الخميس، 31 أغسطس 2017

مطار العرائش

مطار العرائش (العوامرة) أول مطار إسباني بالمغرب وأول رحلة جوية

صورة جوية لمطار العرائش العوامرة

    محمد عزلي

بداية المطارات
أقدم المستعمر الإسباني خلال السنوات الأخيرة من العقد الثاني للقرن العشرين على بناء محطتين جويتين، واحدة في الشمال (مطار العرائش "العوامرة")، وأخرى في الصحراء المغربية ب (طرفاية "كابو جوبي")، إضافة إلى مطار ثالث بمدينة مليلية السليبة لأغراض مدنية وعسكرية.
كما أنشأ في نفس هذه المرحلة على التراب الإسباني خمس مطارات وهي (برشلونة، مايوركا، أليكانتي، مالقة، وإشبيلية) ثم أعقبها بمطارين في جزر الكناري وهما "تينيريفي، ولاس بالماس".
من جهة أخرى وفي منطقة الاستعمار الفرنسي أنشأ المعمر مطارين لنفس الأغراض في كل من الرباط والدار البيضاء، ثم مطار أكادير في مرحلة لاحقة.
في سنة 1923 كانت الخطوط الجوية على التراب المغربي تقتصر على النقط التالية (العرائش، مليلية، الرباط، الدارالبيضاء) لتتسع بعدها سنة 1924 حيث انضافت إليها كل من (أكادير، وطرفاية ) ثم مطار تطوان الذي سيبدأ عمله سنه 1927.
بدأت الخطوط الجوية الإسبانية مباشرة تحليقها عملا بالمرسوم الصادر في 05 يوليوز 1920 لتفتتح أولى خطوطها المتمثلة في، [العرائش / إشبيلية]، [برشلونة / مايوركا]، و [مالقة / مليلية] على متن طيران شركة الخطوط الجوية الإسبانية CETA.

أول رحلة جوية
كانت أول طائرة للخطوط الإسبانية تحط على مدرج مغربي نزلت تحديدا بمطار العرائش، وقد كانت بريدية من نوع DH9 قادمة من إشبيلية وذلك يوم 15 أكتوبر 1921، حضر الحدث أهم مدراء الشركة الإسبانية للملاحة الجوية  CETA، حيت كانت تحمل على متنها رسالة من ملك إسبانيا ألفونسو الثالث عشر استلمها الحاكم العام لمنطقة العرائش الذي سلمها بدوره للجنرال باريرا المفوض السامي للمملكة الإسبانية بالمنطقة الخليفية، تضمنت الرسالة تحية ملكية خاصة إلى الجيش الإسباني بإفريقيا ويعنى به قوات الاحتلال الإسباني بالأراضي المغربية، كما تسلم الحاكم العام للعرائش نسخا من جرائد مدريد (ABC, EL DEBATE, EL SOL)، وقد عبر الحضور عن اندهاشهم وسعادتهم بتصفح جرائد العاصمة لنفس اليوم بعد أن كانت تصلهم متأخرة بأربعة أو خمسة أيام عن تاريخ إصدارها، تضمنت حمولة هذه الرحلة الجوية الأولى من نوعها أيضا إرساليات بريدية وعددها 30.

حوادث مميتة
شكل خط إشبيلية / العرائش كابوسا للطيارين الإسبان خصوصا في مرحلته الأولى التي كانت تستخدم طائرات DH9، وقد سجل في هذا السياق حادثين مميتين لكل من الطيار "إيستيكي" الذي اصطدم بجبل قرب مدينة تطوان، ثم الطيار فيلا الذي غرق بالمحيط بسبب نفاد الوقود من خزانه الصغير.

http://larache-historia.blogspot.com/2009/11/aerodromo-de-auamara-larache
https://www.todocoleccion.net/postales-militares/aerodromo-auamara-larache


