الجمعة، 22 ديسمبر 2017

نساء من العرائش 1930

نساء من العرائش 1930

محمد عزلي
من أرشيف 1930، نقترح عليكم هذه التشكيلة من الصور النادرة بعدسات إسبانية (من استوديوهات كويا الشهيرة Goya التي أمدتنا مشكورة بأرشيف هائل ذو قيمة كبيرة جدا كما وكيفا)، هذه التشكيلة لفتيات وسيدات تمثلن شريحة واسعة من النسيج السكاني لمدينة العرائش زمن الحماية الإسبانية في القرن العشرين، وهي نماذج للمرأة المغربية التقليدية البسيطة.
نسجل بهذا الخصوص بعض الملاحظات :
·       النماذج المختارة جميعها من الطبقة الفقيرة والتي كانت تشكل بالفعل غالبية المجتمع.
·       الأزياء والحلي من التراث الأمازيغي.
·       كل الصور تحمل ابتسامات إما بريئة أو ساذجة، لكنها تخفي وراءها معاناة حقيقية.
·       اختلاف السحنات واللون يعبر عن التنوع الإثني المكون للنسيج السكاني المحلي.







الأربعاء، 6 ديسمبر 2017

لعبة ركوب الخيل بدون سرج .. ماطا

لعبة  ركوب الخيل بدون سرج "ماطا" (الجذور التاريخية)


    بقلم : عبد الحميد بريري

يعتبر الاحتلال البرتغالي لبعض مدن الساحل المغربي خلال القرن 15 و16 من العوامل الأساسية  في التحولات الديموغرافية والاجتماعية والثقافية والفكرية والاقتصادية التي شهدها المغرب في العهد المريني الأخير .ففي هذا العهد " كان استقرار كثير من أصول الهوية المغربية " منها الوحدة الدفاعية ، يقول ذلك المؤرخ المغربي محمد المنوني في كتابه ورقات عن حضارة المرينيين .
وأبرز مظاهر صور الدفاع عن الوطن : الفروسية التي كانت سلاحا استراتيجيا يحسم المعارك ، ويستشهد بوصف للناصري لهذه الفترة التي تغلب فيها البرتغال على السواحل المغربية ، والنفير الذي أعلنه المغاربة لمواجهة هذا الطارئ من جميع فئات الشعب المغربي يذكر فيه ما يلي : " ولما نزل بأهل المغرب الأقصى ما نزل من غلبة عدو الدين ، واستيلائه على ثغور المسلمين ، تباروا في جهاده وقتاله ، وأعملوا الخيل والرجل في مقارعته ونزاله ، وتوفرت دواعي الخاصة منهم والعامة على ذلك وصرفوا وجوه العزم  لتحصيل الثواب فيما هنالك ، فكم من رئيس قوم قام لنصرة الدين غيرة واحتسابا ، وكم من ولي عصر وعالم مصر باع نفسه من الله ورأى ذلك صوابا ، حتى لقد استشهد منهم عدد واسر آخرون وبلغ الله – تعالى -  جميعهم من الثواب ما يرجون " .
النص يعطينا صورة معبرة عن واقع الحال المغربي وكيف كان فيه المغاربة من تعبئة وتضحية من أجل الدين والوطن  ، ودليل على أن للفروسية ظروفا لنشأتها وتطورها حتى أصبحت اليوم فرجة نستمتع بها ولها طقوس وأعراف تحترمها ، بعدما كانت وسيلة للدفاع والقتال ؛ إلا أنه في منطقة الهبط كانت لها خصوصية تتمثل في ركوب الخيل بدون سرج  . وهذا يدل أيضا على براعة الفارس الهبطي أمام الهجمات البرتغالية المباغتة والضارية بمساعدة عملاء مغاربة يكشفون لهم نقط ضعف مواطنيهم والسبل التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم من النهب والأسر ، مما ساهم في ترحيل أسر عن قراهم واندثار تجمعات سكانية كان لها الأثر البالغ في تاريخ الهبط  ، الأمر الذي له شاهد تاريخي لا محالة وهي شهادة لبرتغالي ، عاش في أصيلا إبان الاحتلال البرتغالي يشير إلى جهوزية  ويقظة الهبطيين في مواجهة مواطنيهم المغيرين على قراهم  .
وأبرز مظهر على ذلك هو ركوب الخيل بدون سرج . ففي إحدى المواجهات استطاع فيها المغاربة إفشال الهجوم  البرتغالي وحرمانهم من قطعان البقر التي استهدفوها لإشباع بطونهم الجائعة من الحصار الذي فرضه المقاومون عليهم في أصيلا وطنجة والقصر الصغير وسبتة ، وذلك في مروج قرية الهوتة ( سيدي ودار ) على الضفة الشمالية لنهر اللوكوس قرب العرائش . فما أن رآهم سكان القرية يغيرون على أبقارهم  ؛ حتى امتطوا جيادهم فباغتوهم فانقلب المهاجمون هاربين. من هنا يتضح أن ركوب الخيل بدون سرج ، كان عملا بديهيا وعادة مستمسكة ، ساعد الهبطيين على حفظ أنفسهم وممتلكاتهم من جشع البرتغاليين .
 وهكذا أصبحت  فيما بعد عادة فرجوية وتقليدا موسميا ، دأب عليه الهبطيون ونسجت حوله الحكايات والأساطير عن واقع أو خيال ، تبرز تباهي القبائل بفرسانها ومدى قدرتهم على خلق المفاجآت ومباغتة الخصم في تراب قبيلته ، وبالتالي صنع أبطال شجعان لكل طارئ .
ومن الحكايات التي تحكى في هذا الباب ، أن شابا من إحدى شباب إحدى القبائل الهبطية  ، وقع في غرام شابة من قبيلة أخرى فامتنع أهلها تزويجها له ، فامتطى فرسه بدون سرج ، واختطف الفتاة من وسط قبيلتها فتبعه فرسان تلك القبيلة  يمتطون خيولهم الغير المسرجة كذلك دون اللحاق به . ومن هذه الواقعة تكون اللعبة قد أخذت قواعدها وقوانينها ثم اسما لها الذي هو  "ماطا " الذي لا زال لم يعرف اشتقاقه ولا اللغة التي أخذت منه وإنما هناك افتراضات تحتاج إلى الدراسة والتمحيص من طرف مختصين للحسم فيه .
فمن الراجح إذن أن جذور هذه اللعبة ترجع إلى هذه الفترة التي كانت تتطلب الانتباه واليقظة دفاعا عن وحدة الوطن وهويته التي كان البرتغاليون عازمين على القضاء عليها . وهو العزم الذي تأكد في حملتهم على المغرب انتهت بهزيمتهم المدوية في معركة وادي المخازن وفي تراب إقليم الهبط  ، الذي ظهرت به لعبة " ماطا " وتشكلت قواعدها  .

