الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

أسوار مدينة العرائش




تصميم لثغر العرائش أواخر القرن 17 يوضح كيف أصبح شكل المدينة بأسوارها وأبوابها وحصونها ومكوناتها العمرانية الرئيسية المدنية والعسكرية بعد الاحتلال الإسباني

أسوار ثغر العرائش بين المجد و اللحد

    محمد عزلي

تختلف الروايات عن الزمن الحقيقي لبناء أسوار مدينة العرائش أول مرة، فهناك من يذهب إلى أن من أسس لها هو السلطان عبد الحق المريني (1195–1217م) عند تشييد القصبة المرينية، وهناك من يربطها بالتحصينات الوطاسية في القرن 15 لأهم الثغور المغربية وعلى رأسها العرائش، وفي غياب أبحاث أركيولوجية تحسم الأمر بشكل قاطع، فالراجح أن تسوير القصبة وتشييد برج اليهودي بشكله الدائري الأول تزامن مع فترة بناء القصبة نفسها بغرض تحصين ثغر العرائش في عهد الدولة المرينية على يد السلطان يعقوب بن عبد الحق (1258/1286م) ثم أضيفت تعديلات وتحصينات دفاعية جديدة وبالتالي أسوار جديدة في القرن 15 على يد الوطاسيين الذين أعادوا تعمير المدينة وتحصينها سنة 1491 بعد أن أخليت من سكانها عام 1471م، ثم السعديين في القرن 16 الذين أسسوا نظاما دفاعيا قويا تمثل في بناء حصن البحر وحصن البر (الفتح والنصر) بعد نصر معركة وادي المخازن الكبرى، وفي مستهل القرن السابع عشر و تحديدا في العام 1610م، تنازل السلطان السعدي محمد الشيخ المأمون عن ثغر العرائش إلى الملك فيليب الثالث بموجب اتفاقية ثنائية، فأخذت قوات الاحتلال الإسباني على عاتقها مهمة تقوية وتوسيع دفاعات المدينة، وعليه تم إيفاد مهندسين عسكريين من المملكة الإسبانية، (بوتيستا أنطونيللي، وخوان دي ميدثيا). صمم أنطونيلي نظما للتحصين يستند في أطرافه على أبراج القرن 16 بما فيها القصبة، أما من الواجهة البرية فقد أكمل بناء أسوار أخرى على الضفة الجنوبية لمصب وادي لوكوس، محددا بذلك مجالا داخليا واسعا. أما ميدثيا فقد حاول تنفيذ تصميم حضري سطحي يلاءم حاجة المعمرين بأقل تكلفة ممكنة، كما ساعد على إيجاد مقر للقيادة العسكرية بين القصبة وباب المدينة، ثم عمل على تمركز مختلف المباني العسكرية بالمنطقة، مما أدى إلى تسهيل سبل تنمية حي البحارة ومنطقة باب البحر، لتصبح المدينة متحصنة وراء أسوارها المحكمة والتي كان لها أبواب سبعة وهي، 1 باب المدينة 2 باب البحر 3 باب سان أنطونيو (البطيوي) 4 باب المرسى 5 باب القصبة 6 باب الروى 7 باب الغريسة. كما كان لها أبراج وحصون منيعة نذكر منها أهمها، "الفتح، النصر، اليهودي، بو القنادل، سيدي ميمون، لالة زوينة" وقد أخذت هذه الأبراج أهميتها بشكل أكبر في زمن السلطان مولاي إسماعيل والسلطان سيدي محمد بن عبد الله اللذان عملا على تطوير المدينة وزيادة مناعتها بوصفها أحد أهم ثغور المملكة، كما عرفت أيضا أبراجا أخرى أصغر سميت على أسماء القادة العسكريين المسؤولين عنها من رجالات العرائش الأبطال مثل "اكزناي، الرزامي، البطيوي، خنخور، حجاج، بوحسينة" والتي أزالها المستعمر الإسباني في فترة الاحتلال الثانية خلال القرن العشرين واستولى على معداتها ومدافعها.
كل هذه دلالات على أهمية ثغر العرائش وطنيا وإقليميا بل وعالميا، ومدى استماتة الدولة المغربية على اختلاف الأسر التي حكمتها في الدفاع عنها من الأطماع الخارجية "عثمانيين، برتغال، إسبان، فرنسيين، هولنديين، نمساويين، ألمان.."  وبطولات المجاهدين البواسل الذين دحروا الغزاة في صولات وجولات مجيدة من تاريخنا التليد.
لكن للأسف تكالبت الأسباب والتبريرات لطمس تراث هذه المدينة واختفت أغلب أسورها المنيعة بين هدم ودفن، أو بين إهمال وتشييد عمران فوق بنيتها الإنشائية حتى أصبح في أماكن معينة جاثما داخل المنازل المأهولة بالسكان، وذلك بداية من القرن العشرين على يد الاحتلال الإسباني من خلال مشروع التوسعة وإلى غاية يوم كتابة هذه السطور.

باب المدينة القديم قبل عهد الحماية والسور الذي اختفى بين المنازل الجديدة التي بناها المستعمر في إطار مشروع التوسعة







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق