مثقفين وجمعويين وأساتذة وفنانين، في هذا الفضاء العمومي سال مداد غزير شعرا ونثرا، بكل اللغات، وبأقلام محلية وأخرى عالمية، ومنها قصة قصيرة من نوستالجيا المكان ذاته، كتبها ذ. عزيز قنجاع ووسمها "يوم صارت مقهى سنطرال جنة"(3).

 

3)   بناية سيرفانتيس 1918/1921 (الصور 8 و9 و10 و11 و16)

يتعلق الأمر ببناية ذات نمط معماري نيو عربي، تتألف من مجموعة من تشكيلات الأقواس على شكل حذوة حصان مدببة، تحيل على النمط المعماري الموحدي، كانت في الماضي تنتهي ببلاط أخضر اللون على لوحات المفاتيح، لم يعد بارزا اليوم ضمن المنظر العام للبناية، تنتظم أقواس النمط الموحدي في مجموعة من الصواعد المعمارية وعلى طول الطابق الأرضي، تحيل على أسلوب بناء الأبراج بمدينة قرطبة الأندلسية، تنتهي ببروزات معمارية ذات شكل نباتي. البناية تم المزج فيها بين الأشكال الهندسية المعمارية العربية الأصل مع المكونات الإنشائية التي تطغى على العمارة الأوربية، تظهر لنا في فتحات النوافذ المستطيلة الشكل التي نجد نظيرا لها في بنايات المدينة العتيقة للعرائش، أيضا نسجل استخدام القرميد الأخضر في تزيين الواجهة المطلة على ساحة التحرير وتشكيلة النوافذ الأوربية نقلا عن العمارة المغربية الأندلسية، البناية المعروفة بعمارة سيرفانتيس تتوفر على 04 مداخل رئيسية، و04 وحدات سكنية كبرى تتفرع عنها مجموعة من الشقق العصرية، والواجهة المطلة على الساحة كانت ذات طبيعة وظيفية خدماتية إذ ضمت فندق سيرفانتيس. وهي اليوم تعرف بمقهى الوجه الجميل، مع العلم أن الفندق لازال هناك وتحت نفس الاسم (4).

تم تشييد المبنى في الفترة ما بين 1918 و1921 حسب المقارنات التي أجريتها على مجموعة الصور الفوتوغرافية التي أكدت عدم وجود البناية قبل انتهاء بناء الكازينو عام 1918 (الصورتان 3 و4)، ومن جهة أخرى ظهرت البناية في شكلها النهائي سنة 1921 وهو نفس العام الذي سيشهد بداية أشغال تشييد فندق إسبانيا وبناية ليكسوس (الصور 8 و10 و11).

 

4)   بناية فندق إسبانيا 1921 (الصور 10 و11 و12 و16)

شيد مبنى فندق إسبانيا على الأرجح بين سنتي 1921 و1922 وذلك اعتمادا على الصور الفوتوغرافية التي توثق عملية البناء والمؤرخة سنة 1921 (الصور 11 و 16)؛ يندرج البناء المكون من طابقين حسب د. أنطونيو برافو نييتو المختص في تاريخ الهندسة المعمارية ضمن الهندسة الإكلكتيكية (انتقائية) "Arquitectura Ecléctico"، وهو اتجاه في الهندسة المعمارية يعتمد على مزج عناصر مستعارة من أنماط مختلفة، و/أو حقب مختلفة من تاريخ الفن والعمارة، ظهر في أوربا بين ستينيات القرن التاسع عشر وأواخر العشرينات من القرن العشرين.

ويذكر ذ. حسام الكلاعي في مدونته الإلكترونية Historia de Larache en Fotos نقلا عن كتاب "Fransisco Franco, un siglo de España" للكاتب ريكاردو ديلا سييرفا، أن فندق إسبانيا الجميل، الكلاسيكي، والفاخر أسس بداية من سنة 1926 من قبل السيدة أمبارو ماس  Doña Amparo Mas التي قضت من جراء حادث سير، ثم خلفها وأكمل مسيرتها ابنها فيديريكو (الصورة 13)؛ وقد استضاف فندق إسبانيا عبر تاريخه الذي قارب القرن من الزمن كبار الشخصيات والمشاهير، نذكر منهم للاستئناس فقط كل من الزعيم الإسباني الجنرال فرانكو الذي زار العرائش عدة مرات، وكان في كل مرة ينزل بهذا الفندق تحديدا، والكاتب الفرنسي الشهير جان جوني الذي توفي ودفن بمدينة العرائش، وكان فندق إسبانيا مكانه المفضل (5)(6).