المراجع :
ورقات عن حضارة المرنيين محمد المنوني منشورات كلية الأداب بالرباط . مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة الثالثة سنة 1420 / 2000 .
- حوليات أصيلا (1508م / 1535م ) مملكة فاس من خلال شهادة برتغالي برناردو رودريكس تعريب الدكتور أحمد بوشرب الناشر دار الثقافة الدار البيضاء الطبعة الأولى 2007  

السبت، 11 نوفمبر 2017

الزيارة الرسمية الثانية للملك محمد الخامس إلى مدينة العرائش

الزيارة الرسمية الثانية للملك محمد الخامس إلى مدينة العرائش


    محمد عزلي

بعد الزيارة الرسمية الأولى لجلالة الملك الراحل محمد الخامس إلى مدينة العرائش في 10 أبريل 1956 مباشرة بعد استقلال الشمال المغربي من يد الاحتلال الإسباني والتي عرفت تحطيم الحاجز الحدودي (عرباوة) بين المنطقتين السلطانية والخليفية، وتغيير اسم شارع الجنرال فرانكو بشارع محمد الخامس، وتغيير اسم ساحة إسبانيا بساحة التحرير، سيقوم جلالته في العام الموالي بزيارة رسمية ثانية لمدينة العرائش بتاريخ 22 سبتمبر 1957، وصل فيها طيب الله ثراه في سيارة مكشوفة إلى وسط المدينة على الساعة 11 صباحا رفقة نجليه، سمو ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وسمو الأمير مولاي عبد الله، في موكب ملكي مهيب رافقه فيه وفد رفيع المسوى تشكل من أعضاء مجلس التاج، السادة : (محمد بن العربي العلوي، الحسن اليوسي، المختار السوسي)، ثم رئيس الحكومة السيد امبارك البكاي، رئيس التشريفات الملكية السيد المعامري، وزير الخارجية السيد أحمد بلافريج، الوزير المكلف بالوظيفة العمومية السيد رشيد ملين، وزير العدل السيد عبد الكريم بن جلون، وزير الدفاع الوطني السيد أحمد اليزيدي، وزير الاقتصاد الوطني السيد عبد الرحيم بوعبيد، وزير الثقافة السيد محمد الفاسي، وزير الفلاحة السيد عمر بن عبد الجليل، وزير الأشغال العمومية السيد محمد الدويري، وزير الإعلام والسياحة السيد أحمد رضا اكديرة، وزير الشغل السيد عبد الله إبراهيم، وزير الصحة الدكتور فرج، وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية الدكتور بنزكين، وغيرهم ممن شكلوا أول حكومة للمملكة المغربية بعد الاستقلال.
خصص بالمناسبة استقبال رسمي وشعبي كبير لزعيم الأمة وبطل التحرير قبل أن يتوجه إلى مقر إقامته بدار اعميار سابقا حيث كانت تنتظره وضيوفه والوفد المرافق له مأدبة الغذاء، وبعدها مباشرة استقبل جلالة الملك محمد الخامس لجنة محلية تشكلت من كبار الشخصيات وأعيان المدينة قامت بتسليمه مذكرة تتضمن لائحة مطالب المدينة والإقليم وفي مقدمتها إصلاح الميناء، ثم توجه جلالته إلى حي القصبة ووضع الحجر الأساس لإعادة بناء جامع الأنوار، وبعدها توجه إلى حي البحارة (ديور حواتة) حيث سلم رحمه الله أول أربع مفاتيح للبحارة الذين استفادوا من السكن في مجموعة الدور السكنية التي بنتها مصالح بلدية العرائش وتولت بنفسها توزيعها على مستحقيها.


صاحب الجلالة الملك محمد الخامس يسلم بحارة العرائش مفاتيح منازلهم ب (ديور حواتة)

جلالة الملك محمد الخامس يتجول بسيارته المكشوفة في ساحة التحرير سنة 1957
يظهر في الصورة السيد الهاشمي بيرو في الوسط وهو ذاكرة للمدينة وعلامة عرائشية مسجلة، يعد واحدا من أبرع وأشهر محترفي الصورة الفوتوغرافية بالعرائش، وأحد أهم المساهمين الفاعلين في خلق أرشيف فوتوغرافي للمدينة.
الصورة من إهداء حفيده السيد ابراهيم الهاشمي بيرو

مراجع :
المفضل التدلاوي "أضواء على ذاكرة العرائش" ط1. 2001. [ص 85، 86، 92، 93].




الأربعاء، 1 نوفمبر 2017

مكتبة زيدان

الكتاب والمكتبة في تاريخ المغرب، مكتبة زيدان نموذجا


مكتبة الإسكوريال قرب العاصمة الإسبانية مدريد والتي تضم بين رفوفها مكتبة زيدان


  بقلم : عبد الحميد بريري

في خضم الحديث عن تدني مستوى القراءة في المغرب والمحاولات الرامية إلى تحبيب القراءة لدى عموم شرائح المجتمع المغربي ، يجدر بنا الحديث عن مكتبة زيدان التاريخية والتذكير بها وكيف اهتم صاحبها بجمع كتبها ومدى حرصه عليها وعدم التفريط في محتوياتها الزاخرة بالكتب النفيسة والمخطوطات القيمة في ظروف قلما يهتم المرء بالكتاب والمكتبات ومدى المستوى التعليمي الراقي لصاحبها ، لتكون عبرة ودرسا لنا نحن الأجيال الحاضرة وحافزا للعلم والتعلم والقراءة.
لكن سيحدث لها ما حدث رغم محاولة زيدان للحفاظ عليها، وسيبكي عليها كل محب لتراثه الثقافي والعلمي وكيف ضاعت في ظروف يستغرب فيها كل عاقل ويفهم ما كان يحذق بالمغرب من عداء بسبب هويته وكينونته الثقافية والحضارية  رغم المحاولات والمجهودات المتعددة لاسترجاعها ؛ قصدنا من ذلك الاستشهاد بشواهد من الماضي لإبراز اهتمام المغاربة بالكتاب وإنشاء المكتبات خدمة للعلم والعلماء وتشجيع الطلبة والباحثين على البذل والعطاء . إنها مفخرة من التاريخ المغربي الساطع في الغرب الإسلامي ، وكيف حافظ على الحضارة الإسلامية بعد سقوط مراكز العلم بالأندلس.

قيمة الكتاب لدى زيدان :
مكتبة نادرا ما نسمع عنها وعن ظروف ضياعها كما سمعنا وقرأنا عن مكتبة بغداد وكيف أضاعها التثار والمغول وكيف أنشأوا بكتبها جسر على دجلة أو الفرات وعن كتب غرناطة التي سقطت في يد النصارى عند سقوط المدينة وحرقها  . كل هذه المكتبات تتشابه في ظروف ضياعها ؛ لكن بقيت مكتبة زيدان : نجهل تفاصيل ضياعها وقيمتها العلمية  ، ونعرف منها اهتمام سلاطين المغرب والمغاربة قاطبة بالكتاب ومدى حرصهم على طلب العلم والعرفان رغم ظروف قاسية عاشها المغرب بعد تدهور دوله الحاكمة ، وسقوط الأندلس على إثر ذلك .
زيدان هذا كان من أحب المغاربة للكتاب  ، فكان أول ما عمل في هذا الشأن هو الحفاظ على مكتبة أبيه المنصور الذهبي التي كانت بجوار جامع القرويين بفاس رغم الاضطرابات والقلاقل التي كانت تعرفها البلاد ، والتي اقتنى فيها المنصور كل أنواع المخطوطات والكتب من الشرق واليونان متقصيا عن كل إنتاج فكري في ربوع تراب الأمة الإسلامية ومبادلا الذهب الذي جلبه من إفريقيا بالكتب والمخطوطات ، فضلا على تلك التي كانت بالمغرب وحبسها للمطالعة والبحث العلمي ؛
وشرط على الباحثين عدم إخراجها من مكانها  محافظا على محتوياتها من الضياع ولكي تبقى ثروة فكرية يتوارثها الأجيال للاستفادة منها وتشجيع العلم بها والتعلم (1). جاء زيدان بعده ليكرس هذا الواقع الثقافي الذي كان في عهد والده وورث عناية أبيه للكتاب والمكتبة وكيف لا وهو ” فقيها مشاركا في العلوم له تفسير على القرآن العظيم معتمده فيه على ابن عطية و الزمخشري وله ما تيسر من اللغة والعلم ويكتب الشعر يدخله إلى مرتبة العلماء ”
وعنايته بالكتاب لن تتوقف عند هذا الحد بل استمر باتصالات لجلب الكتب إلى مكتبته فنرى أنتوان دوسان ماري antoine st.marie  الدومينيكي الإيرلندي الأسير يتواجد في مكتبة زيدان ” ليترجم له إلى القشتالية      اللاتينية التي يملكها ثم يأمر زيدان أن ينقلها إلى العربية “  وقضى انتوان دوسان ماري مدة ” ثمان سنوات في القيام بهذه المهمة “ كما كانت لزيدان اتصالات مع ” المستشرقين خاصة الهولانديين منهم ، فنرى أربانيوس arpenius زعيم حركة الاستشراق في هولاندا يهدي إليه إنجيلا مكتوبا باللغة العربية سنة 1622″ . ويعتبر حدث ضياع هذه المكتبة والظروف التي أحاطت بها- يقول صاحب كتاب الأوقاف الإسلامية-  دليل آخر على مدى اهتمام هذا السلطان المغربي بالمجال الثقافي  .و تذكرنا هذه المواد التاريخية بظاهرة الاستشراق ودور زيدان فيها وعلاقته بالمستشرقين الغربيين وهي في مهدها .(2)

ظروف ضياع المكتبة *:
يعتبر زيدان  أحد سلاطين العهد الثاني للدولة السعدية بويع له ملكا في فاس سنة 1604 م – بعد موت المنصور وهو في طريقه منها إلى مراكش بعض القضاء على ثورة ابنه المامون ولي عهده وإيداعه السجن – فيما بايع أهل مراكش لأخيه أبي فارس . وقع الصراع بين الأخوين على: من يحكم المغرب ؟ عزز هذا الأخير موقفه من المطالبة بالحكم بإطلاق سراح أخيه المامون الذي سانده على زيدان . سرعان ما دخل المامون على خط المطالبة بالحكم وهو الذي ولي له بالعهد من طرف أبيه .
اشتد الصراع والاقتتال والتطاحن ، قتل في ذلك الآلاف من المغاربة وانقسام البلاد إلى مملكتين مملكة فاس يحكمها المامون ومملكة مراكش وسوس يحكمها زيدان . وفي إحدى هزائمه فر المامون من العرائش إلى اسبانيا وفي نواياه  أن يستنجد بملك اسبانيا فليبي الثالث للتغلب على أخيه واسترجاع عرش المغرب . وكان قد وصلته عروض تسليم بعض المراكز في شمال المغرب من بينها العرائش من طرف تاجر يهودي لكن كانت تلقاه ردود فعل مستنكرة ومستهجنة أبرزها ردة فعل محمد الحاج البقال المعروف تاريخيا بالغزاوي .
مناسبة وجود الشيخ المامون في اسبانيا جعلته يقبل ،على تردد ، بتسليم العرائش مقابل 200 ألف دوكادوس . وبالفعل كان الاتفاق وتم إخلاء المدينة بالقوة من سكانها وتسليمها للإسبان ، ليزداد الوضع في المغرب سوء وتدهورا ، ومن صوره قيام أبو محلي بثورة على الدولة السعدية في بني العباس بتوات و تافيلالت  ، وقد انضم إليه عدد من المتطوعين للجهاد من أجل تحرير العرائش .
وما أن وصل إلى ضواحي مراكش ، خرج منها زيدان خائفا يترقب إلى أكادير عبر آسفي مستنجدا  بيحيى الحاحي حاملا معه مكتبته التي كانت تضم 73 حملا من الكتب ، مخزنة في صناديق إلى آسفي حيث هناك اكترى سفينة للدبلوماسي الفرنسي دي كاسطلان ب3000 مثقال ذهبي (دوكا DUCA) ، الذي كان بصدد زيارة دبلوماسية عنده مهديا له فرسين ،لحمل مكتبته وصولجانه وعرشه  إلى أكادير بحرا  ، واكترى أخرى هولاندية  لحمل عائلته وحاشيته . فإذا استطاع زيدان أن ينجو بنفسه ومكتبته من ثورة أبو محلي تاركا العرش والحكم لهذا الثائر؛ لكن مكتبته ستسقط في يد أشد أعدائه الإسبان  . كيف ذلك ؟
أبحرت سفينة دي كاسطلان إلى أكادير، تحمل مكتبة زيدان وعندما وصلت هناك لم يتوصل بمبلغ الكراء المتفق عليه  ؛ انتظر دي كاسطلان خلالها ستة أيام ليبحر في اتجاه ميناء مارسيليا ، وهو بساحل سلا إذ تعترضه سفن الأسطول الإسباني تحت قيادة “دي لارا DE LARA” لتجبر السفينة الفرنسية على الإبحار في اتجاه اسبانيا . يصل زيدان خبر ذهاب السفينة إلى فرنسا ، يقسم بيمينه على أن يأسر كل فرنسي في المغرب الشيء الذي ستترتب عنه أزمة دبلوماسية إقليمية ستمتد لسنين طوال .(3)
لكن ما يثير الشكوك حول هذه الرواية أن أمر الكتب الإسلامية والمخطوطات عامة كان مستهدفا من طرف الكنيسة الكاثوليكية وملوكها ومبيت له ، فنجد لويس 14 مثلا له انشغالا واهتماما بالكتب العربية والفارسية واليونانية فأرسل سفيره ذي مونسو سنة 1077ه/ 1667 م ” بمهمة خطيرة إلى المغرب الأقصى بأن ينقب تنقيبا دقيقا عن مخطوطات ” باللغات التي ذكرناها و” يبتاعها له ” وقال له : أن من تلك المخطوطات شيئا كثيرا في خزائن جامع القرويين بمدينة فاس ” ويشير كذلك محمد إبراهيم الكتاني إلى هذا الاستهداف وهذا الطمع بقوله : ” وكم ضاع من مؤلفاتنا في شواطئنا الشمالية والغربية التي استمرت سنين طويلة عرضة للاعتداء الصليبي وخصوصا من قبل البرتغاليين والإسبانيين (4)

