‏إظهار الرسائل ذات التسميات تاريخ اجتماعي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تاريخ اجتماعي. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 27 سبتمبر 2024

الحاج احمد الطود


الأستاذ الفنان الحاج أحمد عبد السلام الطود، مربي الأجيال وأحد رموز طرب الآلة المخضرمين محليا ووطنيا، سليل عائلة العلم والوطنية والنغم المغربي الأصيل، عـاصـر رواد الطرب الأندلسي بالمغرب إذ شارك مع جوق مـولاي احـمد الوكـيـلـي بالـربـاط، ومـحـمـد العـربـي التمسمـاني بتطوان، وجوق عبد الصادق شقارة، وجوق الحاج محمد الطـود، وجوق الأمين الأكرامـي، وهو رئيس جـمعيـة سيـدي المكـي الثـالـوني، ورئيس جوق الطرب الأندلسي بالمعهد الموسيقي بالعرائـش، وأحد مؤطري جمعية عشاق الطرب الأندلسي بالعرائش وعازف لآلة الرباب في جوقها، يعتبر الحاج احمد الطود أحد أهم المقاومين المخلصين في سبيل تثمين التراث المغربي الأصيل والحفاظ عليه، خاصة الطرب الأندلسي وموسيقى الآلة، فهو إلى جانب كونه عازفا من الطراز الرفيع على الكمان والعود والرباب وآلات موسيـقيـة أخرى، فقد عمل على تدريس مادة الـطـرب الأندلسـي بالمـعهد الموسيقـي مند سنة 1983 وتكوَّن على يديه أفواج من العازفين البارعين في هذا الجنس الموسيقي المغربي الجميل، شارك سيدي احمد الطود في إحياء عدد كبير جدا من الحفلات محليا ووطنيا سواء الخاصة أو خلال المهرجانات والملتقيات والمناسبات الوطنية والدينية تحصل خلالها على جوائز  وتكريمات عديدة، كما شارك أيضا في حفلات وتظاهرات خارج أرض الوطن سواء عربيا كالإمارات والجزائر، أو في أوربا كإسبانيا وفرنسا وهولندا..

بارك الله لنا في عمرك وعافيتك سيدي الحاج احمد الطود ولا حرم جمهورك ومحبيك من أصالة نغمك وبهاء إطلالتك.

[محمد عزلي]












 

الخميس، 26 سبتمبر 2024

جوق الرابطة للموسيقى الأندلسية بالعرائش سنة 1965

 


محمد عزلي

تعود هذه الصورة حسب ما ورد على لسان صاحبها السيد عبد الإله الشاعر، لجوق الرابطة للموسيقى الأندلسية بالعرائش سنة 1965، خلال حفل استقبال على شرف شخصية أجنبية بارزة، نظمه رجل الأعمال الإسباني "خوسي غومينديو" المسير السابق لشركة اللوكوس في منزله الريفي المسمى Palafito بضواحي العرائش، ويرجع الفضل في تأسيس جمعية الرابطة للموسيقى الأندلسية إلى عميد المادحين بالعرائش المرحوم الحاج المفضل التدلاوي، وقد كان مقرها بدرب بن التهامي بالمدينة العتيقة، واشتهر الجوق بإحيائه للحفلات الخاصة والمناسبات الوطنية والدينية داخل وخارج المدينة، وتضم الصورة نخبة من أمهر العازفين والمنشدين والمبدعين الذين بصموا على مسار فني متميز سواء في الطرب الأندلسي أو في المديح والسماع، وهذه قائمة بأسماء المتواجدين في الصورة والذين تم التعرف عليهم بمساعدة السيد هشام كابر مشكورا،  وهم بالترتيب من اليمين إلى اليسار:

1.      محمد خضور على آلة الأكورديون، ويقول عنه ابن اخته السيد بدر الدين كمال أنه كان يعمل شرطيا وأستاذا للموسيقى، وكان له شقيق يدعى أحمد خضور سبق له قيادة الجوق السمفوني الإسباني المحلي في عدة مناسبات قبل أن يموت شابا، ويضيف نفس المتحدث أن الأخوين تعلما الموسيقى على يد أستاذ موسيقى إسباني يدعى دون أوريليو.

2.      الحاج الصيدلي على الدربوكة.

3.      الشريف احمد القادري على آلة الرق (الطار).

4.      محمد المجدوبي على الكلارينيت.

5.      جمال الدين بنادي، صاحب الجلباب الرمادي على آلة الكمان، وهو والد الإعلامية القديرة نزهة بنادي بركة.

6.      عبد القادر بلحسن على الكمان.

7.      محمد المريني على آلة الرباب، وهو والد الأستاذ الفنان الهاشمي المريني.

8.      أحمد شقارة على الكمان، ابن مدينة تطوان، من مريدي الزاوية الحراقية، وأحد أعضاء جوق الطرب الأندلسي برئاسة الأعلام محمد التمسماني وعبد الصادق شقارة.

9.      المفضل التدلاوي على آلة العود، باشا العرائش بالنيابة، ومؤسس جمعية الرابطة للموسيقى الأندلسية، وجمعية إخوان المديح، وجمعية الكواكب العرائشية لمدح خير البرية، وأحد أعضاء النخبة الوطنية للمديح والسماع المعروفة بتنشيطها للحفلات الدينية بالقصر الملكي، ومؤلف كتاب "إطلالة على النغم المغربي الأصيل"، و"أضواء على ذاكرة العرائش"..

10. سعيد الشاعر على آلة البانجو، عضو سابق في جوق طرب الآلة بالعرائش.

11. الحسن التدلاوي على الكونترباس، أخ المفضل التدلاوي ورفيقه في أول فوج دراسي للمدرسة الأهلية بالعرائش التي أسسها والدهما السيد عبد السلام التدلاوي سنة 1937

الأربعاء، 11 سبتمبر 2024

كنيسة سان خوسي بالعرائش 1901


محمد عزلي

في عام 1888، أسس الفرنسيسكان بعثة كاثوليكية إسبانية بالعرائش، وفي العام 1901 شُرع في تشييد كنيسة سان خوسي لتكون مقرا للبعثة الفرانسيسكانية، تقع الكنيسة فيما كان يعرف سابقا بالحي اليهودي في شارع 2 مارس (كايي ريال أو الشارع الملكي سابقا)، وهو المحج الشهير في المدينة العتيقة بالعرائش الرابط بين باب القصبة وباب المرسى والمعروف بدور العبادة الخاصة  بالديانات السماوية الثلاث، ففضلا عن المسجد الأعظم الذي يطل على الشارع عبر باب الجنائز، عرف الحي تواجد أربعة أديرة لليهود وثلاث مقرات للزوايا الصوفية، بالإضافة لكنيسة سان خوسي التي استفادت من أرض أهداها السلطان مولاي عبد العزيز للبعثة الفرانسيسكانية في إشارة واضحة لمدى التعايش الديني السائد بالمملكة المغربية عموما ومدينة العرائش تحديدا قبل عهد الحماية، وقد تم تشييدها كما هو واضح من خلال تصميمها الهندسي وشكل صومعتها ونوافذها على النمط المعماري القوطي، وحسب إفادة للباحث محمد شكيب الفليلاح، فإن الأرض التي كانت ملكيتها تعود للسلطان مولاي عبد العزيز بني عليها دار القيم على الكنيسة، وجزء من الكنيسة بني فوق مقر الزاوية القادرية القديم الذي لا تزال بابه بارزة عند مدخل درب الرزامي، ومساحة الكنيسة الحالية ليست هي مساحة البناية زمن التأسيس، ويشير الباحث نفسه إلى أن الكنيسة شُرع في بنائها سنة1901، ودُشنت بعد نهاية الأشغال سنة 1902.