 

5)   مبنى ليكسوس 1921 (الصور 10 و11 و14 و16)

بدأت أشغال تشييد المبنى المكون من طابقين والمعروف تداولا بين سكان مدينة العرائش ب "ليكسوس" سنة 1921 تقريبا بالتوازي مع فندق إسبانيا كما توضحه الصور الفوتوغرافية، إلا أن بناءه استغرق وقتا أطول من قرينه؛ تصنف البناية معماريا ضمن الهندسة "النيوعربية" (Néo Arabeوهو طراز معماري إحيائي بلغ أوج انتشاره عالميا في القرن 19، وتم الاعتراف به رسميا سنة 1900، تبناه العديد من المعماريين الغربيين الذين تأثروا بتفاصيل جمال العمارة الإسلامية عموما والمغربية الأندلسية خصوصا، وذلك من خلال المشاريع العمرانية الاستعمارية، ويعتقد الدكتور "أنطونيو برافو نييتو" المتخصص في تاريخ الهندسة المعمارية في شمال المغرب أن المبنى من أعمال المهندس "كوتييريس ليسكورا"، فيه مزج عبقري بين العمارة الأندلسية والمغربية الموحدية، خصوصا في تشكيلات النوافذ التي تأخذ شكل حدوة حصان يزين حاجبها زليج أخضر، إن خصوصية هذا الطراز تبدو واضحة في بعده الروحي الإسلامي، فحُرْمَة النافذة مثلا مرتبطة بالحياة الخاصة والغيرة الشرقية على الحريم، يقول المهندس الفرنسي "جاك غيوشان" أحد أشهر أعلام هذا الطراز العمراني: "نأخذ مثال النافذة، فهي عنصر جد هام يفرض خصوصيته في المبنى، بالنسبة للمغاربة فهم يريدوها صغيرة ونادرة، حتى يتسنى للشخص أن يأخذ مكانهُ فيها... أما نحن فنريدها كبيرة وكثيرة، حتى نترك الهواء والضوء يدخلان بصورة واسعة... يجب البدء في البحث داخل العمق أحسن من التوقف على الشكل، أي بمعنى آخر التوغل في فلسفة الفنون الإسلامية لكي نستخرج الأهم "؛ وتجدر الإشارة إلى أن المبنى تم ترميمه وإعادة تأهيله سنة 2015 على يد مستثمر محلي محافظاً على شكله الإنشائي الأصلي، وأعيد إصلاح الفضاء السفلي كاملا ليشكل ما سمي في عهد الاستقلال ويعرف حاليا بمقهى ومطعم ليكسوس.

اشتهر المبنى زمن الحماية بمقهى وحانة La Vinícola فينيكولا، ثم المقهى المغربي الإسباني Café Hispano-Marroquí وبجانبه Casa Martínez عند مارتينيز، ويذكر الحاج علال عزلي (رئيس دائرة العرائش في الشبيبة والرياضة سابقا، من مواليد 1929) عن المكان، أنه كان ملتقى للتجار المغاربة والإسبان واليهود على السواء، من أرباب المواشي وتجار الجملة (فحم، لحوم، جلود، قمح، صوف، قطن، توابل، فلين، بيض..) وهي التجارة التي عرفت رواجا وازدهارا من خلال حركية الاستيراد والتصدير الذي ميز النشاط التجاري لمرسى العرائش، خاصة عبر خط "العرائش/كاديس" وهو الأمر الذي تؤكده العديد من الأرشيفات الإدارية الإسبانية؛ فكان من الطبيعي أن تجد بالمكان تشكيلة من رموز السلطة المحلية كالباشا خالد الريسوني وأعوانه، وسلطات الحماية ممثلة في بعض عساكرها خاصة من الفاسدين الذين استغلوا نفوذهم للضغط على أصحاب الرساميل المغربية وبالتالي ابتزازهم وفرض إتاواتهم المجحفة عليهم، ويضيف السيد علال في هذا الصدد أن معظم هؤلاء المغاربة الذين عرفوا في عين المكان بسيطرتهم على تجارة الجملة القادمة من بوادي المنطقة كانوا من أصول أمازيغية من منطقة الريف (روافة)، وكان فرضاً على كل تاجر منهم أن يجد له حماية مناسبة من أصحاب النفوذ أو من تمثيليات القنصليات الأجنبية، وإلا فإنه معرض لا محالة للتضييق والحيف (7).

 

6)   مبنى الكتبية 1921 / 1922

عرف هذا المبنى في أوساط عموم الساكنة المحلية بالعرائش زمن الحماية بالبناية الوسطى Edeficio Central، وهي اليوم معروفة بالكتبية نسبة إلى اسم المقهى الذي يشغل طابقها الأرضي (الصورة 15)، طرازها المعماري يندرج ضمن المدرسة الهندسية "النيوعربية"، وقد شيدت في بداية العشرينات من القرن الماضي ضمن مشروع التوسعة الإسباني "Ensanche" في المكان الذي تحول من (السوق دبارا) خارج أسوار المدينة إلى ساحة إسبانيا سابقا (ساحة التحرير حاليا)، ينسجم الشكل الجميل للمبنى مع تشكيلة العمائر الأنيقة المحيطة بالساحة، ويحظى بشخصيته المستقلة وطابعه المتفرد شأنه شأن باقي المباني أيضا، وهو آخر ما بني في النصف الجنوبي من المجال العمراني لساحة التحرير، بدليل الصور الفوتوغرافية الجوية العديدة التي أظهرت مكان البناية شاغرا أثناء أشغال بناء كل من فندق إسبانيا ومبنى ليكسوس سنة 1921 (الصورة 11)، ثم بين 1921 و 1922 ظهرت ملامح واضحة للقطعة الأرضية لمبنى الكتبية وهي في طور التجهيز لوضع الأساسات، بينما الأشغال في فندق إسبانيا ومبنى ليكسوس في مراحل متقدمة (الصورة 16).

احتضنت البناية في عهد الحماية أشهر محل لبيع وخياطة الملابس للمدنيين والعسكريين على السواء "Mi Sastre" كما عرفت أيضا بمقهى وحانة سيلفا Cafe Bar Selva أو ما عرف بعد الاستقلال ب "بار الكعبوري"، وقد تطبع المكان بزبناء الطبقة الوسطى ممن تسمح لهم إمكانياتهم احتساء المشروب وممارسة ألعاب الحظ، خاصة تلك المتعلقة بنتائج كرة القدم، اشتهر المكان كذلك بكونه احتضن مقر نادي باطروناطو العرائش الرياضي الذي تغير اسمه إلى نادي العرائش لكرة القدم، قبل أن يتحول بعد الاستقلال إلى نادي شباب العرائش.

 

7)   ساحة التحرير 1923 (الصور 28)

بدأت سلطات الحماية ببناء السوق المركزي (البلاصا) (7) بداية من العام 1924 لتضع حدا نهائيا لحقبة سوق الرحبة بباب الخميس (باب المدينة)، الأمر الذي مهد لبداية تهيئة ساحة إسبانيا التي تغير اسمها بعد الاستقلال إلى ساحة التحرير وذلك خلال زيارة المغفور له الملك محمد الخامس لمدينة العرائش رفقة نجليه الراحلين جلالة الملك الحسن الثاني والأمير مولاي عبد الله طيب الله ثراهم أجمعين، في 10 أبريل 1956 قادما إليها من إسبانيا، ثلاثة أيام بعد استقلال المنطقة الخليفة من الاحتلال الإسباني في 07 أبريل 1956.

