الخميس، 30 يناير 2020

مدرسة المسجد الأعظم منذ 1187هـ / 1773-1774م

محمد عزلي


مدرسة الجامع الكبير أو المدرسة القرآنية التابعة للمسجد الأعظم، من المرافق التي أمر ببنائها السلطان العلوي المجاهد سيدي محمد بن عبد الله بعد زيارته للمدينة سنة 1765م عقب معركة العرائش البحرية، يعود تاريخ تدشينها كما هو واضح على النقيشة الحجرية المثبتة فوق باب المبنى إلى العام 1187هـ، بابها الجميل الواضح في الصورة مشيد على النمط المعماري الأوربي الكلاسيكي، وهو في حاجة لرعاية وتثمين ورد اعتبار يناسب قيمته التاريخية وجماليته العمرانية.
في هذا الفضاء تحديدا أسس الحاج عبد السلام التدلاوي المدرسة الأهلية سنة 1937 رفقة الأستاذ عبد الرحمان مشبال، وبمساعدة نخبة من الوطنيين العرائشيين المخلصين الذين تشكلت منهم لجنة أشرفت على تسيير المدرسة في مرحلة التأسيس، وهم: (محمد بن المهدي، محمد الطرابلسي، عبد السلام بن محمد الجنوني، أحمد بن حيون، الحسن بنموسى، محمد الدمغة، الحسن الجباري)؛ وقد استطاعت المدرسة الأهلية بالعرائش بفضل هؤلاء الرجال أن تعيد شيئا من التوازن لنظام التعليم بالمدينة الذي كان مقتصرا زمن التأسيس على (المدرسة الإسبانية العربية) و (المدرسة الفرنسية العربية) وهما مؤسستان تعليميتان تخدمان مصالح وأهداف قطبي الاحتلال بالمغرب آنذاك، فكان المتخرجون من المدرسة الإسبانية يواصلون دراستهم في تطوان، بينما خريجي المدرسة الفرنسية يتابعون مسارهم في الرباط. أما تلاميذ المدرسة الأهلية فكان تعليمهم متشبعا بقيم الدين الإسلامي الحنيف، ناهلا من كل المعارف والعلوم، منضبطا لثوابت الأمة والوطن، الأمر الذي خلق انطباعا إيجابيا لدى الساكنة المحلية، وجعل من المدرسة الأهلية قبلة لجل أولياء الأمور من المغاربة والمسلمين.

الأربعاء، 29 يناير 2020

درب الرماة بالعرائش

درب الرماة بالمدينة العتيقة للعرائش
 نموذج يعبر عن اهتمام المخزن بعناصر الجيش المغربي عبر التاريخ


بقلم: ذ. شكيب فليلاح الأنجري


     يعود تأسيس درب الرماة المتواجد مدخله قبالة الباب الرئيسية للمسجد الأعظم بالسوق الصغير إلى النصف الثاني من القرن 18 م ، عقب انهزام الحملة الفرنسية على مرسى ثغر العرائش في يونيو 1765 م ؛ إذ عمل السلطان سيدي محمد بن عبد الله على الاهتمام بمدينة العرائش وتهيئتها حضريا وتحصينها عسكريا . ومما أمر به السلطان تزويد البطاريات الساحلية للمدينة بآلة الحرب الدفاعية خاصة المدافع و المهاريس ، هذه الأخيرة تم جلب عدد مهم منها من مدينة مكناس تحت إشراف الأمير مولاي زيدان ابن السلطان سيدي محمد بن عبد الله . ويروي أبو خالد الناصري في الجزء الثامن من كتابه الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى، قصة جر المدافع إلى ثغر العرائش والاحتفال الكبير الذي أقامه أهل هذا الثغر المجاهد لها يوم وصولها . وبطبيعة الحال ، فقد تم جلب عدد مهم من ضباط وجنود فيلق المدفعية (الطبجية) بالجيش المغربي الذين كانوا  - حسب العديد من المصادر – من أصول عرقية وأجناس مختلفة خاصة التركية منها، لمباشرة مهام تشغيلها وصيانتها والإشراف عليها.  ولفائق العناية التي كان يوليها السلطان سيدي محمد بن عبد الله للعنصر البشري العسكري ولعمليات الجهاد البحري فضلا عن حرصه على سلامة وأمن الثغور الساحلية، عمل العاهل المغربي على ضمان استقرار عناصر الطبجية بالمدينة هم وذويهم وأسرهم، فأمر ببناء مساكن و دور ملائمة لهم في الحي المعروف باسمهم الوظيفي درب الرماة الذي يعود تأسيسه للنصف الثاني من القرن 18م، على جزء من طريق الحراسة الذي يعود لبداية القرن 17م الرابط بين باب المدينة وحصن القديسة مريم (حصن النصر).
يمتد درب الرماة على مساحة حوالي 2282 متر مربع، ويرتفع عن سطح البحر ب: 25 متر، يتكون من ممر رئيسي واحد يتخذ شكل حرف L باللغة اللاتينية، يتفرع عنه ثلاثة دروب مغلقة ضيقة، يتم الولوج إليه عبر باب تشبه في منظرها العام ونمطها المعماري باب القصبة الوطاسية المؤرخة بالقرن 15م ، مكونة من بنية إنشائية صلبة تعتمد على الآجور الأحمر (المارسيسو) ،ذات مدخل كان في الأصل مغطى بسقف خشبي (الأسلوب الإنشائي المعروف بالورقة) حسبما تدل على ذلك الآثار المتبقية، مقابل لباب المسجد الأعظم. و يتموقع درب الرماة بين ممر الحراسة لأسوار القرن 17م وساحة السلاح (القرن17م) أو فضاء السوق الصغير(القرن 18م). يتكون من حوالي 25 منزلا لا تتجاوز مساحتها 80 مترا مربعا، لم تعد محافظة في معظمها على بنيتها المعمارية الأصلية نتيجة للتغييرات التي طالتها جراء توالي عمليات الإصلاح الخاصة عليها من قبل مستغليها. كما أن درب الرماة فقد العديد من أبواب المنازل الخشبية من تلك المتأثرة بالنمط المعماري الأندلسي والتي تتميز بها أحياء المدينة العتيقة وتضفي عليها رونقا جماليا – معماريا خاصا؛ إذ تم إحصاء حوالي 05 أبواب من أصل 25 بابا تم تغييرها. لا نجد بدرب الرماة  منشئات معمارية ذات طابع وظيفي-اقتصادي لكون الحي – كما أسلفنا- كان حيا سكنيا بامتياز، و لربما قربه من الفضاء التجاري للسوق الصغير أغنى مخططيه عن التفكير في إحداث محلات تجارية بتصميمه. إلا أننا مع ذلك نجد عند مدخله جهة اليمين 03 محلات صغيرة لا تتجاوز مساحتها 15 مترا مربعا لا نعلم على وجه التحديد ما النشاط الذي كان يمارس بها زمن التأسيس، إلا أننا بالمقابل تدلنا الرواية الشفوية - التي تعود بنا ذاكرتها لفترة العشرينيات من القرن 20م - على الأنشطة الحرفية التي احتضنتها المحلات الثلاث، والتي ركزت على حرفة الحياكة والنسيج المعتمدة على مادة الصوف بالأساس.
      وهذا جرد للعائلات التي سكنت درب الرماة خلال نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينيات من القرن 20 م، والتي تحيل بعض أسمائها لأصول عائلات توارثت مهنة الطبجية. تم الاعتماد في إعدادها على استنطاق الذاكرة المحلية الحية والتوسل إلى الرواية الشفوية كمصدر للتأريخ . الذاكرة هو السيد عبد السلام بن علال بن محمد الزغرات المراكشي الأصل العرائشي المولد والموطن، المعروف بين الساكنة ب : "أبا اعليلو" ، نزح والده علال بن محمد الزغرات من مدينة مراكش نهاية القرن 19 م زمن السلطان مولاي الحسن الأول، واستقر بدرب الرماة من ثغر العرائش، و به ولد صاحب الرواية عام 1922 م . ويبلغ من العمر 94 سنة إلى حدود سنة 2016 م ، زمن استنطاق ذاكرته . وللإشارة فإن السيد عبد السلام الزغرات كان لا يزال يتمتع بصحة جيدة وذاكرة صلبة، :زمن ولحظة استنطاقنا لذاكرته الشفوية، ومن الولوعين بالموسيقى الأندلسية وفني المديح النبوي والسماع الصوفي، تغمده الله تعالى بواسع رحمته.

العدد
اسم العائلة أو صاحب الدار
طبيعة الوظيفة
ملاحظات
01
دارعائلة خنخور
من قادة المدفعية
من الراجح أن هذه العوائل من أحفاد قادة المدفعية الذين جاؤوا مع المدافع التي نقلت من مكناس إلى العرائش تحت إشراف الأمير مولاي اليزيد، وأنزلهم السلطان سيدي محمد بن عبد الله بدرب الرماة بعد بنائه لهم، أو من عوائل القادة الذين استقروا بالمدينة قبل عملية تأسيس درب الرماة، واستفادوا من مساكن بهذا الأخير بعد تهيئته، بحكم طبيعة وظائفهم العسكرية
02
دارعائلة العسري
من قادة المدفعية