قبر السلطان زيدان بجانب قبر والده الذي يتوسط مدافن ضريح السعديين بمراكش

الدبلوماسية من أجل استعادة المكتبة :
لم يبق أمام زيدان إلا تحريك نشاطه الدبلوماسي بعدما استحال إرجاع المكتبة مباشرة من المتهم بضياعها .
وبمناسبة وجود السفير الإنجليزي جون هارسون بالمغرب أرسل معه زيدان رسالتين بتاريخ 14 يناير 1615 إلى كل من الولايات المتحدة للأراضي الواطئة (هولاندا بلجيكا لوكسومبورغ) يطلب فيها أن تتوسط فيها بين لويس الثالث عشر ملك فرنسا وفيليبي الثالث الملك الإسباني والثانية بتسليمها من يد إلى يد إلى لويس الثالث عشر .
سارعت فرنسا لدى الملك الإسباني فليبي الثالث بمساعي لاسترجاع الكتب و لتفادي ما يتعرض له الفرنسيين بالمغرب  ؛ لكن اسبانيا ترفض بدعوى أن السفينة تحمل ممتلكات دولة في صراع معها ولم تقبل إلا بسراح  قائد السفينة دي كاسطلان الذي حوكم بالإعدام في محكمة قادش (CADIZ) . أما المكتبة فتم نقلها للشبونة هناك تم فهرسة 4000 كتاب وزيادة  ونقلها إلى قصر الإسكوريال قرب مدريد* . بعدما انقطع الأمل من المساعي الدبلوماسية الفرنسية  لإنهاء الأزمة ،
دخل زيدان في اتصالات مع اسبانيا باسترجاع المكتبة مقابل 60000 مثقال ذهبي قوبل بعرض اسباني بإطلاق جميع الأسرى الإسبان في المغرب وهو عرض تعجيزي بالنسبة لزيدان الذي لا يحكم جل الترابي المغربي . مات زيدان سنة 1626 ولم يسترجع  ما ضاع منه  فاستمرت محاولة استرجاع المكتبة من بعده حيث  طالب الوليد بن زيدان بكتب أبيه في الإسكوريال من جون دوبرادو juan de prado   سنة 1040 ه / 1631 م وهذه المطالبة أشار إليها دوفيردان في كتابه مراكش (ص 435 ) .
كما أرسل الخليفة الثالث له محمد  ، الراهب بدرو دالكنطرا pedro d alcantara إلى فليبي الرابع ملك اسبانيا مقابل بناء كنيسة في مراكش ؛ لكن اللقاء بينهما لم يتم ، فنقل طلب السلطان إلى بابا الكنيسة الكاثوليكية الذي رفض بدعوى أن استرجاع المكتبة للمسلمين رعاية لدينهم والحفاظ عليه. لتصبح قضية استرجاع الكتب الإسلامية عامة  قضية الدولة المغربية حيث طالبت الأسرة العلوية الحاكمة فيما بعد باسترجاعها .
المولى إسماعيل في إطار إرسال سفيره محمد ابن عبد الوهاب الوزير  في شأن قضية أسرى معركة تحرير العرائش وخاصة المائة أسير التي وقع حولها النقاش بعد رفض علماء المغرب إطلاقها ، سيشترط  على اسبانيا مقابل تسريح هؤلاء الأسرى إرجاع الكتب الإسلامية حيث يقول في رسالته : ” وجه خلاص هذه المائة بالوجه الذي علمناه لكم ، وأعطيناكم فسحة فيه ، وإلا فالمائة المذكورة أرقاء أسارى من جملة إخوانهم ، وذلك أن تعطونا في الخمسين نصرانيا من هذه المائة خمسة آلاف كتاب ، مائة كتاب عن كل نصراني من كتب الإسلام الصحيحة المختارة المثقفة … وتعطون خمسمائة أسير من المسلمين في الخمسين الأخرى ، عشرة أسارى لكل نصراني ” . (4)
ومن هذا النص يتبين أيضا مدى أهمية الكتاب لدى السلطة المغربية التي ما فتئت تطالب بالثروات الزاخرة من الكتب والمخطوطات التي ضاعت من بين يدي المسلمين في الغرب الإسلامي وعدم تخصيص ذكر مكتبة زيدان من بين الكتب المطلوبة يرجعه بعض المؤرخين إلى الحريق الذي جاء على جانب من الإسكوريال سنة 1671 م مما كان طلب المولى إسماعيل الكتب الإسلامية عامة بما فيها ما بقي من مكتبة زيدان إن كان من جملة ما تعرض للحريق حسبما ادعى الإسبان في إحدى اللقاءات الدبلوماسية  .
كما طالب سيدي محمد بن عبد الله من خلال سفيره احمد الغزال سنة 1180 / 1766 م من كارلوس الثالث ملك اسبانيا، وكذلك عن طريق سفيره ابن عثمان المكناسي سنة 1193 / 1779 م من كارلوس الثالث أهداه خلال سفارته كتبا عربية للسلطان المغربي وقال هذا السفير عن كتب الإسكوريال ” إنها محبسة لا يمكن التصرف فيها “( كتاب رحلة السفير الإكسير في افتكاك الأسير ) ويشير محمد إبراهيم الكتاني على أنه عثر على ثلاث نسخ من مخطوطات الإسكوريال الأولى بمكتبة تامكروت والثانية اشتراها للخزانة العامة بالرباط وعثر على الثالثة بمكتبة القصر الملكي بالرباط .
(5) ولازالت بعض هذه الكتب موجودة بالخزانة العليا بجامع القرويين كعمدة القارئ في شرح صحيح البخاري للعيني بدر الدين المتوفى سنة 855 ه رقمه 1/ 124 وعدد أوراقه 150 وهو نسخة في عشرة أجزاء وجزء ضخم بخط مشرقي به خروم ، وكتاب التهذيب لمسائل المدونة لصاحبه خلف بن أبي القاسم البرادعي المتوفى سنة 438 ه رقمه بالخزانة 320 عدد أوراقه 96 يوجد في أربعة أجزاء مكتوب على ورق الغزال وجزء متوسط وكتب أخرى في الفقه والحديث … لا يسعنا ذكرها  .( 6)
إذن ، أين نحن من هذا الاهتمام وهذه العناية من الكتاب والمكتبات في هذا العصر ؟  فهذا دليل على المستوى المتنور والعلمي لمغاربة القرن 16 وخاصة لسلطان مغربي عاش في فترة تمزق و تشردم وانقسام واقتتال وضعف لا تساعد على العطاء والإبداع ورفع المستوى العلمي والثقافي للبلاد  ؛ ورغم ذلك تراه يجمع الكتب ويحفظها ويعتني بها ويعرف مضمونها ولو باستقدام مستشرقين للترجمة . شيء رائع وراقي فلنحدو حدوه نحن جيل التكنولوجيا الرقمية حتى تأخذ القراءة والكتاب حيزا من وقتنا المعاش.

