الأربعاء، 28 يوليو 2021

خزانة أرشيف المغرب تتعزز بهبة جديدة قوامها 400 وثيقة

 

 

تسلّمت مؤسسة أرشيف المغرب –بالرباط، صباح اليوم، الأربعاء 28 يوليوز 2021م، أرشيفات الدكتور يونس السباح الخاصة، والتي احتوت على نحو 400 وثيقة عدلية مختلفة، تعود لأكثر من قرن من الزمان.

وقد تمّ توقيع اتّفاقية منح هذه الأرشيفات بين الطرفين، الواهب- الدكتور يونس السباح، ومدير المؤسسة- الدكتور جامع بيضا، وحفظت هذه الهبة بمؤسسة أرشيف المغرب تحت اسم: "مجموعة يونس السباح".

إن هذه البادرة الطيبة والشجاعة التي أقدم عليها الدكتور يونس السباح الباحث في مركز عقبة بن نافع بطنجة التابع للرابطة المحمدية للعلماء، تحتاج لتعزيز وتعميم أكثر، لتعمّ الفائدة، ويحصل النفع بإتاحتها لعموم القراء والباحثين، ولعل مؤسسة أرشيف المغرب لخير حاضن لمثل هذه المبادرات سواء الفردية أو المؤسساتية، لما عرف عنها من جودة خدماتها، وتعميم المواد للطلبة الباحثين، واستقبال زوراها بكل أريحية، ولمزيد من التعريف بهذه المجموعات، خصصت لهذا الغرض مجلة أرشيف المغرب التي تصدر عن المؤسسة سنويا.

وقد علق الدكتور عبد العزيز الساوري عن الموضوع بقوله: "تحتفظ مؤسسة أرشيف المغرب بالرباط على مجموعات أجنبية ومغربية خاصة، على سبيل المثال: وثائق السيد بول ريكار متفقد الفنون الأهلية ومدير متحف الآثار بفاس.... أيام الحماية الفرنسية.... والحق أني استفدت كثيراً من هذا الأرشيف في مجال صناعة التسفير في المغرب.... ثم أرشيف الشيخ محمد عبد الحي الكتاني رحمة الله عليه (ت 1382 ه‍) .... وغيرها من المجموعات الخاصة التي تضمها المؤسسة..."

كل التقدير والامتنان لفضيلة الأستاذ الدكتور يونس السباح على هبته النافعة والباقية، ولفضيلة الأستاذ الدكتور جامع بيضا وفريق عمله الكبير، على الجهود المثمرة في خدمة مؤسسة أرشيف المغرب وما تقدمه من نفع ودفع للحقول المعرفية وحفظها النموذجي للذاكرة الوطنية والإنسانية.







الخميس، 22 يوليو 2021

المغرب من خلال اسبانيا الرسمية واسبانيا الواقعية 1906 – 1898

مواقف الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية الاسبانية من القضية المغربية عند نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين

الجزء الأول

د. يوسف أكمير 

باحث في تاريخ العلاقات المغربية الاسبانية وأستاذ بجامعة ابن زهر/ أكادير

سنتناول  في هذا العمل مواقف مختلف الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية الاسبانية تجاه المغرب عند نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين، وما كان لهذه المسألة من تأثير على القرارات الحكومية و ردود فعل هيئات المجتمع المدني. كل ذلك لنسائل بعض الأطروحات التي لم تُولِ للمسألة المغربية الاهتمام المستحق معتبرة أنها شأن ثانوي ينساق بشكل عفوي مع تاريخ إسبانيا السياسي والاجتماعي المعاصر. 

   1-الحزب اللبرالي الإسباني

لم تـكـن مـسـألـة الإصـلاح في إسـبـانـيـا –خـلال المـرحـلـة الـتي نحـن بـصـدد دراســتــهــا-تــقـــتضــي الــتــخــلــص من الماضي؛ بل كانت بمـثـابـة حافز يجعل الدولة تُعيد النظر في ما حدث لها في كوبا سنة 1898، حتى تتمكن من الوقوف على العراقيل التي حالت -ولازالت-تحول دون تقدم ﺇسبانيا. وهي المسألة التي أثّرت في اللبراليين بشكل مباشر؛ إذ توجب عليهم التصدي لمختلف اﻹتهامات التي وجهت إليهم. فحسب ساﮔـاسطا "Sagasta"، "كانت الدولة بصدد مواجهة معضلة كبيرة، ﺇما الحرب بجميع نتائجها أو التعرض للذل والإهانة".

لم يكن تصريح رئيس الحكومة اللبرالية حول هزيمة 1898 مقنعا بالنسبة للمعارضة التي انتقدت بشدة واقع الحزب اللبرالي الذي كان يمر بأسوء لحظاته التاريخية. فالضغوطات التي تعرض لها ساﮔـاسطا وزملاؤه جعلته يتنازل عن السلطة.