إقلاع طائرة DH9 من إشبيلية في أول رحلة جوية صوب مطار العرائش

صورة تذكارية تخلد يوم افتتاح أول رحلة جوية لخط إشبيلية / العرائش

طائرة من نوع DH9 استخدمت للبريد
  
الطيار الشاب فرانسيسكو ماسانيت بيستارد 23 عام  ينزل بطائرة بريدية من فئة HAVILLAND DH9 بمطار العرائش سنة 1922



1922


طائرة قادمة من جزر الكناري سنة 1924

طائرة قادمة من جزر الكناري سنة 1925 


طائرة قادمة من جزر الكناري سنة 1924

المنطاد الألماني زيبيلين فوق مطار العرائش


1925


  1926




 1926

الأربعاء، 30 أغسطس 2017

كنيسة ديل بيلار بالعرائش




   محمد عزلي

تشكل كنيسة ديل بيلار بالعرائش قطعة هامة وأساسية في النسيج العمراني الكولونيالي للمدينة المتميز بغنى حمولته الثقافية والحضارية وكذا تنوع مدارسه الهندسية التي عرفت عصر طفرتها بالتزامن مع مشروع التوسعة الذي نزلته سلطات الحماية الإسبانية على أرض مدينة العرائش منذ احتلالها سنة 1911.
لعبت هذه الكنيسة دورها المنوط بها طوال القرن العشرين كمؤسسة دينية، تربوية، تعليمية، واجتماعية، إضافة إلى أدوارها السياسية والتبشيرية زمن الاحتلال.
لكن ما حكاية هذه الكنيسة وتسميتها ؟ من بناها بالعرائش ومتى ولماذا ؟

كنيسة ديل بيلار في العالم
« Catedral de Nuestra Señora del Pilar »  هي كنيسة كاتوليكية في مدينة العرائش، لها مثيلات في مدن لاتينية  عبر العالم خصوصا في إسبانيا والبلدان التي استعمرتها هي :
إسبانيا :
Calanda ,Teruel. كالاندا "  تيرويل "
Canfranc ,Huesca كانفرانك " ويسكا "
Los Montesinos ,Zaragoza مونتيسينوس " سرقسطة "
Zaragoza " سرقسطة "
Valencia " فالينسيا "
Valencia  " فالينسيا "
Valladolid " بلد الوليد "
الأرجنتين :
Buenos Aires " بوينوس أيريس "
البرازيل :
Ouro, Preto  " أورو بريتو"
المكسيك :
México " ميكسيكو "
البيرو :
 AyabacaPiura, " أياباكا "

التسمية
 سميت الكنيسة تكريماً للسيدة مريم العذراء، تحت لقب سيدة بيلار، وقد أشاد بها وكرسها للشعوب الإسبانية من أجل مريم العذراء البابا يوحنا بولس الثاني وتشتهر بأنها أول كنيسة مُكرسة لمريم العذراء في التاريخ.
يرجع تاريخ هذه الكنيسة إلى فجر المسيحية في إسبانيا، وينسب لها ظهور القديس يعقوب بن زبدي، وهو كما يُعتقد تقليدياً أنه من تلاميذ المسيح الذي جلب المسيحية إلى البلاد.