(1) تاريخ الأوقاف الإسلامية بالمغرب  من خلال حولات تارودانت وفاس د / مصطفى بنعلة ط / 1 سنة 2007 دار أبيرقراق للطباعة والنشر منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ص : 66
– دراسات في علم المخطوطات والبحث الببلوغرافي احمد شوقي بنبين ص :177instsh32.blogspot .com >blog- (2)post25نونبر2015 25  تاريخ الأوقاف الإسلامية مرجع سابق ص : 67 و
*يراجع في هذا الشأن  كتاب دراسات في علم المخطوطات مرجع سابق
(3) مجلة البحث العلمي مقال الكتاب المغربي وقيمته لمحمد ابراهيم الكتاني رئيس قسم المخطوطات بالخزانة العامة الرباط العدد 4 / 5 السنة 2 يناير غشت  1965 ص : 12 ودراسات في علم المخطوطات (بنبين) مرجع سابق ص : 181
* قصر الإسكوريال  بناه فليبي الثاني يراجع كتاب دراسات في علم المخطوطات مرجع سابق  (بنبين) ص : 98
(4) مكرر مجلة البحث العلمي مرجع سابق ( الكتاب المغربي وقيمته) ص : 11 و12
(5) المنزع اللطيف في مفاخر المولى اسماعيل لمؤرخ الدولة العلوية مولاي عبدالرحمان  بن زيدان تقديم وتحقيق الدكتور عبد الهادي التازي ط / 1 سنة 1413 / 1993 مطبعة اديال الدار البيضاء ص : 192  – مجلة البحث العلمي مرجع سابق مقال بقلم عبدالله العمراني تحت عنوان سياسة المولى اسماعيل الخارجية ص : 297
(6)  مجلة البحث العلمي مزجع سابق مقال محمد ابراهيم الكتاني ص : 12
(7) تاريخ الأوقاف الإسلامية مرجع سابق ص : 73 و74

الاثنين، 30 أكتوبر 2017

الإسبان يتعلمون الدارجة المحلية

الإسبان يتعلمون الدارجة المحلية


    محمد عزلي

سطرت سلطات الحماية الإسبانية في النصف الأول من القرن العشرين مخططها المحكم للاندماج السريع في المجتمع المغربي بعدة وسائل وأشكال (مدنية/عسكرية)، (بنيوية/بيداغوجية)، (اجتماعية/اقتصادية)، لتفعيل السيطرة الميدانية على الأرض وبالتالي الاستغلال الأمثل للبلاد والعباد، لكن قبل كل هذا علمت أن عليها قراءة العنصر البشري الذي ستضطر إلى مواجهته والتعايش معه ومحاولة تطويعه لرغباتها، وبالتالي كان لزاما عليها اكتشاف أحواله ومعاشه وهواجسه وطريقة تفكيره وعوالم انشغالاته وقناعاته وعقائده وطبيعة ولائه.. وبطبيعة الحال سيسبق كل هذا اكتشاف لغته ولسانه.
الوثيقة موضوع الحديث، عبارة عن مطبوع إسباني تعليمي يضم نماذج دقيقة للمحادثات والكلمات الدارجة المحلية العربية التي تعالج مواضيع متنوعة تخص الحياة العملية المغربية، روعيت فيها بيداغوجية ذكية تعتمد على الشمولية والبساطة في تقريب طريقة النطق الأكثر سلاسة، والتفسيرات النحوية، ووصف الاستخدامات في العادات والمعتقدات، إضافة إلى التركيز على أهم مساطر القانون المغربي.
أصدر هذا العمل عن CASA EDITORIAL بالعرائش سنة 1924، على يد "ريكاردو نافاس دي ألدا" وهو عسكري بالجيش الإسباني برتبة ملازم حينها و فارس بالحرس الشريفي، عمل أستاذا للغة العربية بأكاديمية العرائش بعد حصوله على دبلوم اللغة العربية.



شاطئ رأس الرمل بالعرائش

شاطئ رأس الرمل بالعرائش

    
    محمد عزلي

يعد شاطئ رأس الرمل بالعرائش أحد أجمل وأكبر شواطئ المملكة المغربية وأكثرها تنوعا.
الجمال
يمكنك معاينته في أي نقطة جلست فيها، لأنك سترى منظرا بانوراميا لمدينة العرائش فوق هضبتها الشامخة تطل عليك بقسميها العتيق والمعاصر، كما سيدهشك منظر وادي لوكوس العريض والملتوي الذي ينتهي في أحضان المحيط الأطلسي الواسع، كما أن الشاطئ على طوله يسير بين رمال دقيقة عالية الجودة وغابة الصنوبر أو (البينيا) كما يسميها أبناء المدينة، وهي عناصر لن تجتمع إلا في العرائش.
الكبر
يبلغ إجمالي طول شاطئ رأس الرمل لوحده بمدينة العرائش أزيد من 5 كيلومترات موزعة كالآتي : شاطئ ميامي حوالي 1000 متر، الشاطئ الأول حوالي 250 متر،  الشاطئ الثاني حوالي 100 متر، الرصيف الصخري حوالي 750 متر، ثم شاطئ بيلبغروسا حوالي 3000 متر.
(أخذنا هذه الأرقام بمساعدة قياسات Google Maps)
التنوع
ينقسم شاطئ رأس الرمل كما أشرنا إلى :
1-    ميامي، وهو شاطئ نهري على الضفة الشمالية لمصب وادي لوكوس، يتموقع في المنطقة المفضلة لدى العائلات التي تبحث عن الأمان في السباحة والألعاب والرياضات المائية كما أنها قريبة من غابة رأس الرمل ومدشر رقادة، إنه مكان نموذجي للترفيه والاستمتاع بإعداد الطواجن السمكية أو (التاكرة) كما يسميها أبناء العرائش، تتميز مياهه بالسكون وسرعة التيار المائي عند حركات المد والجزر، لكنه في العموم آمن وجيد للمبتدئين في السباحة خاصة وأنه مراقب ولم تسجل فيه حوادث تذكر.
2-   الشاطئ الأول، يسميه أبناء المدينة (البلايا الأولى)، وكلمة بلايا تعني شاطئ باللغة الإسبانية، عرف هذا الفضاء واشتهر بالأطفال، حيث أن الشاطئ يقع بين حواجز صخرية جعلته ضحلا في المد والجزر، وهو مكان جد آمن لسباحة الأطفال، كما عرف بكرة القدم خصوصا عند الجزر حيث يصبح الفضاء المعبد للعب كبيرا ونموذجيا، يعرف المكان بحركيته الكبيرة حيث (يركب / ينزل) المصطافون من خلاله سواء عبر المراكب (الباطيل) أو الحافلات، يستمتع الآباء كثيرا في هذا المكان بشرب قهوتهم أو شايهم المنعنع وهم يراقبون أطفالهم تلهو تحت أنظار المدينة العتيقة بأسرها.
3-   الشاطئ الثاني، يسميها العرائشيون ب (البلايا الثانية)، أو (البلاييتا) وهي كلمة تصغير للبلايا، أو (البلايا د النصارى) لأنها كانت في عهد الحماية مخصصة للإسبان فقط وبقيت كذلك لمدة ليست بالقصيرة بعد الاستقلال. الشاطئ صغير لكن فضاء السباحة فيه كبير، يتميز بالأمان الكبير والأمواج اللطيفة، ولا يمكنك الغرق فيه أبدا لضحالته وطول المسافة التي عليك قطعها لكي تصل إلى عمق أكبر، وهو تدريجي لا مفاجآت فيه. يميز الشاطئ أربع أشياء أساسية : 1- صغر مساحة الشاطئ الرملي. 2-  بانوراما المنظر الساحر للبحر والمدينة. 3- ألعاب الجمباز (الجغيم) حيث عرف المكان بهذه الرياضة التي تخرج منها أبطال كثر على مر الأجيال. 4- السفينة التجارية الكبيرة الغارقة في هذا الشاطئ منذ الثمانينات والتي وضعت حدا نهائيا لاستمرار الملاحة التجارية بميناء العرائش.
4-   الرصيف الصخري، (البلوكيس) وهو حاجز أمواج يبلغ طوله 750 م بنته شركة ألمانية في مستهل مشروعها القاضي ببناء ميناء العرائش عام 1910 بتفويض رسمي من السلطان مولاي حفيظ، يتميز المكان بالمقاهي والمطاعم ويحبه العرائشيون لأنه مسبحهم المفضل، فكل واحد له صخرته التي يقصدها للقفز منها إلى مياه البحر الهادئة والعميقة والنقية، فالعرائشي يقضي يومه بالشاطئ وقد لا يسبح لكنه ملزم أن يمر إلى البلوكيس والقفز ولو مرة واحدة على الأقل ليبلل جسمه بماء المحيط وإلا فإن اليوم غير محتسب في سجله. يشتهر المكان أيضا بشيئين آخرين، أولا صيد الأسماك بالقصبة وإعداد طاجين السمك (التاكرة) في عين المكان.
5-   الشاطئ الرئيسي، معروف لدى أبناء المدينة باسم (البيليغروسا) وهي كلمة إسبانية تعني (خطيرة)، شاطئ طويل (حوالي 3000 متر) يقف عند حدود سيدي عبد الرحيم والمركب السياحي (Port Lixus)، يعرف هذا الشاطئ ازدحاما كبيرا في فصل الصيف، حيث يحتكر حصة الأسد من المصطافين، يتميز بجودة رماله وسرعة أمواجه وخطورته على من لا يلتزم بتعليمات المراقبة، لكنه مناسب لرياضات البحر من ركوب أمواج وكرة القدم والكرة الطائرة الشاطئية، يعرف نشاطا ورواجا كبيرين طيلة موسم الصيف ويتحول إلى أحد أروع الأماكن رومنسية وبهاءً في بقية فصول السنة.
مخيم رأس الرمل
يقع مخيم رأس الرمل بغابة الصنوبر المحادية للشاطئ، بابه مقابل للشاطئ الأول، دشن عام 1973 من قبل باشا العرائش محمد علي بنيس و ج.علال عزلي رئيس دائرة العرائش في الشبيبة والرياضة آنذاك، هذا الأخير يرجع له الفضل في إنشائه وتفعيل دوره الوظيفي، وقد عانى الأمرَّين لتنزيل فكرته حيز الوجود حيث لقي عراقيل عدة كادت تعصف بالمشروع أولها أن المجال الترابي للمخيم لم يكن ساعتها تابعا للعرائش، ثم كان عليه الإسراع في حسم التراخيص الضرورية بين الوزارات والإدارات المتداخلة في المشروع قبل تفويت المجال وخصخصته.
مخيم رأس الرمل اليوم تابع للمديرية الإقليمية لوزارة الشباب والرياضة بالعرائش، ويعد أحد أفضل وأجود مراكز التخييم على المسوى الوطني.


أشغال البناء بالمرسى و الحاجز الشمالي الذي يحد شاطئ بيلبغروسا

حركة الملاحة قبل عهد الحماية بمصب وادي لوكوس حيث يتواجد الشاطئ






المنارة الحمراء الشهيرة ب فارونا


فارونا مقصد هواة الصيد بالقصبة


صور حصرية بأرشيف العرائش، عام 1973 سنة تدشين مخيم رأس الرمل بالعرائش.
 الباشا محمد علي بنيس و الحاج علال عزلي رئيس دائرة العرائش في الشبيبة والرياضة آنذاك يدشنان المخيم



















الشاطئ الثاني أو البلايا الثانية أو البلاييتا أو البلايا د النصارى


الممر الإسمنتي الذي يرسم الحدود بين الشاطئ الأول و الثاني


 البلايا الثانية و الحاجز الصخري المشهور ب البلوكيس




 1995/1993

  1995/1993


  1995/1993


  1995/1993


  1995/1993


 1995/1993



الشاطئ الرئيسي الطويل و الشهير ب بيليغروسا


صورة جوية توضح الشكل العام الكامل لشاطئ رأس الرمل بمخيمه وغابته الصنوبرية


بيليغروسا 2005


 بيليغروسا 2008


 بيليغروسا 2008


 البلايا الأولى 2008


  البلايا الأولى 2008


  البلايا الأولى 2008


 بيليغروسا 2008




الصورتين للسيد عبد السلام الرامي صاحب مقهى الدالية الذي يظهر خلفه وكان يتواجد ب (البلايا الأولى) بشاطئ رأس الرمل بالعرائش.
يعتبر المكان أحد ركائز ذاكرة الشاطئ والذاكرة المحلية للمدينة عموما، كان يشغل مساحة 650 متر مربع واشتهر بظله الطبيعي من شجر العنب أو (دالية العنب) ومن هنا أخذ اسمه الذي اشتهر به عند العرائشيين وزوارها الأوفياء على مدى زمن ليس بالقصير أبدا.
أخد المكان شهرته أيضا بطواجن السمك وكؤوس الشاي المنعنع الرفيع، كما اشتهر بتوفره على الألعاب التي كانت تستهوي أجيال السبعينات والثمانينات والتسعينات من بلياردو وكرة القدم بالدمى الخشبية..
اعتُبِر مقهى الدالية كمحطة انطلاق ووصول لركاب النقل العمومي سواء الحافلات التي تقف قربه أو مراكب العبور (الباطيل) التي تقود إليه مباشرة عبر ممر إسمنتي ينتهي عند المقهى، مما جعل دوره يتعدى مجرد مقهى، ففيه يمكنك كراء أو شراء المعدات والملابس والضروريات المتعلقة بالاصطياف، كما يمكنك الاستحمام إما بمقابل مادي زهيد داخل المبنى أو بالمجان عند (الروبيني).
استفاد المكان من موقعه الاستراتيجي المتمركز في ملتقى الطرق بين جميع شواطئ رأس الرمل وكذلك المخيم مما جعل منه بؤرة للنشاط والرواج حتى في ليالي الصيف البديعة.
انتهى تاريخ المقهى عند صدور أمر تهديم كل مباني شاطئ رأس الرمل، فتم التنفيذ سنة 2009 ليوضع حد نهائي لحقبة صارت اليوم مجرد ذكريات وصور من الأرشيف.


عملية إخلاء و تهديم المباني 2009

صور حصرية من أرشيف 2009 

 البلوكيس


 محطة الحافلات بالشاطئ


 أشجار الصنوبر التي تطغى و تزين الشاطئ


شاطئ ميامي

 شاطئ ميامي




 شاطئ ميامي


شاطئ ميامي

 شاطئ ميامي


 شاطئ ميامي


شاطئ ميامي

شاطئ ميامي

 شاطئ ميامي


 شاطئ ميامي


 شاطئ ميامي


 شاطئ ميامي


 شاطئ ميامي




 أمواج بيليغروسا

 شاطئ بيليغروسا


  شاطئ بيليغروسا




 البلايا الأولى

  البلايا الأولى


  البلايا الأولى


  البلايا الثانية


   البلايا الثانية


   البلايا الثانية


   البلايا الثانية


   البلايا الثانية


  البلايا الثانية


صور حصرية من أرشيف 2010







 السفينة التجارية الغارقة في الشاطئ الثاني












 2016


  2016


  2016


 2016



من نوستالجيا العبور لشاطئ رأس الرمل بالعرائش عبر القوارب التقليدية، نقترح عليكم هذه القصة القصيرة للمبدع محمد مبشور حررها بتاريخ في 24/07/2018.

نحو الشاطئ

ناهزت درجة الحرارة في ذلك اليوم الصيفي القائظ رقم حذائي أي 44 درجة كاملة.. فحملت فوطة مقلدة مطبوع فيها ثور أسود بلا عينين و فوق رأسه شمس حمراء .. وضعتها فوق كتفي الأيمن و فتحت باب الثلاجة و شربت قارورة ماء كاملة و حملت قارورة أخرى أكبر حجما و أكثر برودة ووضعت نظارة شمسية و انطلقت إلى الشاطئ.... هناك في "السكاليرا" (سلالم حجرية) المخصصة لرسو قوارب خشبية بمجادف تنقلنا إلى الشاطئ انتظرت معاذ و ياسين حتى قدموا، كان معاذ يحمل مظلة كبيرة ستجنبنا سياط الشمس المنهالة على مؤخرة رقابنا بينما كان ياسين يحمل مضربين خشبيين و كرة صغيرة صفراء ..نزلنا أسفل تلك السلالم الحجرية الغير المتناسقة بفعل تعرضها المستمر لارتطام القوارب بها صيفا و الأمواج شتاءا و امتطينا قارب أخضر اللون و مكتوب بجانبه بصباغة بيضاء اسم السعدية ..القارب حسب السبورة التي كانت تحمل تعليمات و أمور تنظيمية أخرى و التي كانت معلقة في مدخل السكاليرا تشير إلى أن الطاقة الاستيعابية لكل مركب 10 ..قمت بالعد .. اكتشفت أننا الثلاثة إضافة للمتواجدين قبلنا وصلنا إلى 11 أي زائد واحد حسب ما هو مسموح به .. و لكن المركب لم يتحرك ..قدمت بعدها فتاتان شقراوتان تفوح منهما رائحة عطر ممزوج بالغنج و الدلال، فتزاحم الجميع لترك مكان فارغ لهما للجلوس بجانبه .. ثم جاء رجل و طفلين وحملهما نحو القارب ثم قفز هو الآخر دون انتظار، فأصبحنا 16 فصاح لحظتها شخص من القارب:
زيد أخاي جينكو شي 04 أو 05.
فأخبره جينكو بصفته مسؤولا عن تنظيم التنقل بأن العدد كافي.
و لكن ربان المركب أجابه بأن المركب مازال فارغا.
فأضاف جينكو شابان آخران و رجل و امرأة خمسينية قدموا للتو.
و صاح سير أخاي حميدو باراكا عليك ..و قفز أخيرا أربعيني يشبه حميدو في حجمه.
وسحنته و يحمل سلة مغطاة من العزف و قصبة صيد مجزئة بخفة لاعب أكروباتي في سيرك شهير نحو القارب.
و قف الربان الذي كان يشبه مزيج من أسوء قراصنة جاك سبارو و جيلفر شكلا وملابس ببشاعته و لون بشرته المتحولة و صدره العاري.. نظر إلى الجميع و هو يزبد و يرغد دون سبب ثم أمر الخمسينية بالجلوس قربه نظرا لبدانتها المفرطة و التي ستؤثر حتما على توازن القارب و أمر آخر شابين اللذين امتطيا القارب بالانتقال من الجهة اليمنى إلى اليسرى و صاحب قصبة الصيد بالانتقال إلى مقدمة القارب فانتقل هذا الأخير و جلس القرفصاء بجمود ..و غمغم دبا مزيان و أمسك بالمجدفين الخشبيين و بدأ بالتجديف اتجاه الشاطئ فبرزت عضلات ذراعيه المفتولة و الملئ بآثار جروح و ضربات سكين و في المقابل بدت رجلاه نحيفتان جدا و أخذت تزداد تقلصا و ضعفا حتى كادت أن تختفي.
طلب مني معاذ القليل من الماء ..منحته القارورة و لم يعدها لي..
رائحة البحر و الخز تسود في المركب ..ثم بدأت رائحة الفلفل و الطورطية التي كانت حتما مختفية في علب بلاستيكية في قفة أحد الراكبين تنافس رائحة البحر و الخز ..
راكب أخر أخرج بوق صغير و أوصله بهاتفه فصرنا نسمع موسيقى الراي رغما عن أنفنا.
أشعلت سيجارة بحذر كي لا تتبلل و رحت أتأمل السكاليرا و هي تبتعد و تأملت أيضا الشقراوتين و الخمسينية و سلة العزف و طائر النورس و زرقة البحر اللا متناهية محاولا انتحال صفة الشاعر بوهيمي..بينما كان ربان القارب مستمرا بالتجديف ..و في كل حركة تجديف يلمس بطن المرأة البدينة الجالسة بجانبه و التي لم تجرؤ على تنبيهيه بالأمر خوفا منه بينما يدنو صوت صرير متناسق اثر احتكاك المجدفين مع جانب القارب و ينافس موسيقى الراي ..
و صلنا تقريبا الى منتصف الطريق، فتخلى حميدو عن المجدفين لحظة و أشعل سيجارة محشوة رائحتها مغايرة جدا عن رائحة السجائر العادية و صاح
 خلصوني أخوتي ..
كنا 21 .. و كانت تكلفة التنقل 03 دراهم أي 63 درهما كمجموع.
أحصى حميدو نقوده فوجد درهم 60..
 نظر إلينا بعدها و قال .. مازال واحد ماخلصش.
 أخد الجميع ينظر إلى بعضهم البعض مثل أبطال قصص أجاثا كريستي بحثا عن المتنصل من الأداء، ساد الصمت نصف دقيقة ثم استطرد بعدها حميدو... شوفو بلا منبقاو نتعاصبو و نخصرو لهدرا.. را عندي كي طلعت كي نزلت .. مازال لا يوجد ابن امرأة قادر على أن يخدعني يلاه فوكوني .. قبل مانرمي شي ولد (...) فيكم في البحر .. قالاها و هو يحرك يديه بحركات عشوائية و بعصبية بينما اخد لعابه في التطاير.
منحه صديقي ياسين 03 دراهم و منحه الرجل صاحب الطفلين 05 دراهم و منحته إحدى تلك الشابتين الشقراويتين 05 دراهم إضافية و ابتسامة ناعمة، و منحه أحد الأشخاص الذين امتطوا القارب قبلنا 03 دراهم إضافية.. حمل النقود و نظر إلينا بغضب و الشرر مازال يتطاير من عينيه .. ثم جلس و أكمل التجديف و هو يقول بغضب
علاش نتوما هكذا كامونيين .. علاش .... فاللول كعملتوها و هنيتوني... اتخسروني مع راسي و صافي ...
حتما شخص آخر ظل متخفيا بيننا لم يؤدي .. أما أولئك الأشخاص فقد دفعوا مرة أخرى تفاديا للمشاكل و خوفا من ردة فعلا حمقاء من حميدو ..و صرت أحدق في ملامح كل شخص بالقارب بحثا عن ذلك الشخص الذي تهرب من الآداء .. دون جدوى .. فطلبت من معاد قارورة المياه لأرتشف جرعة ماء تساعدني على بلع هذا الموقف المحرج.. منحني قارورة فارغة ..نظرت إليه بدهشة .. فنظر إلي باعتذار و تأسف .. بينما كان قادر الجابوني يقول في أغنيته العاطفية و المليئة بالعتاب و الخارجة من ذلك البوق:
علاش بعت لسطوار حكاية يا العدوة
علاش حتى عشقي ليك ساومتيني فيه
علاش الخيط لي بيناتنا قطاعتيه
علاش يلي بنيتيه كاع هدمتيه...............