شهد الحزب اللبرالي اﻹسباني في بداية القرن العشرين جملة من التغييرات المهمة؛ كما أن مواقف بعض أعضائه المتميزين على الساحة السياسية أمثال موريط، ومونتيرو ريوس "Montero Ríos"، وكــنــالــيــخــاس"Canalejas "، وﭬـــيــانــويـــﭭــــا "Villanueva"، ورومـــانـونـيـس "Romanones" ورفائيل ﮔـاسيط "Rafael Gasset" أسـهـم في بـروز تـوجـهـات مخـتـلـفـة داخـل الحـزب. وبـعـد وفـاة سـاﮔــاسـطــا تطورت الأوضاع بـشـكـل واضـح، إذ طـفـت على الـسـطح بـعـض الخـلافات التي تعود إلى النزاع حول رئاسة الحزب بين موريط ومونتيرو ريوس. 

هـيـمـنـت الانـشـقـاقـات داخـل الحـزب اللبــرالي خــلال الــفــترة المــمــتــدة مــا بــين يــونــيــو 1905 ويــنــايــر 1910، إذ تشكلت خمس حكومات ليبرالية في غضون سنتين. وقد تكرر الوضع نفسه ما بين أكتوبر 1909 ويناير 1910. واقترح أعضاء بارزون في الحزب على الملك ألفونسو الثالث عشر عزل موريط وتعيين كناليخاس. وعموما فالظرفية التي أضحى يعيشها الحزب اللبرالي، أسهمت بشكل كبير في جزء من تلك التحولات التي عرفها المجتمع الإسباني.                                         

جاء انتشار الوعي السياسي غير الرسمي في مختلف أنحاء البلاد، ليؤكد على الطابع الانتهازي والمتأصل لحكومة التناوب. وكان ذلك عندما قررا الحزبان المتناوبان على تسيير دواليب الدولة وإعادة النظر في مخططاتها. فالحزب اللبرالي مثلا قد تبنّى هذه المرّة برنامجا أكثر مرونة يوفّق فيه بين التقرب من تيارات اليسار التقدمي من جهة واليـمـين المحـافـظ مـن جـهـة ثـانـيـة، والـذي يـشـاركـه مـهـام الـتـنـاوب الحـكـومـــي. فــهــو يــراهــن عــلــى إمكانية التــواصــل مع التكتلات اليسارية غير الملكية دون قطع العلاقات مع نظام التناوب الحكومي أو التقليل من الدور الوقائي للجيش. ويـبـدو إذن أن الـسـيـاسـة الـتي راهـن عـلـيـها اللبراليون لا تقل دهاء عن غيرها، إلا أنها تفتقد اﻹنسجام من خلال تلك الخلافات الحاصلة بين أهم أعضاء الحزب.

2-1 –اللبراليون والقضية المغربية

تـقـلّـد سـاﮔـاسـطـا زعـيـم الحـزب اللــبرالي مــن جــديـد في شـهـر مـارس 1901 رئـاسـة الحـكـومـة الإسـبانية. فـعـين الـدوق المـودوﭬﺎر "Duque de Almodóvar" وزيـرا للـدولـة في الخـارجـيـة. وبـعـد خمـسـة أشـهـر من تشكيل هذه الحكومة اللبرالية الجديدة نشر زعيم الحزب المحافظ فرانثيسكو سيلفيلا Francisco Silvela" مقالا في إحدى المجلات تحت عنوان: "القضية المغربية" "La Cuestión de Marruecos" عالج فيه تدخل ﺇسبانيا في الشؤون المغربية بطريقة مثيرة للجدل في أوساط الرأي العام الإسباني. ولم تمر إلاّ لحظات على نشر هذا المقال حتّى جاء الرد على لسان وزير الدولة في الخارجية، الدوق المودوﭬﺎر الذي عبر عن رفضه للموقف المحافظ بخصوص قضية المغرب معتبرا أن "المقال افتقد إلى المصداقية؛ وصاحبه يطمح إلى وضع اللبراليين أمام التزام حقيقي ومعقد تجاه الدولة".


"دوق المدوفار " DUQUE DE ALMODÓVAR ،  تقلد منصب وزير الخارجية خلال عهد الحكومة الليبرالية وهو من أهم الشخصيات التي أثرت بمواقفها وأفكارها في المشهد السياسي الاسباني ما بين 1898 و 1902.