03


دارعائلة المسامري


من قادة المدفعية
04
دار عائلة المكناسي
رئيس مرسى العرائش
***************
05
دار عائلة المؤذن
نجار
****************
06
دار عائلة الحبابي
***************
لم تتمكن الذاكرة المستنطقة من تذكر نوعية عمله.
07
دار عائلة العواد
***************
لم تتمكن الذاكرة المستنطقة من تذكر نوعية عمله.
08
دار بردعية
**************
لم تتمكن الذاكرة المستنطقة من تذكر نوعية عمله.
09
دار عائلة اجزناي
**************
لم تتمكن الذاكرة المستنطقة من تذكر نوعية عمله.
10
دار عائلة الهاروجي
مقدم الطريقة الحمدوشية بالعرائش
الكائنة زاويتها بدرب المسيد بن عبد الكريم بحي القبيبات .
11
دار بوعزة
مسؤول بالبنك المخزني
*******************
12
دار العافية
مؤذن بالمسجد الأعظم
لا تزال فروح لهذه العائلة تقطن بدرب زنقة الغريسة بالمدينة العتيقة
13
دار عائلة الدمغة
قائد بمنطقة بني جرفط
******************
14
دار عائلة اكويرة
عدل
كان له محل بسماط العدول بالسوق الصغير

15

دار عائلة الطرابلسي
**************
المنزل الذي وجدت عند مدخله عدد 02 مدافع مطمورة من نوع كاروناد المؤرخة بمنتصف القرن 18 م .
16
دار خابوطة
***************
لم تتمكن الذاكرة المستنطقة من تذكر نوعية عمله.
17
دار عائلة الوعدودي
القيم على المسجد الأعظم
******************
18
دار عائلة بن الطاجين
قايد بالمحلة الخليفية
*******************
19
دار الشويردي
عرف عن أجداد هذه العائلة اشتغالهم كأمناء بمرسى العرائش حتى فترات متأخرة من القرن العشرين
وباستماعنا إلى عدد من أحفاد هذه العائلة تبين لنا أنهم لم يسكنوا بدرب الرماة قط، ولربما صاحب الرواية أعلاه، التبس عليه الأمر لكبر سنه.
20
دار الحاجة البيضاوية
خبازية
كانت تبيع الخبز عند مدخل درب الرماة بالسوق الصغير
21
دار عائلة بن سرغين
معلم مختص في الزليج
من فقراء الطريقة الحمدوشية
22
دار عائلة الكنوني
تاجر
*******************
23
دار عائلة الكوش
تاجر
اشتغل كذلك في نظارة الأوقاف
24
دار الزناكية
حياكة صوف الزرابي
يتعلق الأمر بامرأة حرفية لها ورشة للزرابي بمنزلها
25
دار عائلة عبد السلام الزغرات
أمين بائعي الخضر
اشتغل فيما بعد ببلدية العرائش
26
دار عائلة محمد الطنجاوي
صاحب مقهى
كانت له مقهى تعرف بمقهى الخمسي في شارع المسيرة قبالة مقهى الوطني

إشارة: نرجو من الأخوة والأخوات جزاهم الله كل خير، ممن ينتسبون للعوائل المذكورة في الجدول أعلاه، أن يتفضلوا بالاتصال بنا قصد مزيد من الضبط للرواية الشفوية، حول المعلومات التاريخية المتعلقة بهم، قصد تدقيقها، وتأكيدها، إذ لا يمكننا بأي وجه من الوجوه اعتماد رواية الذاكرة الشفوية الواحدة كمصدر مؤكد لواقعة تاريخية أو للتعريف بشخصيات مدينتنا التليدة التاريخ، وهو ما حدث معنا في حالة عائلة الشويردي؛ التي التبس دون شك على صاحب الرواية الشفوية الأمر؛ حول استقرارهم بدرب الرماة وطبيعة المهنة التي كان يمتهنها أجدادهم في تلكم الفترة التاريخية، الأمر الذي تداركناه عبر اتصال من العائلة المذكورة، تنفي ما ورد على لسان الذاكرة الشفوية (المرحوم عبد السلام بن علال بن محمد الزغرات المراكشي الأصل العرائشي المولد والموطن)، الأمر الذي اعتبرناه مناسبة جد حسنة لتدقيق المعلومة لدينا بالأساس، مشكورين على ذلك. كما أننا نود التأكيد للعائلة التي أوردنا مثالا عنها ولباقي العوائل الأخرى الواردة بالجدول ممن سكنوا درب الرماة، أن أي خطأ أو معلومة يرونها غير صحيحة عنهم رواها صاحب الذاكرة الشفوية، إنما هي منشورة لغرض التدقيق التاريخي فيها، ويا حبذا لو تتفضل هذه العوائل بتزويدنا بوثائق ودلائل تاريخية، تساعدنا على ضبط تاريخ مدينتنا خاصة الاجتماعي منه، حتى يتسنى لنا كتابة مادة تاريخية مضبوطة محكمة إن شاء الله تعالى، مع خالص احترامنا وعظيم تقديرنا لكل الواردة أسماؤهم رحمة الله تعالى عليهم، سواء أكان ذو مهنة أو وظيفة سامية أو بسيطة، فلكل دوره في ترابط الحياة الاجتماعية لا يستغني هذا عن ذاك. نسأل الله عز وجل سداد الرأي وأن يفتح لنا بصرنا وبصيرتنا.