توضح الصور (1-2-3-11-12-16-17-18-19-20-21-22-23-24-25-26-27) كرونولوجية شكل الساحة منذ بداية القرن 20 (قبل الاحتلال) إلى الآن، إذ تحول الفضاء من سوق كبير به مترس عسكري، إلى ساحة ترابية فارغة، ثم فضاء للألعاب والترفيه مع أماكن استغلت من طرف المقاهي، قبل أن تتم تهيئة الساحة ذات النافورة الكولونيالية والحدائق والأشجار على نمط ساحات بلاد الأندلس حيث الفن والأناقة والذوق الرفيع من تشكيلة الرسومات الملونة إلى الصور الرخامية التي تصور أهم معالم المدينة على جنبات النافورة، إلى أن تم إعادة التهيئة أواخر الثمانينات بالنافورة الزليجية الزرقاء مع تقليص كبير من حجم مساحة المناطق الخضراء في الساحة، ثم إعادة التهيئة سنة 2008 لتصبح ساحة صلعاء من الخضرة بنافورة لا ملامح لها مع تغيير هندسة الساحة التي فقدت شكلها البيضاوي عندما ألغي الطريق على مستوى نصف الساحة الشمالي، مما جعلها تفقد دورها وجماليتها وروح مجالها، ثم أعيدت التهيئة مرة أخرى سنة 2015 لتحسين شكل الساحة وإعطائها بعضا من الرونق بتحديد شكل للنافورة وإضافة حيز بسيط من الاخضرار والإنارة.

وفي سنة 2017 أعيد تهيئة الساحة مرة أخرى لكن في اتجاه استرجاع الشكل العام النموذجي الأول بفارق تغيير الذوق الكولونيالي بآخر مغربي إسلامي تراثي روعي فيه عودة الشكل الأصلي للنافورة الرئيسية والأعمدة المرافقة كما عادت الخضرة إلى المجال الداخلي والخارجي بإضافة مساحات خضراء ومجموعات جديدة من النخيل لتعطينا في النهاية شكلا أنيقا بالليل والنهار يتناسب إلى حد ما مع نمطية المجال والمحيط العمراني الموريسكي الجميل.

 

8)   مشور الأقواس وباب المدينة الجديد (الصور من 20 إلى 27)

يتعلق الأمر بما كان الإسبان يسمونه (باسيو دي يوبيا) (Pasillo de lluvia) بما معناه ممر واقي من الأمطار، وهي بناية من أقصى يمينها إلى أقصى يسارها تشكل النصف الشمالي لمحيط ساحة التحرير، وهي اللبنة الأخيرة وجوهرة العقد التي تزين المجال برمته، تعد في كليتها مشروعا واحدا للمهندس خوسي لاروسيا (Jose Larrucea) استوحاها من شكل السوق الصغير الذي يتموقع مباشرة خلفها يفصل بينهما سور القرن 17، وتتكون من بنايتين أساسيتين جانبيتين بنيتا على مرحلتين، الأولى نهاية العشرينيات (الصورة 20) والثانية سيستكمل فيها الجزء الغربي في الثلاثينات (الصورة 22) يتوسطهما الجزء الأجمل والأهم وهو باب المدينة الجديد، وتشكل البناية في مجملها الحلقة الأجمل في المجال العمراني لساحة التحرير.

تحتضن البناية اليوم 30 محلا تجاريا من طابق واحد أرضي، 16 محلا شرق باب المدينة و 14 غربها، خلف أروقة مسقفة بعقود يعلوها 46 قوسا، 22 غربا و 24 شرقا إضافة إلى القوس 47 الأكبر والأشهر وهو قوس باب المدينة المعاصر، تقف هذه الأقواس على ما مجموعه 55 عمود، 25 غربا و 30 شرقا إضافة إلى عمودي باب المدينة، وتنفتح على ساحة التحرير والجزء الأخير من شارع محمد الخامس المقابل لمبنى سنترال، فكان أسلوب البناء المعماري على الطراز الكلاسيكي الحديث "Néoclassique ".

يعلو هذه الأروقة مجمع سكني من طابق واحد باستثناء الواجهة المطلة على شارع محمد الخامس والمستمرة إلى غاية مطعم التجاري تتكون من طابقين (الصور 20-21-22)، هذه المساكن لها 9 مداخل للولوج، 6 شرق باب المدينة و3 غربا، بنيت بادئ الأمر بشرفة عريضة على طول المشور كما توضحه نفس الصور (20-21-22)، ثم سيتوسع المبنى في مرحلة لاحقة على حساب الشرفة ليلغيها نهائيا لتصل أخيرا إلى الشكل الحالي كما هو واضح في الصور من 23 إلى 27 *.