صورة قديمة من داخل كنيسة سان خوسي

Photo: larache-historia.blogspot.com/2009/11/la-convivencia-en-larache



 








الخميس، 2 مايو 2024

زيارة للمركزين الحدودين أولاد الحراق ولالة غنو


بقلم: عبد الحميد بريري 

قمت برحلة استكشافية وزيارة ميدانية بحثية يوم الجمعة 3 شوال 1445 موافق 12 أبريل 2024 لإحدى المراكز الحدودية في عهد الحماية القريبة من مدينة العرائش باعتبارها إحدى مظاهر الحجر والقهر والتي فرقت بين المغاربة وخاصة بين أفراد نفس القبيلتين قبيلتي الخلط والطليق اللتان كانت تنتمي إداريا منذ قرون لباشا مدينة العرائش باعتبارها والقصر الكبير حاضرتين داخلة في نفوذ القبيلتين وكان لهاتين القبيلتين أهمية كبيرة في الأحداث التي وقعت في المنطقة.

رافقني في هذه الرحلة الاستكشافية والزيارة الميدانية الأخ أحمد زوني باعتباره أحد أبناء المنطقة المستكشفة والأخ إدريس الوردة كذلك من القبيلة المذكورة. الاثنان من سكان مدينة العرائش ومن المهتمين بتاريخ المنطقة. وكانت المحطتين كالتالي:

1.      المركز الحدودي أولاد الحراق قرب دوار أولاد العسري. استقبلنا السيد عبد الله شماخ أحد سكان هذه البناية الحدودية المذكورة وأحد الموظفين في عهد الحماية الفرنسية وفي عهد الاستقلال وله اطلاع واسع بتاريخ المنطقة وأكد لنا أهمية هذا المركز في مراقبة المارين بين المنطقتين وينتمي حاليا إلى الجماعة الترابية الشوافع قبيلة الخلط. ومن بين دواوير هذه المنطقة تدانة الرمل فيما توجد تدانة دهس قرب سوق أربعاء الغرب وسكان الدوارين لهم نفس النسب بعضهم من بعض، وأشهر اسم عائلي لهم الكرجي. كما حدد لي هذا الشخص المذكور أن هذا الجزء من قبيلة الخلط كان تابعا إداريا في عهد الحماية إلى الإدارة المدنية لعرباوة دائرة وزان. وذكر لي أن حدود قبيلة الخلط والطليق يمتد جنوبا إلى واد درادر قرب مولاي بوسلهام.  كما التقيت هناك بمصطفى ولد بويب الذي يسكن مدينة العرائش وهو من أعيان المنطقة والعرائش وأكد لي انتسابهم لقبيلة الخلط.

2.      المركز الحدودي لالة غنو يوجد ما بين المركز الحدود دار الحراق والمركز الحدودي الشهير عرباوة في اتجاه الجنوب ينتمي إلى الجماعة الترابية سيدي بوبكر الحاج، وزرنا بهذه الجماعة ضريح سيدي بوبكر الحاج التي تسمى الجماعة الترابية هذه باسمه.  وهو سيدي بوبكر الحاج البدوي نسبة إلى قبيلة ابداوة إحدى القبائل المتساكنة مع قبلتي الخلط والطليق، يعد من الأولياء ولقب بالحاج لقيادته قوافل الحجاج إلى الأراضي المقدسة لتوفر قبيلته على عدد من الجمال. ويوجد بقربه دوارين هما أولاد بوحميدة وأولاد زيتون. في هذا الأخير استقبلنا السيد التهامي الخمالي، والطيب عبو خال مرافقنا الأول الذي استضافنا في بيته. زودنا الأول بمعلومات تاريخية من عهد الحماية منها أن نشاط تهريب الأسلحة من منطقة الحماية الإسبانية إلى منطقة الحماية الفرنسية كان يساهم فيه رعاة المنطقتين الذين كانوا يتوغلون في المنطقتين بكل حرية وبدون مراقبة. وأفادتنا أم المرافق أحمد زوني الحاجة فطوم براحلة إن افراد دوار اولاد زيتون هذا جاؤوا من دوار أولاد زيتون الموجود بريصانة ولازالت لهم قرابة بينهم.

·       استنتاجات

ينتمي هذان المركزان التاريخيان إثنيا إلى تراب قبيلة الخلوط والطليق الممتدة من وادي الدرادر قرب مركز مولاي بوسلهام إلى مركز اثنين سيدي اليماني، ويوجدان جنوب مدينة العرائش وغرب مدينة القصر الكبير، كانا تابعين إلى منطقة الحماية الفرنسية وإداريا اليوم إلى تراب إقليم القنيطرة. ولا يبعدان عن مدينة العرائش عاصمة إقليمها ما بين 30 و40 كلم.

وعند ذكر اسم الحراق والعسري فهم كذلك من أعرق الأسر التي استوطنت العرائش والقصر الكبير وهما من قبيلة آل سريف وقبائل جبالة. كما أن المنطقة المذكورة هي امتداد إثني للحاضرتين المذكورتين بدليل وجود عدة أسر عرائشية تنحدر منها كالمصابحة التي تعتبر من أعرقها.
















الأحد، 7 أبريل 2024

نوستالجيا عن فران الدمغة بالعرائش

 


بقلم: يوسف التيجاني

كان أبي أحمد التجاني رحمه الله خبازا PANADERO وكان يلقبه RAMOS صاحب PANADERIA EL MILAGRO التي بنيت على أنقاضها عمارة إدريس الغرناطي رحمه الله المطلة على الشرفة الأطلنتيكية والسوق المركزي ب MAESTRO DE PALA ، وربما احتراما للمثل الشعبي القائل “حرفة بوك لا يغلبوك” شاء القدر أن أشتغل في الفرن التقليدي “الدمغة” الواقع بعقبة “الطوري” -اسم مشتق من البرج باللغة الاسبانية- خلال العطلة الصيفية، وهو موعد الأفراح والأعراس التقليدية فوق السطوح وفي الساحات تحت الخيام المكترية من البلدية، قبل بدعة قاعات الأفراح أو منظمي الحفلات. وهذا لا يعني أنني سأدخل هذا الفرن لأول مرة، بل إنني كنت أرتاده كزائر لصديقي سعيد أوراي رحمه الله بل وكنت أصطحب السي أحمد، صديق أبي الذي يشتغل هناك، وأنا مازلت صغيراً على متن سيارة رونو 4 لبيع الحلويات اللذيذة والمتنوعة في الأسواق، كما كانت توزع على الدكاكين أيضا وذاك هو الاختصاص الأول للفرن الذي أصبح فيما بعد قبلة لكل عائلة عريس أو عروس حيث تُقدم طلبات الخبز و” الگروص” قبل موعد التسليم بأيام، وعلى أساسها يتم ترتيب برنامج العمل بالليل والنهار.


كانت مهمتي في البداية -وأنا طالب جامعي بالسنة الأولى شعبة رياضيات فزياء- دهن “الطاوات” بالزيت لمنع التصاق العجين بها، فكنت أقضي الليل كله في هذه العملية إلى حدود الصباح حيث ننصرف ليحل محلنا فوج النهار.

بعد أسبوع شاق، لم يرقني توقيت العمل، إذ كان يحرمني من سمر الليل ولقاء أصدقائي من الطلبة. توسلت لرب العمل السي لحسن أوراي رحمه الله (انظر الصورة) أن يغير توقيت عملي من الليل إلى النهار، فوافق على الفور لأنه كان يعزني كواحد من أبنائه ويعطي للعاملين المثل بي في الجد والكفاح.

كانت فرحتي لا توصف في بداية الأسبوع الثاني، كيف لا وقد تخلصت من دهن الطاوات مادام هناك من كان يقوم بهذا العمل في فوج النهار، وهذا ما فسح المجال للترقي إلى إمداد الخباز با “طاوات” العجين من أجل الطهي. فبمجرد ما يملأ جوف الفرن، أغتنم الفرصة متسللا إلى قاعة الإعداد لتعلم أولى دروس تدوير العجين “التقريص” التي لم تكن سهلة على الإطلاق. تابعت نفس الخطة، ويوما بعد يوم يتحسن الأداء إلى أن صرت رسميا بعد أقل من شهر ضمن فوج” الدليك والتقريص” فارتفع الأجر والرتبة، ونلت تجربة ساعدتني مع مثيلاتها من التجارب في مواجهة مصاعب الحياة ومنها الطلابية يوم اضطررنا في المحنش الثاني بتطوان لإعداد الخبز بأنفسنا بالتناوب وإن كانت التجربة لم تعرف نجاحا يذكر إنما عشناها ولو لفترة وجيزة.


مع اقتراب وجبة الغذاء كنا نعيش ضغطا رهيبا، العامل والزبون على حد سواء، ويشتد الضغط كلما تسلم أحد بضاعته، فيمضي فرِحا تحت وابل أسئلة المنتظرين “هل هذا قبلنا؟” أو “هل نحن بعده؟” ويتكرر المشهد نفسه مع اقتراب وجبة العشاء وهكذا طيلة موسم الصيف.

وتبقى خبز “فران الدمغة” فريدة من نوعها حجما ولذة، وكذلك “الگروص” الذي يذوب في الفم مع أول رشفة من الشاي.

توقف نشاط “فران الدمغة” وغابت معه “الخبزة” الكبيرة الحجم “الشباعية” اللذيذة و “الكرصة” الألذ وبقيت أبواب البناية الموصدة، حارسة أمينة على فصول تلك الذكريات على أمل أن يفتح قفلها في يوم ما لإحيائها من جديد


الخميس، 16 مارس 2023

التعايش والتسامح الديني بالعرائش على أمواج إذاعة طنجة

 


حلقة جديدة من المجلة الأثيرية المباشرة "هنا طنجة" على أمواج الإذاعة الوطنية من استوديوهات طنجة تستضيف من خلالها الباحث محمد عزلي للحديث عن التعايش والتسامح الديني بمدينة العرائش.

·       إعداد وتقديم: لحبيب سليماني، ياسمين أقصبي.

·       هندسة الصوت والإخراج المباشر: محمد صابر.

·       الربط مع الضيوف: محمد غيلان.

مونتاج الفيديو: مريم الزمان.

الأحد، 6 نوفمبر 2022

العرائش من المراكز المغربية الداعمة للثورة الجزائرية

 

بقلم: عبد الحميد بريري

 

تعلق تاريخ الجزائريين بتاريخ العرائش منذ أن كانت ترسو سفن المجاهدين البحريين العثمانيين بمرسى العرائش؛ بعد أن سمحت لهم الدولة الوطاسية ارتيادها لممارسة الجهاد البحري خلال القرن 15 و16. وكان على رأسهم خير الدين بربروسا الذي أبحر إلى مرسى العرائش بمجموعة من السفن سنة 1516؛ والذي بعد عودته للجزائر عين حاكم على الجزائر (حوليات أصيلا برناردو رودريݣش البرتغالي تعريب د/ أحمد بوشارب طبعة سنة 2007).

لتستمر هذه العلاقة إلى خمسينيات القرن الماضي؛ باتخاذ العرائش مركزا من مراكز اللاجئين الجزائريين وأحد قواعد معسكرات التدريب لأعضاء جبهة التحرير، واستشفاء جرحاها في مواجهة الاحتلال الفرنسي.

تروي الرواية الشفاهية أن معسكر تدريب المقاتلين الجزائريين كان بمكان يسمى بوصافي قرب عين خماسة ضواحي العرائش، الذي ينتمي ترابيا إلى جماعة الساحل على طريق ريصانة - بني جرفط، ولازالت البناية التي كانوا يقيمون فيها ويتدربون بجوارها قائمة إلى اليوم. وكانت ملكا لباشا العرائش الخالد بن أحمد الريسوني، انتقلوا إليها بعد المقر الأول الذي كان وسط المدينة بعقبة العوينة، وقد برر المفضل التدلاوي أحد المعاصرين؛ انتقالهم من البناية الأولى بسبب بعض التصرفات التي لم ترق السكان (المفضل التدلاوي أضواء على ذاكرة العرائش ط/1 سنة 2001 ص:90). ويحكي لنا أحد سكان المنطقة المجاورة لمعسكرهم مشاهد من هذه التداريب حيث كان المتمرن ينزل من أعلى شجرة البلوط الفليني(الدلم) منكسا على وجه من أعلى الشجرة إلى أسفلها. كما كان يقوم المتدربون بعمليات تفجيرية تستهدف الأشجار باقتلاعها من جذورها (عبد السلام بن العربي بوزيد أحد المعمرين بمنطقة مدشر النݣارجة جماعة الساحل).

وكان تمويل أنشطة الجبهة يتم عبر جمع التبرعات بين السكان المحليين وإعطاء الزكوات. وهو ما يشير إليه هذا النداء حيث تخاطب جبهة التحرير الجزائرية إخوانهم المغاربة؛ مذكرين إياهم بأية قرآنية وحديث نبوي تحثان على الأخوة الإسلامية التي تربطهم، والتحسيس بمعاناتهم من الطرد الذي وقع لهم من المستعمر الفرنسي وبنزولهم بالقرب منهم، أي بمدينة العرائش؛ قاصدين حماهم وهم يعلمون صدق الأخوة ومتانة روابط العروبة والإسلام التي تجمعهم مع المغاربة. ويحركون فيهم أريحية حب العطاء والبذل بإعطائهم الزكاة إسوة بباقي إخوانهم المغاربة. واختتموا بقوله تعالى " والله لا يضيع أجر المحسنين" وهو تذكير آخر بنص قرآني لتحفيزهم على الإنفاق. وهاكم النداء كما هو مسطور:

باسم الله الرحمن الرحيم   جبهة التحرير الجزائرية

" إنما المومنون إخوة" قرآن كريم

" المسلم أخو المسلم" حديث شريف

الأخ المسلم

 باسم أبناء عمومتك وإخوانك اللاجئين الجزائريين، طردهم الاستعمار الفرنسي من ديارهم وأرض آبائهم وأجدادهم، ولجأوا إلى حماكم، ونزلوا بجواركم لما يعلمون أخوتكم الصادقة، وايمانكم المتين بالعروبة والإسلام.

تهزكم الاريحية العربية والأخوة الإسلامية إلى مساعدتكم بحصة من الزكاة تتصدقون بها عليهم كما (كلمة غير مقروءة) ذلك مع أبناء إخوتكم المغاربة. والله لا يضيع أجر المحسنين والسلام عليكم ورحمة الله

شكل توقيع

(وثائق لم تنشر - ج 3 محمد أخريف جمعية البحث التاريخي والاجتماعي القصر الكبير مطبعة الأمنية الرباط سنة   2008 ص : 26 ، 27)

وأهم ما ميز هذا الخطاب هو إثارة النعرة العصبية العربية والغيرة الدينية الإسلامية. والشاهد من هذا أيضا إبراز هيمنة التيار القومي العربي والإسلامي على جبهة التحرير الجزائرية، وهو الذي بدأ مع تصفية أحد زعماء التيار الماركسي في الجبهة عبان رمضان [من القواد البارزين في جبهة التحرير الجزائرية عرف بتوجهه السياسي ويلقب بمهندس الثورة ولد بقرية عزوزة بمنطقة القبائل سنة 1920] من طرف العقيد عبدالحفيظ بوصوف [عضو حزب الشعب الجزائري وعضو جبهة التحرير الجزائرية ولد بميلة شرق الجزائر سنة 1926، مؤسس المخابرات الجزائرية] سنة 1957 بمدينة العرائش. وهذا ما أشار إليه عبد الرحمان مكاوي في مقاله حول حقيقة العلاقة الجزائرية الإسرائيلية جاء فيه:

"صراع تيارين في جبهة التحرير الجزائرية بمدينة العرائش أدى إلى مقتل المناضل عبان رمضان من طرف العقيد بوصوف بها سنة 1957 ليبدأ مع ذلك تراجع التيار الماركسي في الجبهة، وحل محله تدريجيا التيار العروبي الإسلامي".) مقال حول حقيقة العلاقة الجزائرية الإسرائيلية د/ عبد الرحمان مكاوي). وبذلك كانت العرائش مسرح لإحدى عمليات تصفية الحسابات بين تيارات الجبهة ومحطة من محطات تواجد أبرز القياديين بها. الشيء الذي سيظهر مع هذا التواجد النوعي ونشاطه مدى التعاطف الذي حظيت به القضية الجزائرية لدى عموم الساكنة المحلية من الدعم والمساندة.

ويحدد المفضل التدلاوي في مذكراته عن نوعية مساهمة العرائشيين بشيء من التفصيل، فأول عمل قاموا به؛ هو المشاركة في الإضراب الذي دعا إليه يوم 5 يونيو 1956 حيث نفذ بتوقف العمل في مرافق الشغل وأقفلت المحلات التجارية بالمدينة. ونظمت مظاهرة جابت الشوارع، ثم نظم مساء ذلك اليوم تجمهر كبير في الملعب البلدي، تناول فيه الكلمة عدد من ممثلي الأحزاب السياسية والهيآت النقابية المحلية. كما تم تنظيم مظاهرة يوم 23 اكتوبر 1956 احتجاجا على اختطاف خمسة من الزعماء الجزائريين من طرف الفرنسيين من الطائرة التي كانت تقلهم، والذين كانوا في ضيافة المغفور له محمد الخامس وهم: أحمد بن بلة وأيت احمد ومحمد بوضياف وكريم بلقاسم ورابح بطاط.

وتشكلت لجنة لتقديم الدعم والمساندة للاجئين الجزائريين تضم:

1- الحاج عبد السلام التدلاوي

2- عبد السلام بن محمد الصغير

3- عابد السوسي

4 - قاسم بن عبد الله المنصوري

5 -امحمد الهلالي السوسي

6 - فضول العماري

7 - محمد الحراث

8 - امشيش الرياحي

وعلى إثر ذلك قامت اللجنة بتوفير مقر القنصلية الألمانية لإقامة الجزائريين به، وهو الموجود بعقبة العوينة (شارع الزلاقة حاليا) باتصالها بمحمد بوصفيحة المكلف بأملاك القنصلية المذكورة فاكترته منه.  فقامت أيضا هذه اللجنة بالسعي لدى المحسنين من التجار وغيرهم حيث تم تخصيص مساهمات شهرية لتغطية مصاريف إقامة هؤلاء اللاجئين.

وعملت اللجنة كذلك على توفير الشغل لأحد هؤلاء اللاجئين كالسيد محمد القباطي حيث وظف أستاذا بثانوية مولاي محمد بن عبد الله والقيام بمهمة الوعظ والإرشاد بالمسجد الأعظم بتعويض مالي من نظارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وتوفير الشغل ايضا لبعض الأطباء منهم. (المفضل التدلاوي أضواء على ذاكرة العرائش ط/1 سنة 2001 ص : 88, 89 ، 90) ويشهد توصيل مالي كذلك على مساهمة القصريين بدورهم في دعم الثوار الجزائريين المتواجدين بالعرائش، وهو محمد بن الحاج كبور بمساهمة نقدية قيمتها 250 فرنك بتاريخ 19 دجنبر 1957.

(توصيل مالي عدد 905.073 من جبهة التحرير الوطني الجزائرية إلى المتبرع محمد بن الحاج كبور)

هذه إحدى المحطات المشرقة من تاريخ النضال المغربي في استقلال الجزائر التي طالها النسيان ولا شك أنها غيض من فيض.