    وتلقى اللبراليون سنة 1901 أولى العروض المتعلقة بتقسيم المغرب من فرنسا. وقد كان للمراسلات المتبادلة ما بين وزير الدولة في الخارجية وسفيره في باريس دورا كبيرا في التخفيف من حدة الاكتئاب الذي خلفته هزيمة 1898، عن طريق التخطيط لمشروع استعماري جديد في الضفة المقابلة لمضيق جبل طارق. وأولى هذه المـراسـلات هـي الـتي بـعث بها سفير ﺇسبانيا في باريس فرناندو ليون ﺇكاستيو "Fernando León y Castillo" إلى وزير الدولة الإسباني، يخبره فيها بأن الحكومة الفرنسية مستعدة للتعامل حصريا مع إسبانيا بخصوص تقسيم محتمل للمغرب. وقد أدلى السفير الإسباني في هذا الصدد بالتصريح التالي:"إن للحكومة الفرنسية وباتفاق مع الصحافة والرأي العام لديها اقتناع بأنها ستهيمن على شمال إفريقيا وأن سيطرتها لا يمكن مقارنتها بأية وضعية أخرى، وسيكون ذلك بالحرص على حقوق إسبانيا في النسق السياسي والجغرافي والتاريخي مع ضرورة التنسيق والتعاون أثناء تعامل أمتنا مع تلك الجمهورية.

كان اليبراليون على وعي تام بما قد يثيره العرض الفرنسي فيما يخص مسألة تقسيم المغرب من انعكاسات جد وخيمة. ﻟﺬلك فضّلوا تناول هذه المسألة بشكل عقلاني قبل الخوض في أية مغامرة استعمارية. أما وزير الدولة الدوق المودوﭬﺎر فقد أدلى في أكثر من تصريح بأن حكومته مطالبة بحل مشاكلها الداخلية قبل الاستعداد لأي مشروع توسعي، وأنه "يجب أن نهتم أولا بإعادة بناء اقتصادنا وعتادنا العسكري حتى نقوم بمشروع استعماري في ظروف جيدة".

إن العرض الذي قدمته فرنسا لإسبانيا بخصوص تقسيم المغرب كان مغريا للغاية. وقد أبلغ ليون ﺇكاستيو حكومته بموافقته على ما اقترحته فرنسا، محذّرا إياها من النتائج التي قد تترتب عن رفضه.

   وكانت الحكومة اللبرالية على وعي بالتوتر الدولي الذي أثارته القضية المغربية، فاتفاق محتمل بخصوص التقسيم يمكن أن يترتب عنه ردود فعل قوية من طرف قوى أوروبية أخرى لديها مصالح في المغرب. وقد دفعت الظـرفـيـة الـسـائـدة بـالـوزيـر المـودوڤـار، الى مـراسـلـة سـفـير إسـبـانـيـا في بـاريـس لـيـبـدي مـوافـقـتـه عـلـى مـشروع التقسيم مع فرنسا، شريطة ضمان الأمن والتصدي لأية ضغوطات أو تهديدات أجنبية. وقد عبر عن ذلك قائلا: "يصعب على إسبانيا إفشال مخططات فرنسا ومنعها من الحصول على فوائد أو أراضي في المغرب. وسيتم منعها بالتأكيد، ليس فقط لمعارضة الجمهورية الجارة أو الحيلولة دون تقدمها؛ بل أيضا لتجنب قوات أخرى تطالب بتعويضات وتبحث عنها بالتحديد في الأقاليم التي تعتقد ﺇسبانيا بأن لها الحق في امتلاكها [...] ثم إن العلاقات المعقدة بين المسألة المغربية والتوازن في البحر المتوسط جعلت منطقتنا مركزا لكل تلك الأطماع، ﻟهذا أبدت إسبانيا تخوفها من الخطر اﻟﺬي يهددها في حال عدم الاعتراف بمصالحها نتيجة التصرف الذي تبنته فرنسا".

عموما فتخوف الحكومة اللبرالية من صراع دولي بخصوص قضية تقسيم المغرب خفف من حدته ذلك الاقتراح الفرنسي الطموح؛ حيث طلب وزير الدولة اﻹسباني من نظيره الفرنسي الأخذ بعين الاعتبار الاقتراح الأول والسماح ﻹسبانيا بأن تستولي على منطقة جد شاسعة. واشترط المودوﭬﺎر أيضا أنه لتوقيع المعاهدة مع فرنسا يجب أن تحتل إسبانيا الأقاليم المغربية التالية: "مجرى نهر أم الربيع انطلاقا من مصبه في الأطلس حتى مدخله إلى قبائل بني ﻣـخيلد، كلها تبقى تابعة لمنطقتنا؛ بالإضافة إلى قبائل ايت يوسي الممتدة على طول نهر ملوية حتى مصبه في البحر المتوسط، ويبقي من نصيب ﺇسبانيا كذلك: فاس ومكناس وﺇقليم الشاوية، وأما فرنسا فسيكون من نصيبها مراكش وتافيلالت، وﺇقليم عبدة ودكالة واﻹقليم الشاسع ما بين ملوية والحدود الجزائرية".

نجحت الحكومة اللبرالية الإسبانية في الضغط على نظيرتها الفرنسية. والتي أبدت استعدادها لتعديل عرضها الأول والتنازل عن جزء أكبر مما طالبت به إسبانيا في دجنبر من سنة 1901. ففي المراسلة التي بعث بها ليون ﺇكاستيو إلى وزيره في الدولة، أبلغه فيها بأن " "ديلكاسي "Delcassé " أظهر شخصيا رغبته في التوصل إلى حل مع ﺇسبانيا بخصوص قضية المغرب مثله مثل أعضائه في مجلس الوزراء الذين تقبلوا بدورهم تعديل اﻹقتراحات السابقة، موافقين على أن تكون مدينة فاس داخل منطقة نفوذنا وكذا كل المجال الممتد بينها وبين المنطقة الفرنسية".

كـانـت المـعـاهـدة اﻹسـبـانـيـة الـفـرنـسـيـة المـتـعـلـقـة بـتـقـسـيم المغرب جاهزة في نونبر سنة 1902، ولا ينقصها إلاّ تـرخـيـص وزارة الـدولـة اﻹسـبـانـية لتدخل حيز التطبيق. لكن بوصول المحافظين في دجنبر من السنة نفسها إلى الحكم، تم تبني موقف مخالف بشأن ما يتعلق بالمسألة المغربية، إذ رفض كل من رئيس الحكومة الجديدة ووزير الدولة في الخارجية توقيع المعاهدة مع فرنسا محاولين بذلك عرقلة مخططات السياسة اللبرالية. وقد أثــارت أسـبـاب رفـض تـوقـيـع مـعـاهـدة 1902 جدلا كبيرا بين سياسيي المرحلة. فاللبراليون لم يترددوا في انتقاد الموقف المتهاون واللامسؤول الذي تبناه المحافظون تجاه هذه المسألة، إذ طلب الدوق المودوﭬﺎر توضيحات حول رفض الرئيس المحافظ لتلك المعاهدة. كما انتقد في إحدى الرسائل المتبادلة مع زعيم الحزب المحافظ، فرانثيسكو سِلْـﭭِـيلا "Francisco Silvela" عدم توقيعه للمعاهدة مع فرنسا بعد أن كان مدعوما من طرف منبر المعارضة.  ثم إن عدم ثقة الرئيس المحافظ بنفسه وخوفه وعدم درايته بالتقسيم المتنازع عليه جعلهم يضيعون فرصة لا تعوض، وهو ما علق عليه الدوق المودوﭬﺎر قائلا: "الدعم الدبلوماسي الفرنسي لم يبْدُ لسيادتكم كافيا لضمان اتفاق مؤكد. أنا لم أطلب أكثر ولم أوافق أبدا على أمور من شأنها أن تؤدي إلى عواقب وخيمة محتملة الوقوع. ثم إن الحكومة اللبرالية التي انتميت إليها رفضت بشكل قطعي حل القضايا المتعلقة بامتداد نفوذنا الشرعي في المغرب بطرق غير دبلوماسية".

عموما يمكن القول، إن الحزب اللبرالي سيّس بشكل كبير مشروع معاهدة 1902 غير الموقعة. وقد يكون من السذاجة اعتقاد أن انتقادات المودوﭬﺎر لرئيس الحكومة المحافظة كانت تستجيب لغيرته الوطنية فقط. واستغل اللبراليون رفض المحافظين لذلك المشروع لشن حملة معارضة ضد الحكومة. وبهذه الطريقة فقط سينجحون في البرهنة على تفوقهم أمام منافسيهم لتولي السلطة. إن الكلمات التي وجّهها المودوﭬﺎر إلى سيلفيلا كانت كفيلة بأن تفسر لنا خصوصية هذا السياق: "بينما حضراتكم لم تكسبوا الثقة في قدراتكم الخاصة بدون سبب يذكر، فقط لمجرد أنكم ضعفاء نحن على الرغم من ذلك خضنا تجربة سياسية نشيطة، كل واحد حسب طاقاته وقدراته الاستيعابية، وهو بالنسبة الينا إنجاز حقيقي بدل التأسف على إخفاقات الشعب".

طغت الديماغوجية خلال العقد الأول من القرن العشرين على مواقف الحزب اللبرالي تجاه المسألة المغربية. واستغل نواب ومستشارو الحزب منابر البرلمان للتعبير عن اقتراحاتهم السياسية، بحيث خصصوا ما بين نونبر 1903 ومـارس 1904، خـطـابـا أكـدوا مـن خـلالـه عـلـى اهـتـمـام الـرأي الـعـام الإسـبـاني بـقـضـيـة المـغـرب، قـصـد الــضــغــط على الحكومة المحافظة من أجل إقناع كل القوى الأوروبية بضرورة الاعتراف "بحقوق إسبانيا في المغرب".

وتساءل الدوق المودوﭬﺎر في 24 نونبر سنة 1903 في أحد مقاعد المعارضة "حول ما ﺇذا قام المحافظون بجميع التدابير اللازمة حتى تبقى المصالح السياسية والتجارية واﻹقتصادية ﻹسبانيا في المملكة المغربية سليمة بشكل كلي"، واتهم الماركيز ﭬـيانويـﭭـا "El Marqués de Villanueva" في 16 دجنبر من السنة نفسها، الحكومة بالتهاون بخصوص التدابير المخصصة لمدينة مليلية. كما حذّرها أيضا من رداءة النظام الإداري والعسكري بتلك المدينة والذي سيهدد بما لا شك فيه مكانة إسبانيا وسيؤثر على مخططاتها التوسعية في المغرب.

إن مداخلات عضوي الحزب اللبرالي تشترك في نقطة واحدة ألا وهي معارضة السياسة المحافظة بخصوص القضايا ذات الصبغة الدولية عامة، وقضية المغرب على وجه الخصوص.

ترتب عن خيبة الأمل التي سببتها الاتفاقية غير المبرمة سنة 1902 خوف كبير من أن تخطط القوى الـكـبرى لاتـفـاقـيـة أخـرى بخـصـوص المـغـرب، دون أدنى اعـتـبـار لإسـبـانـيـا. فـفـي 21 مـارس من سنة 1904 انبعثت من مجلس الشيوخ أولى أصوات الاحتجاج، وكان ذلك عندما أدلى مونتيرو ريوس "Montero Ríos" في أحد تصريحاته بأن هناك إشاعات حول إبرام بعض الاتفاقـيـات بـين فـرنـسـا وبـريـطـانـيـا الـعـظـمـى. وأن نـفـس الإشـاعـات لم تستبعد إمكانية حدوث اتفاق بين حكومتي لندن وباريس حول مسألة المغرب.وتساءل السيناطوراللبرالي عمّا إذا "تأكدت الحكومة من ذلك الخبر بخصوص تلك الاتفاقية".

وقعت كل من فرنسا وانجلترا في 8 أبريل 1904 المعاهدة المتعلقة بمصير المغرب ومصر. وتحول هذا الحدث إلى قضية الساعة الأكثر تداولا بين أعضاء الحزب اللبرالي الإسباني. فمن منصة مجلس النواب تصاعدت أصوات المعارضة اللبرالية فاتهم الكونت رومانونيس "Conde de Romanones" الحكومة بأنها لم تتصرف حيال المعاهدة الفرنسية-الإنجليزية. وأدلى الكونت رومانونيس بالتصريح التالي: "نفى السيد وزير الدولة بأن تكون هناك مفاوضات بين فرنسا وانجلترا من شأنها أن تؤدّي الى معاهدة. وبالفعل، بعد مرور ثمانية أيام عن تلك المعاهدة المكشوفة ـ على لسان السيّد رودريـﮕـيث سان بيدرو "Rodriguez San Pedro" توجت المفاوضات حول المغرب بتوقيع اتفاق أثار حيرة واستغراب الجميع".

واعتبر الكونت رومانونيس في السياق نفسه أن الاتفاق الفرنسي-الإنجليزي ترتب عن الوضع المتردي الذي اتسمت به العلاقات بين فرنسا وإسبانيا منذ فشل مفاوضات 1902، مذكّرا وزير الدولة المحافظ بالمسؤولية التي يتحملها حزبه بخصوص تلك المسألة ومؤكدا أنه "إذا تم التأكد من الخبر الذي جاء على لسان السيد وزير الدولة فيما يتعلق بتلك المفاوضات حول المغرب، سنكون للأسف في وضعية تختلف عن التي نعيشها اليوم. ولو استمرت الحكومة المحافظة في المفاوضات التي بدأتها الحكومة الليبيرالية، لكانت قد انتهت منذ مدة، ولما وصلنا الى هذا الوضع الحزين ولسبقت المعاهدة الإسبانية -الفرنسية، نظيرتها الفرنسية-الإنجليزية".

أثارت معاهدة ثامن (08) أبريل 1904 حملة من الانتقادات تزعمتها مجموعة من النواب البرلمانيين اللبراليين. ففي جلسة سادس (06) يونيو، خصّص ﭬـيانويـﭭـا " Villanueva" مداخلته لإدانة التصرف اللامسؤول للمجلس التنفيذي الإسباني. فحسب رأيه، اعتقدت الحكومة المحافظة أن القضية المغربية، لن تعالج بدون تدخل إسبانيا، فدعّم أعضاؤها هذه الفكرة ضد كل الشكاوى ومطالب المعارضة؛ لكن صدمتها كانت كبيرة ومـؤلمـة. وأكـد الـنـائـب اللـبرالي أن المهتمين بالحـيـاة الـسياسية الإسبانية، وخصوصا منهم أعضاء الحكومة المحافظة، كلهم مطالبون بمساءلة ضمائرهم، بحيث علّق على ذلك قائلا: "اليوم نعيش أحداثا واتفاقيات تحتّم على إسبانيا امتحان ضميرها، بطريقة أو بأخرى. إن التذمر بعد فوات الأوان لا يفيد في شيئ، لذلك يجب على الحكومة التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاقية ترضي التطلعات الوطنية والتي من شأنها أن تثير شغفا واعتزازا باعتبارها تعالج جميع مشاكل الأمة الإسبانية".

في ثالث (03) أكتوبر من سنة 1904 وقع كل من سفير إسبانيا في باريس ليون إكاستيو، ووزير الشؤون الخارجية الفرنسي ديلكسي "Delcassé " الاتفاقية المتعلقة بالمغرب. وقد أثار توقيع الاتفاقية الفرنسية-الإسبانية إحساسا ممزوجا بالأمل والقلق. ولقي هذا الإنجاز استحسانا من طرف المعارضة، التي طالبت الحكومة بإيضاحات في شـأن بـنـود تـلـك الاتـفـاقـيـة. وهـو مـا دفع ببعض اللـبرالـيين إلى تـقـديم اقـتراحـات جـديدة تخص تطلعات إسبانيا في المغرب. واستغل النائب البرلماني مركيس دي ﭬـيانويـﭭـا "Marques de Villanueva" جلسة ثامن (08) أكتوبر للتـسـاؤل حــول الـنـظـام الـذي ســتـتــبــنــاه إســبــانــيــا عــنــد تـــوغــلــهــا في الــمــغــرب. وخلاصة القول، إن تساؤل مركيس دي ﭬـيانويـﭭـا لا يـعـكـس في واقـع الأمـر سـوى مـدى اهـتـمـام الحـزب اللــبرالي بـالمـخـططـات الـتي يجب نهجها للتدخل في المغـرب واحتلال أراضيه.

الجمعة، 2 يوليو 2021

"الباسخيرو": أعرق نشاط بحري بمدينة العرائش


      بقلم: عبد الحميد بريري


"باسخيرو"PASAJERO باللغة الاسبانية تعني الراكب وتطلق تداولا؛ حسب المتعارف عليه بمدينة العرائش على الذي يقوم بنقل العابرين بين الضفتين بواسطة القارب وإلى حد قريب كانت الوسيلة الأساسية التي يتم بها نقل المتنقلين بين رقادة والمدينة وتنشط في فصل الصيف بنقل المصطافين من المدينة إلى رأس الرمل. وهي وسيلة أساسية أنشأ لها درج لتيسير عملية ركوب القوارب أوما يسمى بـ "سكاليرا" Escalera بالإسبانية إحداها برأس الرمل كانت تسمى ب "سكاليرا كومنديو"  نسبة لأحد المستثمرين الكبار الإسبان واحد المقاولين في صناعة السفن Pedro Gomendio  .وتداول هذه المصطلحات بالإسبانية ناتج عن هيمنة الأجانب الإيبيريين على صناعة السفن بالمدينة والتجهيزات البحرية وقد ظل اسم كونرادو سوسا CONRADO  كأشهر مقاول في الميدان إلى حدود السنين الأخيرة والذي كان له الفضل في تعلم أبناء المدينة هذه الصناعة وترك جيلا من الصناع العرائشيين. وكذلك اسم EMMANUEL GOUTIEREZ الذي كان مختصا في صناعة القوارب بأنواعها وورشته كانت مجاورة لمقر القنصلية الألمانية قرب مدرسة لالة منانة وانتقلت ملكيتها إلى مغربيين هما المعلم أحمد الكوفي والمعلم عبد القادر الخدير.

 كان العامل الأساسي لظهور هذا النشاط هو الموقع الجغرافي، حيث توجد العرائش في الضفة اليسرى لنهر اللوكوس ويحيط بها المحيط الأطلسي غربا ونهر لوكوس من الشمال والشرق ولا منفذا بريا لها  إلى من جهة الجنوب، فلا وصول إلى المدينة من الجهات الثلاث للقادم إليها إلا عبر وسيلة بحرية إما ركوب الباخرة أو القارب وما يصطلح عليه محليا"الباطيل". وحتى أن العمليات التجارية بمنطقة لوكوس قديما كانت تتم عبر القوارب لصلاحية النهر للملاحة لأميال تصل أحيانا إلى حدود مدينة القصر الكبير حيث لا يزال مكان على النهر هناك يسمى "المريسة" أي المرسى بالتصغير. وقبل إنشاء أول قنطرة للعبور إلى المدينة بالإنشاء الحديث كان التنقل عبر قوارب مربوطة فيما بينها؛ تشكل جسرا يعبرها سكان الضواحي من الجهة الشرقية للمدينة. فالعبور إلى العرائش للقادم من الشمال - خاصة من طنجة وأصيلا- يعتبر من أهم مراحل الطريق الساحلية التي تربط النقطة الرئيسية من الطريق المخزنية التي تربط فاس عبر القصر الكبير بطنجة حيث تبدأ من أحد الغربية عبر اصيلا فمفترق الطرق لالة الجيلالية إلى قرية خميس الساحل ثم العرائش عبر رقادة - رأس الرمل، ومن تم إلى قرية أكلا إلى قرب مركز مولاي بوسلهام (حاليا الدلالحة) إلى مركز جمعة لالة ميمونة إلى سوق أربعاء سيدي عيسى بن الحسن حيث نقطة الالتقاء الرئيسية الثانية مع الطريق المخزنية طنجة - فاس [1]

ومن أبرز الشخصيات التي أفصحت عنها المصادر التاريخية والتي عبرت النهر إلى العرائش عبر القوارب ومنهم كانوا سفراء وقناصل و رحالات وتجار؛ المتوجهين  إلى لقاء السلاطين بفاس أو للاستقرار بالمدينة أو زيارتها كالسفير البرتغالي إلى السلطان مولاي سليمان جوزي دي سانطو مورا Joze de Santo Antonio Moura سنة 1797م حيث يقول في يوميات رحلته وقد قدم من طنجة على الطريق الساحلية في إطار زيارة فتح أفاق التعامل التجاري بين المغرب والبرتغال:  " على السابعة وصلنا رحلتنا، وبعد مرور دقيقتين بدت لنا العرائش وفي الساعة الثامنة والنصف وصلنا  الى نهر المدينة حيث وجدنا في انتظارنا نائب القنصل الانجليزي والتاجر البرتغالي جوزي انسلمو دي ماسيدو وقد ركبت أنا والقنصل مع هذا الأخير على متن قارب كان في انتظارنا هناك. ونزلنا منه في الشاطئ، ومنه أخذنا إلى منزله حيث ضايفنا ضيافة ممتازة، بينما بقي نائب القنصل الانجليزي مع كاتب القنصل بالجهة الأخرى من النهر إلى أن تم نقل الأمتعة إلى هذه الجهة من النهر" [2] والرحالة الاسباني خوسي بوادا رومو José Boada y Romeu الذي ذكر في رحلته للمغرب ما بين 1889و1894م تنقله إلى العرائش عبر الطريق البرية الساحلية من طنجة قاطعا نهر لوكوس يركب البارجة   La barcaza   " كان على القافلة أن تنتظر عبور وادي لوكوس أو ليكوس أو ليكسوس فوق البارجة مع المضايقات والصعوبات المعتادة"[3]. وموظف المفوضية الأمريكية بطنجة ادمونت هولت EDMONT HOLT ما بين سنة 1907و1911 ويحكي الكاتب عن هذه الرحلة " وفي الطريق من أصيلة إلى العرائش كان على المؤلف وصحبه أن يعبروا نهر لوكوس في قوارب، وهي عملية صعبة لأن القارب لا يتحمل أكثر من دابة واحدة، ومن المعروف أن الحصان يرفض أن يمتطي القارب، فإذا امتطاه رفض أن يغادره " [4].

لذلك تعتبرعملية نقل الركاب ما بين ضفتي النهر تراثا محليا له امتداد تاريخي وضرورة جغرافية آنذاك، فالإبقاء عليه هو ربط لماضي المدينة وحاضرها ورمز للهوية الحضارية للمدينة.

 

1- Archives Marocains T/4(1905) les tribus de la vallée du lekkous  michaux bellaire  George salamon p: 26

2- المغرب والبرتغال أبحاث من الارشيف البرتغالي عثمان المنصوري مطابع الرباط نيت سنة 2017 ص: 142

3 -Viajes a Larache Mohamed LAABI publications Dar el - Laraïch 2007 p: 37

4 - جولات في مغرب أمس (قبيل الحماية) عبد المجيد بن جلون مكتبة المعارف الرباط ص: 29






الخميس، 1 يوليو 2021

ديور الحواتة حلم بنكهة الماضي

 


محمد الجزار

شيد حي ديور الحواتة سنة 1953 في فترة الحماية الإسبانية” la protectorat espagnol “” من قبل شركة راموس Ramos Garcia للتجهيز والبناء، بتمويل من” صندوق البحارة” الذي كانت تغطي مدخراته الاحتياجات الاجتماعية والصحية لبحارة العرائش، بل أكثر من ذلك كان يعنى بالأنشطة الثقافية والرياضية للبحارة. فلا غرابة أن يكون للبحارة خلال تلك الفترة فرقة مسرحية وفريق الميناء لكرة القدم الذي كان يشارك في دوريات عصبة الشمال ودوري المنطقة الأندلسية التي كانت مدن الشمال المغربي ضمنها، وذلك في فضاء ملعب” البرامل” الذي أصبح حاليا مقرا لعمالة العرائش، بالإضافة إلى مشاركتهم في الألعاب النهرية كسباق الزوارق والسباحة وغيرها، والتي كانت تقام كل صيف ضمن فعاليات المهرجان الثقافي لأسبوع العرائش” Semana de Larache”.

وحسب نظام القسمة المعمول به في توزيع مداخيل مراكب الصيد، فقد كان يرصد لصندوق البحارة قسمة واحدة أي ما يعادل 1٪ يتم اقتطاعها من كل مركب؛ نصف قسمة لدعم البحارة والنصف الآخر لأرباب المراكب، بالإضافة إلى صندوق الضمان الاجتماعي الخاص بالبحار ونسبة من الموارد المالية المستخلصة من مداخيل مكتب الصيد ” la Lunja ” تكون تحت تصرف المجلس الجماعي / البلدية ويتم تخصيصها لدعم المشاريع التنموية ذات النفع العام بالمدينة، كل ذلك بالنظر إلى الأهمية الاقتصادية الحيوية جدا التي كان يشكلها الميناء في تحريك العجلة الاقتصادية بالمدينة وما ارتبط آنذاك بالصناعات ذات الصلة بالصيد البحري كمعامل تصبير السمك وتجفيفه، والحركة التجارية النشيطة جدا بحكم الموقع الإستراتيجي للميناء ودوره في استقطاب البواخر الدولية التي كانت تفد محملة بكل أنواع السلع والمواد، حيث يتم تفريغها بواسطة الرافعات المعروفة ب ” البوجيات ” التي لم يعد لها وجود وتم اغتيالها كجزء من الذاكرة التاريخية الجماعية للميناء والمدينة، ويتم وضعها في “هنگارات ” كبيرة، وتحميلها بعد ذلك على متن قطار السلع الذي يربط بين العرائش والقصير الكبير.

تصوروا معي ما يمكن أن تحدثه نصف قسمة مقتطعة من كل مركب لدعم صندوق البحارة بنزاهة وشفافية وحب في البحار وفي العرائش التي كانت تحظى باهتمام خاص لدى الإسبان لدرجة لقبوها بجوهرة الشمال” La Perla De Notre”، وتخصيص موارده لخدمة مصالح البحارة الاجتماعية والصحية والثقافية والرياضية.

نصف قسمة كانت كافية لتشييد حي ديور الحواتة سنة 1953, وبعده حي الأجانب المعروف ب” ديور النصارى” سنة 1954. وهما من الأحياء العريقة بمدينة العرائش التي تتميز بفرادة خاصة من حيث بساطة البناء والشكل الموحد للمعمار الخارجي وعبق التاريخ البحري. ديور النصارى كانت خاصة بأرباب المراكب و” الرياس” والتقنيين وبعض المغاربة ممن لهم حظوة اجتماعية بين الإسبان.
وديور الحواتة المعروفة بالسفلى لأنها تقع على أرض واطئة وتحوطها البساتين و” الجنانات” والمستنقعات.، كانت خاصة ببسطاء البحارة من الكادحين الذين انحدروا من الأرياف المجاورة كرقادة وخميس الساحل وبني گرفط وريصانة ومولاي عبد السلام بن مشيش وغيرها. وهذا ما يوضح أسلوب البساطة الذي تحكم في تصميم هذه الدور من حيث المتانة المتواضعة للبناء والمساحة التي لا تتعدى 75 متر مربع، بحيث أن كل جناح يضم أربعة مساكن مستقلة ذات سقف قصديري وثلاثة أقواس وفناء داخلي مشترك للتهوية، بالإضافة إلى الاهتمام بالفضاء الأخضر، وهو عبارة عن مستطيلات خضراء طولية محاذية للشارع الرئيسي للحي (أنظر الصورة).

بعد ذلك – يا الهول! – جاءت مرحلة” ليگزورسيس”.

لا أريد التحدث عنها لأن الجميع يعرفها.

ما أقسى الذكرى حين تهرب منك وتتوارى في مجاهيل النسيان والغموض! لم نعد نطمح ونحن نتطلع إلى المستقبل وأمام هذا الجمال البهي الذي سطع ذات ذكرى من تلة ليكسوس وقد تدوزنت إشراقة الشمس بهدير البحر والمراكب ونشيد النوارس وهتاف البحارة وهذا الحنين الجياش الذي يسكننا الآن في أن يرجع ذلك الحلم، ذلك الماضي على الأقل.

 [نشر في موقع العرائش نيوز في 01 يوليوز 2021]