* البيانات التفصيلية بأرقامها سجلناها بالمعاينة الميدانية.

1.       محمد عزلي، مقال "ماذا نعرف عن ساحة التحرير " العرائش أنفو 17 ماي 2016.

2.       محمد عزلي، مقال "الكازينو العسكري الإسباني بالعرائش" 11 نونبر 2016 http://larachearchives.blogspot.com

3.       عزيز قنجاع، "يوم صارت مقهى سنطرال جنة" http://larachearchives.blogspot.com/2017/07/blog-post.html

4.       شكيب الفليلاح "مبنى سيرفانتيس بالعرائش" 15 نونبر 2016 http://larachearchives.blogspot.com

5.        El Hotel España. http://larache-historia.blogspot.com 03/01/2010.

6.       http://www.hotelespanalarache.com

7.       شهادة شفوية بلسان الحاج علال عزلي (رئيس سابق لدائرة العرائش في الشبيبة والرياضة) مسجلة بخزانة المرئيات في جريدة العرائش أنفو الإلكترونية.

مصادر ومراجع:

·       Vial de Morla, «España en Marruecos: La Obra Social», Instituto de Estudios Africanos, Madrid 1947.

·       Francisco Javier Bueno Soto. «Larache y La Mamora: dos fortificaciones españolas en tiempos de Felipe III». Aldaba, 2010. 34, 51-96

·       Posible catálogo de Arquitecturas de Larache, Propuesta realizada por D. Antonio Bravo Nieto Doctor en Historia de la Arquitectura.

·       أرشيف خزانة المكتبة البلدية العامة بالعرائش.

·       خزانة جمعية أرشيف العرائش لتوثيق التراث الثقافي والبحث التاريخي.

·       خزانة جمعية القصبة للنهوض بالتراث الثقافي للمدينة العتيقة بالعرائش.

·       مدونة الكاتب الإسباني سيرخيو بارسي.

·       مدونة تاريخ العرائش بالصور للأستاذ حسام الكلاعي.

·       المعروضات الوثائقية للموقع الإلكتروني Delcampe.

·       المعروضات الوثائقية للموقع الإلكتروني Todocoleccion.

·       المكتبة الرقمية الإسبانية (ميغيل دي سيرفانتيس).

·       المكتبة الرقمية لوزارة الدفاع الإسبانية (bVd).


صورة 1، السوق الخارجي ( ساحة التحرير حاليا )

صورة 2، باب الخميس و هو الباب الرئيسي سابقا ( باب المدينة )

صورة 3، الكازينو العسكري أيام سوق الخميس و قبل تشييد بناية سرفانتيس

صورة 4، تثبت وجود الكازينو دون وجود بقية مباني ساحة التحرير المعاصرة

صورة جوية لمدينة العرائش حوالي عام 1916، قبل تهيئة ساحة التحرير و الشرفة الأطلسية، يظهر فيه بوضوح حصن الفتح الذي تحول آنذاك إلى مستشفى، كما تظهر أبنية لم يعد لها وجود الآن أشهرها تلك المحاذية للبحر و التي هدمت وقامت مكانها بناية (مقهى العربية) وكذلك الكازينو العسكري الذي هدم بدوره وبنيت مكانه العمارة السكنية التي تظم مقاهي (بلكون أتلنتيكو، ديليس، بالوما ...) إضافة إلى تلك المستودعات الكبيرة والقديمة التي أزيلت بعد تحويل السوق وتهيئة المجال العمراني المعاصر لساحة التحرير، ومن جهة أخرى يظهر خليج المرسى قبل إنشاء الحواجز الصخرية.

الصورة التقطها Marcelin Flandrin وهو فرنسي من مواليد عنابة الجزائرية عام 1889، انتقل إلى المغرب عام 1901، وتطوع للخدمة العسكرية عام 1912، كان مصورا محترفا استخدمه الجيش الفرنسي خلال حرب الريف، فقام بإعداد سلسلة من التقارير، ثم استخدم لنفس الغرض في الحرب العالمية الأولى، خدم في سلاح الجو وكانت صفته مراقب جوي يوثق المعارك ومواقع القتال.