تأسيس كنيسة ديل بيلار بالعرائش
بلغ تعداد الساكنة المسيحية بمدينة العرائش في نهاية الربع الأول من القرن 20 حوالي 12000 جلهم من المعمرين الإسبان، الشيء الذي جعلهم يطالبون بكاتدرائية كبيرة تجمع شملهم وتحافظ على استمرارية عقيدتهم الكاثوليكية.
تكلفت الملكة فيكتوريا "Reina Dona Victoria" قرينة العاهل الإسباني ألفونسو الثالث عشر "Alfonso XIII" شخصيا بتجميع ميزانية التشييد وإصدار الأوامر للتسريع في إنشاء البناية ابتداء من يناير 1926، إلا أنها لم تفتح أبوابها رسميا إلا في 12 من أكتوبر سنة 1931.
تكلف المهندسين  "Luis Blanco Soler" لويس بلانكو سولير، و "Rafael Bergamin" رفايل بيركامين بتنفيذ المشروع، وقد شكل هذا البنيان ثورة في هندسة الكنائس حيث أنهم تأثروا بهندسة المساجد الإسلامية المغربية المتميزة بالصومعة، القباب، البهو المفتوح، و الأعمدة المتوازية والمتشابكة في علوها على شكل أقواس.
من الواضح أن المستعمر كان متخوفا من ردة فعل أهالي المدينة من المسلمين، فأقدموا على بناء الكاتدرائية على الطريقة الإسلامية في بناء المساجد، وأشاعوا بين الناس كلمة المصلى "Mezala" لإيهامهم أنها مصلى للمسلمين، ليتفادوا أي أعمال تخريبية مقاومة للمد المسيحي من جهة، ومن جهة أخرى ليستفيدوا من اليد العاملة المحلية، وبقي الأمر هكذا إلى أن جاء دور اللمسات الفنية الأخيرة من ديكور وإكسسوارات ورسوم وتماثيل حيث تكلف بها الإسبان وحدهم، فأرجأت قبيل التدشين بوقت بسيط وسط تأمين عسكري مشدد.
وقد عبرت الصحيفة الإسبانية "أبيض وأسود" عن كاتدرائية العرائش في مقال بتاريخ 21/07/1935، أنها مثال رائع للعصرنة والتطور والتجديد المطلوب لمواكبة العصر وإحياء أمجاد الكنيسة الكاثوليكية، وهذا مقتطف من المقال : "La iglesia de larache es uno de los varios ejemplos de esa arquitectura nueva que esta queriendo en nuestro tiempo renovar las iglesias católicas de ahora.
por ahí habrá de empezar el arte de hoy a encortar rumbos seguros si quiere llevar a termino sensato esta rectificación o renovación del arte que hestan hoy pidiendo"



مراجع :

·       Iglesia de Nuestra Señora del Pilar - Wikipedia

·       La Iglesia de Larache « http://larache-historia.blogspot.com/»

·       El periodico Blanco y Negro 21/07/1935



الكولونيل خواكين سيبولينو 










جمالية البيئة والموقع للعرائش : شواهد من الماضي


    بقلم : عبد الحميد بريري

العرائش مشتقة من العريش أو الاعراش مشتقة من العرش ، كلاهما اسمان عرفت المدينة بهما ، يوحيان بوجود الماء والخضرة بكثرة النبات والطبيعة الخلابة . الشئ الذي يضفي على المكان جمالية ورونقا لا تمله العين . ولا زالت غابة العرائش شاهدة على ما نقول الغنية بالنباتات كالمصطكي المعروف بنصاعة الإخضرار وغيرها من النباتات الغابوية الأخرى . كما أن شجرة "الكليمنتين" التي قيل عنها أن اول ماوجدت ، وجدت في العرائش ، وهي شجرة التفاح الذهبي التي تحكي عنها الأسطورة حسب التفسير الواقعي لها ، قام المعمر الإسباني تأثيت حدائق المدينة بشجرة الآرنج ، للرمز إلى ذلك، فلا تحس بوجودها إلا حين فصل الربيع وهي تعطر الجو برائحة أزهار البرتقال . وبذكر حدائق العرائش وكيف زينها غارسوها بأنواع الورود الحمراء والأزهار والنباتات ، يجسد بحق اسم العرائش ، وكذا تلك السقائف الموجودة بالشرفة الأطلسية التي كانت تحمل دوالي العنب الفاكهة التي رسمت على إحدى مسكوكات ليكسوس القديمة . إنهم بحق كانوا يحبون العرائش فجسدوا رموزها التاريخية ،بعدما استوعبوها ، في تهييئ عمرانها. فلا تخلو بعض المراجع التاريخية من ذكر حقول العرائش وجنانها كمرمول كربخال في القرن 16 وغيره ومن قبل هذا كله ، اسطورة الهسبريدس التي تحكي عن الحدائق والحسناوات . ولا يزال اسم الجنانات يحمله اسم غالبية أحياء المدينة . وسفينة العرائش التي كانت مضرب الأمثال عند المغاربة في العهد المريني في حملها أهون الأشياء الفحم كان شراعها من قطن ، ذلك المنتوج الناصع البياض وصنعهم به شراع سفنهم رغم درن المنتوج وسواده الذي تحمله سفنهم يعبر عن الفن والجمال والإتقان . كما كانت تعرف العرائش لدى الأروبيين بمدينة المباني الجميلة .

 لوحة زيتية تصور جنة الهسبيريديس

عرائش ذاك الزمان استهوت قلوب البشر والكائنات الأخرى ونسج حولها الأساطير إلى أن قال عن ليكسوس وشهرتها ودلالات أساطيرها الكاتب الشهير بلين الأكبر الذي عاش في القرن الأول الميلادي : " ... فإن هذه المدينة كانت قوية جدا وكانت أكبر من قرطاج الكبرى ... " بعد أن تحدث عن " ... الغاب الشهيرالذي ينبت فيه التفاح الذهبي ... " . كما يصف الحسن الوزان طبيعتها بقوله : " وفي ضواحي العرائش غيضات ومروج عديدة ، يصطاد فيها كثير من سمك الإنقليس (النون)والطيور المائية ..." هذه الطيور منها لا زالت تنفرد العرائش ومنطقتها باحتضانها والعيش فيه دون غيرها من مناطق المغرب الجميل  كالطائر المسمى درسة القصب reed bunting وطيور مهددة بالانقراض تنطلق من منطقتها (العرائش) الى جهات مختلفة كالخطاف الاسمر الصدر ، والحبارى الكبيرة  المهددة بالانقراض كذلك، طيور تضفي على المكان جمالية وتوقع على أنه ذا شأن وتؤكد شهادة ليون الافريقي الذي زار المدينة والمنطقة بداية القرن السادس عشر.

درسة القصب reed bunting

سألت موظفين قدامى ينتمون إلى مختلف أنحاء الوطن العزيز عن سبب اختيار العرائش مقر عملهم ، قالوا لجماليتها ولمدنيتها . وكان والدي يروي عن جدي رحمة الله عليهما انبهاره بجمالية المدينة في أربعينيات القرن الماضي والصور الفوتوغرافية لهذه السنون تشهد على ذلك .
توجد المدينة على تل يعلو عن سطح البحر بخمسين مترا ، يتخذ شكل شبه جزيرة ، يحيط بها النهر من الشمال والشرق ، ومن الغرب المحيط الأطلسي ،وفي الجنوب تمتد غابة تعرف بغابة العرائش على آلاف الهكتارات يغلب عليها شجر البلوط الفليني . تساهم كل هذه العوامل في ترطيب الجو حتى يسجل المرطاب أعلى درجاته فيها . هذه الرطوبة تلعب دورا مهما في تلطيف شمس اللوكوس الحارقة وصيفه الشديد الحر وتجعل من العرائش منتجعا يلجأ إلبه كل من أراد الإستجمام والراحة . شكل لها النهر والبحر خصوصية ارتبط مصيرها وتاريخها بهما حتى وصفت الأسطورة النهر بالتنين الذي يحرس التفاح الذهبي . وبالفعل كان النهر بفعل موج المحيط والمد والجزر يشكل حاجزا عصيا بصعب على كل دخيل اختراقه ، يرعبه ويعجزه ،ويغرقه في بعض الأحايين . وتحس بعظمة هذا النهر وأسطوريته عندما كان المنطلق والمهرب المفضل للمجاهدين البحريين والقراصنة من جنسيات مختلفة وهو يلتوي في السهل بين هضبتي المدينتين (العرائش وليكسوس) حتى يصب في المحيط .
هذا الارتفاع عن سطح البحر أعطى للعرائش خصوصية من الجهة الغربية المطلة على المحيط حيت أنجز الاسبان شرفة على الجرف يتمتع الواصل اليها بمنظر جميل يعلو البحر ، وبنظرة اليه بمسافة أميال طويلة وخاصة اذا كان الزمن غروب الشمس وفي نفس الوقت تتذكر ذلك التهافت الاستعماري على موقعها الاستراتيجي فيعدرون .
انها العرائش بموقعها وبيئتها الجميلة .