انتقل إلى الدار البيضاء وعاصر تطورها العمراني بين عامي 1921 و1931، فنشر ألبومه عام 1929 تحت عنوان "الدار البيضاء من 1889 إلى الوقت الحاضر"، كما نشر قبل ذلك عام 1921 ألبوم "السفر الجوي بين الدار البيضاء وفرنسا"، ثم في عام 1922 عرضت صوره بمعرض مرسيليا خصوصا تلك التي تتعلق بالمغرب، ثم نشرها في كتاب تحت عنوان "Nordafrica" ​​عام 1924 تضمنت أعماله وأعمال Rudolf Lehnert، وفي عام 1926 قام بتغطية الزيارة الرسمية للسلطان مولاي يوسف إلى فرنسا.

كان Marcelin Flandrin أحد أشهر منتجي البطاقات البريدية عن المغرب، كما كان أيضا أول من استخدم التصوير الجوي في المغرب.


صورة 5، العمارة السكنية التي حلت محل الكازينو

صورة 6، مطعم سنطرال

صورة 7، مطعم البئر El Pozo

صورة 8، مبنى سنترال سنة 1920 مكتمل بينما مبنى سرفانتيس في مراحله النهائية قبل عملية الطلاء.

صورة 9، بناية سرفانتيس بجانب الكازينو في فترة سوق الرحبة

صورة 10، أشغال بناء فندق إسبانيا و مبنى ليكسوس بالتوازي سنة 1921

صورة 11، أشغال بناء فندق إسبانيا و مبنى ليكسوس بالتوازي سنة 1921، بينما بناية سنترال تعج بالحركة، أما بناية سرفانتيس فقد جهزت للتو و تعرف آخر اللمسات قبل التسليم.

 
صورة 12، فندق إسبانيا سنة 1926

صورة 13، السيدة أمبارو مؤسسة فندق إسبانيا مع ابنها فيديريكو
 
صورة 14، مبنى مقهى ليكسوس بعد الترميم و إعادة التأهيل

صورة 15، مبنى الكتبية أو البناية الوسطى Edeficio Central حاليا

 صورة 16، بين 1921 و 1922 تظهر فيها ملامح واضحة للقطعة الأرضية لمبنى الكتبية و هي في طور التجهيز لوضع الأساسات، بينما الأشغال في فندق إسبانيا ومبنى ليكسوس في مراحل متقدمة.


الصورة 17، ساحة التحرير قبل 1911

الصورة 18، ساحة التحرير بعد فترة السوق 1924

الصورة 19، بداية تهيئة الساحة أواسط العشرينيات

الصورة 20، شكل الساحة في الثلاثينات

الصورة 21، الأربعينات

الصورة 22

الصورة 23، ساحة التحرير بعد الاستقلال

الصورة 24، السبعينات

الصورة 25، التسعينات


الصورة 25 مكرر، تهيئة 2008، ساحة التحرير بنسخة صلعاء

الصورة 26، سنة 2016

الصور 27، 2017

الصور 28، سنة 1923، بداية تهيئة ساحة إسبانيا مع ملاحظة اكتمال بناء كل البنايات الجنوبية (الكازينو، سنطرال، سيرفانتيس، إسبانيا، ليكسوس، و الكتبية) وعدم وجود مشور الأروقة الشمالية حيث لازال سور القرن 17 واضحا بجانب الباب القديم للمدينة كما يلاحظ عدم وجود السوق المركزي (البلاصا) الذي ستبدأ أشغال البناء فيه عام 1924


 حلقة لسرد الروايات في ساحة البوكار تحت أنظار عناصر من قوات الاحتلال الإسباني في بداية القرن العشرين، ويظهر حصن الفتح في حالة ممتازة في الفترة التي تحول فيها إلى مستشفى عسكري 
















1930


1938















السيد مولودي بوسيف أقصى يسار الصورة أول عامل لصاحب الجلالة على إقليم العرائش بعد أن أعيدت العمالة للمدينة سنة 1985، يقف على النافورة الكولونيالية القديمة لساحة التحرير في آخر لحظاتها قبل هدمها

1987






 1999







2005


2015



2017




4 صور داخلية من بهو مبنى الكتبية بعدسة: عبد السلام الصروخ 2020                          


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق