الأحد، 25 أكتوبر 2020

تجديد الكتابة التاريخية المغربية المعاصرة: التاريخ الاجتماعي أنموذجا

 


 اللهمّ ارحمنا إذا اشتدّت الكربات، وتوالت الحسرات، وأطبقت الرّوعات، وفاضت العبرات، وتكشّفت العورات، وتعطّلت القوى والقدرات.

انتقل إلى جوار ربه يومه السبت 24 أكتوبر 2020 الأستاذ الدكتور ادريس بوهليلة رئيس شعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة عبد المالك السعدي تطوان، ودعنا رحمه الله فجأة بعد إصابته بوباء كورونا اللعين، وهو في أوج نشاطه البحثي ونضجه الفكري وإنتاجه العلمي الرصين والنافع.

وبهذه المناسبة الأليمة يتقدم المكتب الإداري لجمعية أرشيف العرائش لتوثيق التراث الثقافي والبحث التاريخي بأحر التعازي لأهل الفقيد وأحبابه في مصابهم الجلل ولأسرة جامعة عبد المالك السعدي ولكل أصدقائه وطلابه، راجين من المولى عز وجل أن يلهمهم الصبر الجميل، وأن يكتب فقيدنا الكبير من السعداء الآمنين الذين لن ينقطع أجر أعمالهم بمنيتهم إذ نحسبه أخذ بالأسباب كلها. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم.

ومن صدف القدر أن جمعية أرشيف العرائش كانت قد تشرفت بتكريم الدكتور ادريس بوهليلة في مثل هذا التوقيت من العام الماضي على هامش ندوة "التجديد في الكتابة التاريخية المغربية" التي نظمتها الجمعية بمقر محافظة موقع ليكسوس الأثري في الفاتح من نونبر 2019، وشارك فيها الفقيد بمداخلة قيمة تحت عنوان "تجديد الكتابة التاريخية المغربية المعاصرة: التاريخ الاجتماعي أنموذجا".

هذا وبعد التنسيق مع إدارة مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث بالرباط الذي سيتكفل بنشر أعمال الندوة، تم الاتفاق على أن يكون الإصدار مهدى إلى روح الأستاذ الدكتور ادريس بوهليلة، كما تم الاتفاق كذلك على أن نهديكم اليوم نص المادة العلمية التي شارك بها الفقيد في أشغال الندوة.

الأستاذ أحمد الخطيب نائب رئيس مجلس إقليم العرائش يسلم د. ادريس بوهليلة درع جمعية أرشيف العرائش

تجديد الكتابة التاريخية المغربية المعاصرة:

 التاريخ الاجتماعي أنموذجا 

        د/ إدريس بوهليلة

        أستاذ التعليم العالي ورئيس شعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة عبد المالك السعدي، تطوان/المغرب.


مقدمة

        مما لاشك فيه أن موضوع " التجديد في الكتابة التاريخية المغربية " من المواضيع الإشكالية، التي لازمت العلوم الإنسانية عامة وعلم التاريخ بصفة خاصة، بالجامعات والساحة الثقافية المغربية، منذ الاستقلال إلى اليوم، طُرحت أثناءها أسئلةٌ، كما قُدمت أجوبةٌ من قبل المؤرخين والكُتاب، وما زالت الأسئلة تنهال وتتناسل بحسب الظروف التاريخية ووضعية وتطور العلوم الإنسانية بل والعلوم الحقة، انبرى أثناءها مؤرخون دعوا بحماسة وطنية ووعي تاريخي إلى إعادة كتابة تاريخ المغرب، ولم يفتهم أن يُقدموا اقتراحات وتوصيات، ويلتمسوا حلولا لتخليص هذا التاريخ " وتطهيره من مثالب الكتابات التقليدية المترهلة، والتخريجات الاستعمارية الملغومة بالافتراءات والتشويه، وإدخاله في تيار المنظومة الشمولية "[1] ، مما جعل الكتابة التاريخية المغربية " تتقلب بين المسارات وتلتمس اختراق دياجير المسكوت عنه، والطابو المقدس بخضخضة ميكانزماته وخلخلة مورفولوجيته واستشفاف الثاوي الدفين بين طيات المتن المصدري"[2].

1 ـ من مسوغات التجديد في الكتابة التاريخية

إن تجديد تاريخ المغرب هو إعادة كتابة هذا التاريخ، مرّة تلو الأخرى، كلما وصلت إلى المؤرخين تفاصيلٌ جديدة منه، أو انكشفت لهم أسبابٌ مستأنفة.

وإن مسوغات التجديد كثيرة، منها أن الحوادث والإشكالات التاريخية تتوالى بتوالي الأيام، فكل يوم جديد يأتي بحوادث ووقائع ومسائل جديدة، وتُطرح أسئلة جديدة تنتظر من يفكّ ألغازها ويحلل عللها، ويجب أن تدوّن وتٌضاف إلى سلسلة التاريخ التي لا تنتهي. هذا فضلا عن كون عددا من المسائل تنكشف لها على كرّ الأيام تفاصيل وأجوبة جديدة من الواقع الجديد.

وتجديد التاريخ مرتبط أشد الارتباط بتطور العلوم وبطريقة ومنهجية كتابة هذا التاريخ، إذ ليس تجديد التاريخ إلغاءً لما سبق من الوقائع والمسائل التي يخالف بعض الناس فيها بعضا من الرأي سواء كان سياسيا أو دينيا أو اجتماعيا أو شخصيا[3].

ومسوغ هذا التجديد نذكر منه هنا سببين أساسيين:

 أولهما أن المستعمر كتب تاريخا مصنوعا للبلاد المستعمرة يُبرز فيه فضل استعماره لها، فجاء نفرٌ كثيرون فاعتمدوا هذا التاريخ المصنوع ـ عفوا أو غفلة أو قصدا أو استنامة ـ فأصبح هذا التاريخ يمثل جانبا من ماضي هذه البلاد الضعيف المخزي، لا يدل على وعي شعوبها الحاضر، ولا يوافق أملها في الوثوب إلى مستقبل أليق بها، حيث الحرية والكرامة والرفاهية...

وأما ثاني السببيْن، فهو حاجة أهل البلاد المستعمرة إلى أن تعرف تلك العوامل التي جعلت منها في الماضي القريب شعوبا تخضع للاستعمار والاستعباد ثم تصبر عليه هذه المدة الطويلة[4]، ومن هذه البلاد بلاد المغرب.

2 ـ في تجديد كتابة تاريخ المغرب: التاريخ الاجتماعي أنموذجا

     يتفق الباحثون على أن الكتابة التاريخية المغربية المعاصرة عرفت تطورا ملحوظا من الناحيتين الكمية والكيفية، منذ الاستقلال إلى الآن. وذلك في سياق تحولات الجامعات وتكاثرها وانتشارها عبر مختلف المدن المغربية، أنجبت أثناءها أجيالا من الأساتذة الباحثين المتخصصين في حقل التاريخ، بتنوعه وتقسيماته الكلاسيكية (قديم، ووسيط، وحديث ومعاصر)، وقد قدّم أحد الباحثين مقاربة إحصائية لعدد الأطاريح الجامعية المنجزة على مدى أكثر من عشرين (20) سنة، ابتداء من سنة 1979 إلى سنة 2009، وصل عددها 450 رسالة وأطروحة، وجاء توزيعها حسب الاختصاص، باستثناء العصر القديم كالتالي:

ـ 192 رسالة وأطروحة في التاريخ الاقتصادي الاجتماعي (42,67 %).

ـ 107 رسالة وأطروحة في التاريخ السياسي (23,77% )

ـ 90 رسالة وأطروحة في تحقيق النصوص المخطوطة (13 ,5%).

وخلُص إلى أن أبحاث التاريخ الاقتصادي الاجتماعي احتلت المرتبة الأولى في مجموع الإنتاج الإسطغرافي الوطني[5]، كما هو واضح من الترتيب أعلاه.

واعتبر باحث آخر أن التاريخ الاجتماعي هو من بين العناصر المحورية لتحديث الكتابة التاريخية، وتجاوز التاريخ السياسي ـ العسكري الكلاسيكي، وإعادة الاعتبار للمجتمع، من أجل فهم مكوناته وشروط عيشه وديناميته وذاكرته[6]. وبذلك أصبح " المؤرخ لا يهتم بالرواية بقدر ما أصبح يهتم بالتحليل، فابتعد عن زملائه الأدباء ليقترب من علماء الاجتماع[7].

             وفي هذه الورقة البحثية المقترحة، سوف لن نتطرق فيها لمفهوم التجديد في خطاب مؤرخي المغرب المعاصرين، أو لأرائهم واقتراحاتهم التي سطروها في مؤلفاتهم حول كيفية التجديد في الكتابة التاريخية المغربية، كما أننا لن نخوض في رصد تطورها وتحولاتها، وإكراهاتها وعوائقها عبر الزمن المعاصر، لأن هذه المواضيع تحتاج إلى حيز خاص، وإلى قراءة متمعنة وشاملة لها، وإنما ستنصب هذه الورقة، على تقديم وإبراز مشروع رؤية لنموذج من الكتابة التاريخية المعاصرة، التي نحسبُ ونُقدّر أنها كتابة تجديدية، ويتعلق الأمر بموضوعٍ موسومٍ: "الهِجْراتُ الجزائرية إلى المغرب ما بين سنتي 1830 و1912: تطوان أنموذجا"[8]. إنه مشروع متواضع طموح، لأنه يطرح مسألة إعادة بناء تاريخ المغرب، من خلال موضوع لم يتطرق إليه أي باحث أو كاتب في جزئه المحلي: تطوان.

نطرح إذن هذا الموضوع، للمناقشة وتبادل الرأي والنقد، انطلاقا من قناعتنا بفكرة أن التجديد في الكتابة التاريخية المغربية لا يستقيم إلا بالاستناد على المرجعية النقدية المبنية على الحوار الهادئ والواعي[9]. ونعترف منذ البداية أن عملنا في هذا الموضوع لا يسعى إلى البحث عن الإجابة النهائية بقدر ما يهدف إلى مقاربة الإشكالات المعقدة ونحت علامات استفهام كبرى وإجراء نقد بل و" التمرد" أحيانا على ما هو شائع ومتواتر من معطيات ومفاهيم مغلوطة حول الموضوع، لذلك ستبقى الملفات المطروحة والتساؤلات المثارة، مفتوحة للنقاش وتبادل الرأي والحوار المستمر. والتاريخ ـ كما هو معلوم ـ لا يُكتب مرة واحدة، بل تُعاد كتابته باستمرار تحت إيحاء أو ضغط أسئلة يلقيها الحاضر على الماضي[10]، وليس غريبا أن يتجه الوعي في المغرب المعاصر إلى ربط الحاضر بالماضي، وإلى قراءة كل منهما بواسطة الآخر، استعدادا لـ "تصفية الحساب" مع العقيم فيهما والاتجاه كلية إلى المستقبل[11]، الذي يُتوخى منه كرامة الإنسان المغربي وتقدمه ورفاهيته.

كما ننوه إلى أننا سنتناول هذا الموضوع باقتضاب من خلال التطرق إلى النقاط التالية:

أولا ـ الموضوع

ثانيا ـ الأهداف المتوخاة

ثالثا ـ المسوغات المنهجية

     أولا: الموضوع

       إن موضوع الهجرات الجزائرية إلى المغرب وإلى تطوان تحديدا ينتمي إلى حقل التاريخ الاجتماعي فضلا عن انتمائه إلى حقول معرفية مختلفة، ولكنها متداخلة ومتكاملة، منها على وجه الخصوص: الجغرافية السكانية، والديمغرافيا التاريخية، والعلوم الاجتماعية وخاصة علم الاجتماع، والأنثربولوجية الثقافية وغيرها.

تُعدُّ هجرة الجزائريين إلى بلاد المغرب عامة وإلى تطوان بصفة خاصة، من أهم الظواهر والحوادث التاريخية الكبرى التي شهدتها بلاد المغرب الكبير في القرن 13هـ/19م، بالنظر إلى ما ترتّب عنها من انعكاسات وتداعيات؛ فقد كانت هذه الهجرة، وحوادث أخرى مواكبة أو متعاقبة، منها: احتلال الجزائر سنة1246هـ/1830م، وهزيمة المغرب في حرب إيسلي سنة 1260هـ/1844م أمام القوات الفرنسية، وهزيمته أيضا في حرب تطوان سنة 1276هـ/1859 ـ 1860م في مواجهة الجيش الإسباني، من بين الحوادث التي ألزمت المغرب الدخول إلى التاريخ المعاصر عنفا وقهرا، لم يُعهد لها مثيل فيما قبل ولا بعد، حيث ستُقرر مصيره المستقبلي وتطبعه بالنكسات والانكسارات والهزائم المتتالية ؛ منها:

ـ الاحتلال الشامل في سنتي 1912و1913م بفرض الحماية عليه من طرف فرنسا وإسبانيا.

       ـ اقتطاع فرنسا مناطق المغرب الشرقية والجنوبية، وضمها إلى مستعمرتها الجزائر ظلما وعدوانا، مستغلة ظروف المغرب التاريخية وضعف قوته العسكرية وسلطته السياسية (سنة 1900م).

ـ فرضُ على المغرب معاهدات وأوفاق غير متكافئة بحكم طبيعة علاقة الغالب والمغلوب (منها: معاهدة 1844، و1845، و1860، و1861، و1863، و1880، و1894، و1901، و1902، و1906، و1912).

ـ اقتراح بل وفرض على المغرب إصلاحات، ظاهرها تمدن وحضارة، وباطنها استغلال وزيادة نفوذ (مثل المعاهدة بين المغرب وإنجلترا سنة 1856م، فضلا عن المعاهدات الأنفة الذكر).

كل ذلك سيؤثر على بنية المغرب الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، وتنظيماته السياسية، واستقراره الجيوـ سياسي، وعلاقاته بدول الجوار، وبباقي دول العالم إلخ.

وكان لابدّ أن يُفرز هذا الوضع وبالملموس، الفرق الشاسع بين دول ضفتي البحر الأبيض المتوسط، منها دول المغرب الكبير وأوربا على جميع الأصعدة العلمية، والعسكرية، والاقتصادية، والثقافية، والحضارية بصفة عامة. وهو الفرق الذي مازال هائلا إلى الزمن الراهن، في ظل الاستقلال القُطري.

    في ظل الظروف العصيبة من تاريخ المغرب الكبير المعاصر التي أتينا على ذكر بعضها، كان لابدّ وأن يُصبح موضوع "الهجرات الجزائرية إلى المغرب" إشكالا تاريخيا، مثيرا، وجذابا، تحوم حوله قضايا غامضة وشائكة. إلا أن البحث فيه يُعدُّ مغامرة ومجازفة، لما للموضوع من حساسية بالغة، باعتبار الضغط الهائل لحاضر دول المغرب الكبير على ماضيها القريب، وضغط ماضيها على حاضرها ومستقبلها، وأيضا لصعوبة البحث فيه بسبب قلة المصادر، وقلة بل وندرة الدراسات والأبحاث، وهي الندرة التي تُفسّر ضعف الإنتاج التاريخي والتراكم المعرفي في مثل هذا الموضوع الشائك والخطير. ومع ذلك فقد اقتنعنا باقتحام هذا الميدان وضرَبْنا فيه أشواطا، إلى أن اكتمل وأصبح جاهزا في الهيأة التي قدمناه فيه.

ثانيا: أهداف اختيار الموضوع وإشكالاته

      من بين الدوافع والأهداف التي جعلتنا نختار دراسة هذا الموضوع، بالإضافة إلى ما ذكرناه آنفا، نعرض لأهمها هنا باختصار: فبعد اطلاعنا على ما هو موجود من تآليف ودراسات التي اهتمت بالموضوع إما من قريب أو بعيد، لم نجد ولو دراسة مغربية واحدة عالجت بموضوعية الإشكاليات المتصلة بهجرة الجزائريين إلى المغرب، لهذا جعلنا هذه الإشكاليات من أولويات بحثنا، وحدّدنا نوعيتها، وكانت من الحوافز التي جعلتنا نخوض لجاجها، نوجز بعضها في النقاط التالية:

ـ ظاهرة الهجرة الجزائرية الاضطرارية وأسبابها الأساسية، أي عوامل الضغط والطرد.

ـ تأثير المتغيرات السياسية في بلاد الجزائر في ظاهرة الهجرة الاضطرارية.

ـ علاقة هجرة الجزائريين بالاستعمار. ومن ثم علاقة توظيف الحركة الاستعمارية الفرنسية لأبناء مستعمرتها في الجزائر بتوسيع امبراطوريتها ونفوذها بالشمال الإفريقي في استراتيجيتها " التسرب السلمي " المعلنة، من خلال توظيف والاستفادة من خصوصيات الجزائريين الدينية واللغوية والإثنية، قبل الحماية الفرنسية على المغرب.

ـ مدى نجاح الاستعمار الفرنسي في تمزيق وحدة المجتمعين (الجزائري والمغربي) وإثارة عناصر العداء والتفرقة بينهما؟

ـ موقف المهاجرين الجزائريين من الاستعمار الأوربي وهم على أرض مدينة تطوان، وموقفهم من وحدة واستقلال المغرب؟

ـ كيف تم استقبالهم بمدينة تطوان من طرف السلطة العليا بالبلاد ومن طرف سكان تطوان؟

ـ مدى تمثّل عناصر الوحدة والتضامن ما بين المجتمعين الجزائري والتطواني، ومن ثمّ ما بين المجتمعين المغربي والجزائري، وحضورهما بقوة في فترة الأزمات الداخلية والخارجية؟

ـ تطوان بين الانغلاق والانفتاح، أو مدى انفتاح مدينة تطوان واستقبالها للتأثيرات الثقافية والحضارية لشعوب البحر الأبيض المتوسط، والقصد هنا، الثقافة العثمانية التي حملها الجزائريون إلى تطوان.

ـ مدى اندماج الجزائريين في الحياة اليومية، المهنية والحرفية والثقافية للمجتمع التطواني، وانصهارهم فيها؟

ـ كيف فسّر مُنظرو الاستعمار مفهوم الهجرة كما مارسها الجزائريون، عندما حطوا رحالهم في مدن وقرى المغرب سنة 1246هـ/1830م وما بعدها؟، وكيف حاولوا توظيفها لتحقيق مصالح دولتهم الفرنسية، وبثّ التفرقة بين أبناء المغرب الكبير والتي مازالت آثارها، تؤثر سلبا في سياسات حكامه إلى الآن، كما هو معاين في فشلهم في تحقيق اتحاد المغرب العربي؟!

      ومن الأسباب والأهداف الأخرى التي جعلتنا ننكبُّ على دراسة هذا الموضوع، وتحديد ميدانه في مدينة تطوان، نوجز بعضها في النقاط التالية:

ـ المساهمة في دراسة التاريخ الاجتماعي لمدينة تطوان في القرن 13هـ/ 19م، من خلال دراسة هجرة الجزائريين إلى المدينة، والتي شكلت شريحة اجتماعية مهمة، انضافت إلى الشرائح الأخرى، المكوّنة للمجتمع التطواني وحضارته. هذا الجانب من الدراسة، نعدُّه جانبا أساسيا من جوانب تاريخ تطوان المنسيّ، الذي ـ حسب اطلاعنا ـ لم يُدرس إلى الآن، رغم الآثار الــمُختلفة الأبعاد، التي خلفتها هذه الشريحة الاجتماعية، على المستوى المحلي والوطني معا، في الحال والمآل.

ـ المساهمة في دراسة والتعريف بإسهامات هؤلاء المهاجرين الجزائريين إلى تطوان في مختلف المجالات العسكرية والصناعية الحرفية والثقافية والفن والموسيقى والطبخ والمأكل والملبس، وغيرها من الإسهامات.

ـ تحليل الأطروحة الاستعمارية حول المفهوم، الذي أوّلت به الهجرة الجزائرية إلى المغرب، بناء على معطيات ووثائق المرحلة المدروسة. وهي الأطروحة التي مازالت رغم مرور زمن غير قصير على صدورها، تؤثر في فكر بعض الباحثين الــــمُحدثين بصورة أو بأخرى.

ـ دراسة وتبيان بعض أنساق الفكر السلطاني المغربي، في أوقات الأزمات، واحتلال الأوطان، والنزوح الاضطراري للسكان عن مواطنهم. وهو الفكر الذي كان يستلهم التجربة الإسلامية في الحكم، وفي كيفية التعامل مع المستجدات الوطنية والإقليمية والدولية.

ـ تحليل رؤى المغاربة والجزائريين، حول القضايا الوطنية والاستقلال والوحدة؛ حيث بدا لنا أن ما يجمع هذه الشعوب المغربية أكثر ما يُفرّقها، وأنها متضامنة وموحدة في الخيارات والتوجهات العامة، وأن ما يُفرّقها هو السياسة والقائمون على السياسة.

ـ إثارة الوجود الجزائري في تطوان خاصة والمغرب عامة للنقاش الجدّي بين الباحثين، بغية أن يُفضي إلى إغناء الأفكار المبثوثة في هذا البحث، ويساهم في بلورة أفكار تُقرّب بين دول المغرب الكبير، بالقدر الذي يُدعّم وحدتها، كخطوة في اتجاه وحدة العالم العربي.

ـ تمثُّل قول الزعيم الوطني للمغرب الكبير عبد الله إبراهيم: " إذا أعانت هذه الصفحات جماهير قرائها وقارئاتها، شيئا ما على إعمال الفكر، وتعقيل المعطيات، وتحديد المضمون بالضبط في مختلف القضايا التي تعالجها... وإذا أعانت شيئا ما أيضا على بث روح الالتزام المسؤول بالموقف الواعي من نفس تلك القضايا في الجماهير المغربية الواسعة، فقد أصابت إذن هدفها الحق، وأنجزت مهمتها"[12].

 إلا أنه يجب أن نُفصح ونقول في هذا المقام، بأن هذا البحث سوف لن يستطيع معالجة جميع الأهداف المتوخاة، أو الإجابة على جميع الإشكاليات المطروحة باستفاضة ووضوح. فهو لا يدّعي ولن يدّعي القول الفصل فيها، لعدم وجود تراكم معرفي تاريخي في الموضوع، وتشعب إشكالاته، وتداخل ميدانه مع ميادين تخصصات علمية أخرى، وإنما هدفه الأول التنبيه إليها تنبيها، يحظى بمكانة الحادثة، حادثة هجرة الجزائريين، وما تمخض عنها من بزوغ أفكار وممارسات إيجابية، على أرض تطوان خاصة والمغرب عامة. وهي أفكار وممارسات وصفناها بالأفكار النهضوية والوحدوية، والتضامنية، والتكافلية في إطار القومية العربية الإسلامية للمغرب الكبير في وقت اشتداد الأزمات. وقد بدا لنا، أنّ مثل هذه الإشكاليات والأهداف، تُعدّ من الإشكاليات الشائكة والغامضة في آن؛ لأنها تتعلق بموضوع، أثار الكثير من الشكوك والكثير من الحزازات والحساسيات، ومازال يثيرها إلى الآن، ويؤثر في مستقبل دول المغرب، وكما يؤثر في مشروع بناء تكتل جهوي مغاربي، يحظى بثقة الأطراف المعنية، في إطار ظروف دولية يطغى عليها ما يُصطلح عليه بـ"العولمة"؛ حيث لا حياة، ولا تقدم للدول الفردية القُطرية، إلا في تكتّل قوي واقتصاد متكامل ومتطوّر. إنه عصر الاتحادات، في وقت يعيش فيه العرب عصر الانشطار، والتفتت، والنفور، والشتات!

ثالثا: مسوغات منهجية

في أثناء استقصائنا للدراسات والأبحاث التي أنجزت حول موضوع الهجرات الجزائرية إلى المغرب قبل الحماية الإسبانية والفرنسية على المغرب، وجدنا أن أغلب الباحثين والدارسين الذين تناولوا هذا الموضوع ينتمون إلى الدول الاستعمارية، وأنهم كتبوا تآليفهم في وقت أوج الامبريالية الاستعمارية، وعبّروا من خلالها عن تنافس هذه الدول وطموحاتها الاستعمارية. فلم يلتمسوا في كتابتهم إنتاج نظرية موضوعية، وإنما إنتاج نظرية استعمارية حول هجرة الجزائريين، فجاءت أطروحاتهم ونظرياتهم مجانبة للصواب والحقيقة التاريخية، حاولوا توظيفها بمنهج اجتماعي استعماري لزيادة نفوذ دولهم التي يمثلونها. وأصبحت نظرياتهم ومناهجهم في الموضوع هي السائدة في الساحة الثقافية والتاريخية بالمغرب، فاستطاعت في عدة نواحي التأثير في بعض إنتاجات الكتابة التاريخية المغربية المعاصرة منهجا، ومعرفة، ورؤى، فكيف ذلك؟

 لقد لفت انتباهنا ونحن نقرأ بعض تآليف الباحثين المغاربة المعاصرين، أن هذا التأليف لم يستطع التحرر من المناهج، والنظريات، والأطروحات الاستعمارية، إلى الآن وحتى الآن، في جملة من الموضوعات التاريخية الاجتماعية والسياسية، ومنها على سبيل الذكر، موضوع: الجزائريون في المغرب في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين. ودليلنا على ذلك، أنه في بداية القرن العشرين، توجهت أنظار السياسيين الفرنسيين بشكل ملفت للجزائريين بالمغرب، فعند إنشائهم البعثة العلمية في طنجة (1904) المتشبعة بالإيديولوجية الاستعمارية وبالأساليب والمناهج البحثية الحديثة، جـعـلـت من ظاهرة الوجود الجزائري بالمغرب وأهميته، موضوعا يحتل مكانة خاصة ضمن الموضوعات الاجتماعية المدروسة، والتقارير السياسية المرفوعة إلى المسؤولين الاستعماريين، عملت على نشرها في مجلات متخصصة تعبر عن لسان حالها أهمها: مجلة الوثائق المغربية (Les Archives Marocaines) (الصادرة منذ سنة 1904م، ومجلة العالم الإسلامي (Revue du monde Musulman) ومجلة الاستخبارات الاستعمارية (Renseignements coloniaux (Revue وغيرها. قدمت هذه الكتابات وجود الجزائريين بالمغرب، وموقفهم من القضايا الوطنية ـ ومنها الوحدة المغربية ـ وعلاقتهم بالمغاربة سلطة مخزنية وشعبا، في صورة نمطية يغلب عليها طابع الصراع المستمر والنفور المتبادل والتفرقة...إلخ. فعلى سبيل المثال، يذهب الضابط الفرنسي موجان (Mougin) في أحد تقاريره عن الجزائريين بوجدة إلى أن هؤلاء عوملوا أسوء معاملة من طرف أهل وجدة والسلطات المخزنية المحلية على السواء، وأن المغاربة اعتبروا الجزائريين أجانب، بل ونعتوهم بأقبح النعوت مثل: "أصحاب النصارى"[13].وهي نفس الصورة التي نقلها الرحالة الإسباني دي ألاركون في كتابه "يوميات شاهد على حرب إفريقيا حيث يقول بأن الجزائريين في تطوان:" عانوا من السخرية والهزء والإهانة وإظهار التفوق من قبل المغاربة الذين كانوا يتبجحون بمناعتهم"[14]، بمعنى أن حافز الجذب لم يكن متوافرا بالمغرب، وأن هذه الوضعية النفسية والاجتماعية المزرية للجزائريين  ـ حسب هذه الكتابات ـ هي التي جعلت الجزائريين ينقادون بسهولة ويسر وراء الدعاية الفرنسية وإغراءاتها ويعملون على تحقيق مطمح فرنسا في استعمار المغرب، كل حسب موقعه. فـمـنهم من انخرط في السلك الديبلوماسي (القنصليات) الفرنسي بالمغرب، ومنهم من دخل تحت الحماية القنصلية الفرنسية، ومنهم من ساند الفرنسيين ومشروعهم فكريا وإعلاميا، وروج لمفهوم تسامح الفرنسيين وعدالتهم، ورغبتهم في تطوير وإنماء المغرب.

   فإذا كانت هذه النظرة التحليلية، صادرة عن مفكرين ومثقفين، كانوا يعدون من رواد رجالات الفكر الاستعماري، عملوا ما في استطاعتهم من أجل فكرة استعمار المغرب، فماذا يمكن القول عن الباحثين الأجانب من دول غربية أخرى؟ ذهب عبد الله العروي إلى القول اعتمادا على تجربته كأستاذ في إحدى الجامعات الأمريكية على سبيل المثال، إلى أن مؤلفات عهد الاستعمار حول المغرب التي نهملها ونحتقرها لاتزال تؤثر في أذهان الأجانب، فالباحث الأمريكي يتسرّع في جمع المعلومات حول ماضي المغرب دون أن يكون مؤهلا لنقدها والتمييز بين أنواعها، يتهافت على الفرضيات التي يتحفظ حتى أصحابها عند تقديمها فيأخذها كحقائق نهائية، يستهويه ما كتبه الفرنسيون ويعطيه قيمة أعلى من قيمته الحقيقية، والباحث الأمريكي ليس إلا مثلا على الدارسين الأجانب[15]، سواء كان الأمر يتعلق بموضوع الجزائريين أو موضوع آخر، ومعنى ذلك إعادة إنتاج تأليف يُطابق منهجا ورؤية التأليف الاستعماري الفرنسي. إذا كانت هذه نظرة التأليف الاستعماري والأجنبي عموما، فما يمكن قوله حول التأليف المغربي الراهن، الذي أشرنا إليه قبل قليل؟ صدر أخيرا سنة 2008م كتاب تحت عنوان:"الجزائريون في المغرب ما بين سنتي 1830 ـ 1962 " لصاحبه محمد أمطاط، وهو في الأصل أطروحة لنيل الدكتوراة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس، أكدال بالرباط، نال الجائزة الأولى لأحسن أطروحة نوقشت في المؤسسة المذكورة خلال السنوات الخمس (2002 ـ2007). ماذا نلاحظ في هذا الكتاب؟ في البداية نرى أنه من الواجب الإشادة بهذا الإنجاز، وتقدير المجهود الضخم الذي بذله الباحث في التنقيب عن الوثائق والمصادر وتحليل مضامينها. فإليه يرجع الفضل في دراسة الموضوع دراسة تركيبية شاملة، مستندا إلى المنهج الحولي، بالاعتماد على مصادر ومراجع مختلفة بالعربية والفرنسية مع تغليبه لهذه الأخيرة والتي ـ لهذا السبب ـ ستتحكم في نتائج بحثه، كما سنشير إلى ذلك بعد قليل. ظنّ الباحث أمطاط في الوهلة الأولى، أنه موضوع سهل المنال يسير التحليل والتركيب. ولم يُدرك أنه موضوع شائك، يطرح الكثير من الاستفهامات، ويثير الكثير من الحزازات، حتى أن المشرف على البحث محمد كنبيب اعترف بخطورة الموضوع قائلا بأنه موضوع:" شائك، ويمتاز بحساسية بالغة"[16] . فنظر الباحث أمطاط إلى الموضوع نظرة دارس في التاريخ السياسي الاستعماري بالمغرب، دون أن يـفـصح عن ذلك. لأن مثل هذا الموضوع عريض المادة المعرفية التاريخية وكثير التشعب في مضامينه. فجاء الكتاب ـ في تقديرناـ ناقصا، خاصة في جوانبه التاريخية الاجتماعية، والثقافية والاقتصادية والحضارية بصفة عـامة. والملاحظ كذلك، أنه في الوقت الذي تعوزنا فيه النظرة الوطنية الموضوعية لتاريخ المغرب الكبير، بما فيه هجرة الجزائريين إلى المغرب في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين ، طلع علينا المؤلف ببحث دافع فيه ـ عن وعي أو غير وعي ـ عن الأطروحة الفرنسية الاستعمارية، التي ما فتئ كُتاب المغرب ومؤرخوه يدحضونها وينتقدونها في كل مـنـاسـبـة؛ لقد بيّن باعتماده وتغليبه للوثائق الاستعمارية ـ وقد بذل جهدا كبيرا في جمعها وترتيب موادها المعلوماتية ـ واتخاذه لنماذج محددة من الجزائريين، انسياق هؤلاء نحو مشروع الفرنسيين في العمل على احتلال المغرب، فقدموا لهم كل العون والمساعدة. وبذلك كان لهم الدور الحاسم في إنجاح مخطط فرنسا في فرض الحماية عليه في سنة 1912[17]، يقول، مثلا، في خاتمة كتابه:" وفي إطار مخططاتها "المغربية" وظفت فرنسا بعض الجزائريين المسلمين عندما نجحت مفوضيتها بطنجة في استقطابهم عبر منحهم بطاقات الحمايات والتجنيس. فعملوا [ أي الجزائريون] إلى جانب عناصر أخرى بشكل جاد ومتكامل في العلن أو تحت غطاء السرية، من أجل تحقيق الهدف الفرنسي وهو الاستيلاء على المغرب"[18]، بهذا يكون المؤلف، قد أعاد إحياء أطروحة الفكر الاستعماري الفرنسي عن دراية أو غير دراية، والفرق بين الأطروحتين أن الأولى كتبت بشكل ممنهج ومؤدلج، والثانية كتبت بشكل عفوي واعتباطي مسايرا بذلك منهج ورؤى الأطروحة الأولى، في موضوع صعب المنال تتجاذبه حقول علمية ومعرفية متعددة: علم التاريخ، والسياسة، والأنثروبولوجيا الثقافية، وعلم الاجتماع، والجغرافية البشرية، والديمغرافية التاريخية وغيرها. والنتيجة، إنتاج كتاب مفعم بالمعلومات الاستعمارية حول الجزائريين في المـغـرب خلال القرن التاسع عشر الميلادي، بشكل لا يخدم تاريخ المغرب الأقصى وما بالك بالنسبة للمغرب الكـبـير في التاريخ المعاصر والمستقبل، في وقت ما أحوج بلدانه إلى الوحدة على المستوى الفكر والممارسة، وهي ما تعوز جل الفاعلين السياسيين وبعض المثقفين في هذه البلاد!

وبما أن التأليف الاستعماري بمنهاجه كان مليئا بالأحكام السلبية المبنية على مفاهيم مسبقة[19]، وأن الكتابة التاريخية المغربية المعاصرة تفتقر إلى تراكم معرفي تاريخي في الموضوع، يكون بعيدا عن تفسيرات خاطئة أو مغرضة، فإننا هدفنا في هذا البحث دراسة موضوع هجرة الجزائريين إلى المغرب ملتمسين منهجية شاملة، تُريد إعادة كتابة تاريخ المغرب كتابة موضوعية قدر المستطاع، اعتمادا على استغلال تقنيات البحث المعاصر والاستفادة من مناهج العلوم الآنفة الذكر كل ما كان ذلك ضروريا، وبما أن موضوع التاريخ المعاصر هو تعامل المؤرخ مع الوثيقة أكثر مما هو وصف مباشر لأحداث سالفة[20]، وبما أن طبيعة الموضوع هي التي تُحدد المنهج، وطبيعة موضوعنا لها اتصال بأكثر من علم متخصص، (منها علم الديمغرافيا التاريخية وعلم الجغرافيا وعلم والسياسة، والأنثروبولوجيا الثقافية، وعلم الاجتماع، والجغرافية التاريخية البشرية، والديمغرافية التاريخية وعلم التاريخ)، فقد استفدنا من هذه العلوم في معالجة وتحليل الموضوع، بمعنى أننا استندنا إلى المنهج الشمولي، مع التركيز على التاريخ الاجتماعي، لكون الموضوع هو كشف عن المهمش في الكتابة التاريخية المغربية التقليدية والمعاصرة. هذا الـــمُهمش هو ظاهرة الهجرة الجزائرية وانعكاساتها على التاريخ المغربي عامة وتاريخ تطوان بصفة خاصة، وذلك لإبراز الاهتمام الموجه إلى جوانب من حياة المهاجرين في بلد المقصد الجاذب وما واكبها وتمخض عنها من جوانب اجتماعية وثقافية واقتصادية وغيرها، التي طالما أغفلتها الدراسات التاريخية المغربية. فاعتبرنا أن دراسة تاريخ هذه الهجرة والمهاجرين ضرورة منهجية على الأقل في هذه المرحلة. 

هذا العمل نعده من الإنجازات والإسهامات في حقل التاريخ الاجتماعي المتواضع، منهجا وموضوعا ونظرية ورؤى، في إطار الاستجابة لأسئلة الحاضر حول الماضي، والاستجابة للدعوة إلى التجديد في الكتابة التاريخية المغربية المعاصرة التي أعلن عنها رواد التأليف الوطني المغربي.

هذه الدعوة إلى التجديد التي جعلت منها جمعية أرشيف العرائش موضوعا يلتئم حوله مجموعة من الباحثين في هذا اللقاء العلمي، تُصادف ذكرى مرور 330 سنة على تحرير العرائش من القبضة الاستعمارية وذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، تُعدُّ بدايةً وفتحا مبينا لأنشطة الجمعية الثقافية في أفق تشجيع الشباب العرائشي والمهتمين والغيورين على هذه المدينة المكافحة على تلمس أسباب وشروط النهضة الثقافية والتحسيس بالوعي التاريخي الذي يعد من ركائز التنمية والتقدم.


[1] ـ بوتشيش إبراهيم القادري، تاريخ الغرب الإسلامي، قراءات جديدة في بعض قضايا المجتمع والحضارة،ط 1، دار الطليعة، بروت ـ لبنان 1994م، ص 27.

[2] ـ عشاق مولود، حول مسألة تجديد كتابة تاريخ المغرب، مجلة الاجتهاد، العدد 24، صيف العام 1415هـ/ 1994م، دار الاجتهاد للأبحاث والترجمة والنشر، بيروت ـ لبنان، 1994م، ص 49.

 ـ فروخ عمر، تجديد التاريخ في تعليله وتدوينه، دار الباحث، بيروت ـ لبنان، ط1، 1401هـ/1980م، ص 12. [3]

 ـ نفسه، ص 13. [4]

[5]  ـ حبيدة محمد، بؤس التاريخ، مراجعات ومقاربات. منشورات وزارة الثقافة، المطبعة الكرامة 4، الرباط ـ المغرب، ط2، 2016م، ص 35.

[6]  ـ السبتي عبد الأحد، التاريخ والذاكرة، أوراش في تاريخ المغرب، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء ـ المغرب، ط1، 2012م، ص 10.  

[7]  ـ العروي عبد الله، مجمل تاريخ المغرب، المركز الثقافي العربي للنشر والتوزيع، مطابع إفريقيا الشرق، الدار البيضاء ـ المغرب، 1984م ، ص 8.

[8] ـ عبارة عن أطروحة لنيل شهادة دكتوراه الدولة، تمت مناقشتها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان في أواخر يونيو 2018. تتألف من جزأين، وتضم بين دفتيها 769 صفحة. توجد مرقونة بنفس المؤسسة المذكورة.

 ـ بوتشيش إبراهيم القادري، تاريخ الغرب الإسلامي، م، س، ص 5. [9]

[10] ـ الجابري محمد عابد، المغرب المعاصر، مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر، الدار البيضاءـ المغرب، ط1، 1988م، ص 181.    

[11] ـ الجابري محمد عابد، المغرب المعاصر، مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر، الدار البيضاءـ المغرب، ط1، 1988م، ص 7.     

[12] ـ إبراهيم عبد الله، أوراق من ساحة النضال، الدار البيضاء، ط1، 1975، ص3.

[13]- Capitaine Mougin , Les Algériens à Oujda , in Renseignements coloniaux , septembre 1908 , Paris. p. 191.

[14] ـ بيدرو دي ألاركون، يوميات شاهد على حرب إفريقيا، ترجم النص وقدم له ووضع هوامشه محمد عبد السلام المرابط، منشورات ليتوغراف، طنجة، ط1، 2012م، ج2، ص 228.

[15] ـ العروي عبد الله، مجمل تاريخ المغرب (1)، الدار البيضاء، مطابع إفريقيا الشرق،1984م، ص 26.

[16]ـ كنبيب محمد، تقديم كتاب الجزائريون في المغرب مابين سنتي 1830 ـ 1962، مساهمة في تاريخ المغرب الكبير المعاصر، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، ط1، 2008م، ص 9.

[17] ـ محمد أمطاط، الجزائريون في المغرب ما بين سنتي 1830-1962: مساهمة في تاريخ المغرب الكبير المعاصر، دار أبي رقراق للطباعة والنشر الرباط، 2008م، ص93 ـ 117 ـ 119 ـ 121 ـ 124 ـ 127 ـ 129.

[18] ـ نفسه، ص. 391.

[19] ـ العروي عبد الله، مجمل تاريخ المغرب (1)، م، س، ص 12.

[20] ـ نفسه، ص 17.


مصادر ومراجع 

ـ ألاركون بيدرو دي، يوميات شاهد على حرب إفريقيا(ج2)، ترجم النص وقدم له ووضع هوامشه محمد عبد السلام المرابط، منشورات ليتوغراف، طنجة، ط1، 2012م.

ـ محمد أمطاط، الجزائريون في المغرب ما بين سنتي 1830-1962: مساهمة في تاريخ المغرب الكبير المعاصر، دار أبي رقراق للطباعة والنشر الرباط، 2008م.

ـ بوتشيش إبراهيم القادري، تاريخ الغرب الإسلامي، قراءات جديدة في بعض قضايا المجتمع والحضارة، ط 1، دار الطليعة، بروت ـ لبنان 1994م.

ـ بوهليلة إدريس، الهجرات الجزائرية إلى المغرب ما بين سنتي 1830 و1912م: تطوان انموذجا، أطروحة لنيل شهادة دكتوراه الدولة، أواخر يونيو 2018، توجد مرقونة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان.

ـ الجابري محمد عابد، المغرب المعاصر، مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر، الدار البيضاءـ المغرب، ط1، 1988م.

ـ حبيدة محمد، بؤس التاريخ، مراجعات ومقاربات، منشورات وزارة الثقافة، المطبعة الكرامة 4، الرباط ـ المغرب، ط2، 2016م.

ـ السبتي عبد الأحد، التاريخ والذاكرة، أوراش في تاريخ المغرب، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء ـ المغرب، ط1، 2012م.

ـ العروي عبد الله، مجمل تاريخ المغرب (1)، المركز الثقافي العربي للنشر والتوزيع، مطابع إفريقيا الشرق، الدار البيضاء ـ المغرب، 1984م.

ـ عشاق مولود، حول مسألة تجديد كتابة تاريخ المغرب، مجلة الاجتهاد، العدد 24، صيف العام 1415هـ/ 1994م، دار الاجتهاد للأبحاث والترجمة والنشر، بيروت ـ لبنان، 1994م.

ـ عياش جرمان، دراسات في تاريخ المغرب، الشركة المغربية للناشرين المتحدين، مطبعة النجاح الجديدة، ط1، الدار البيضاء ـ المغرب، 1406هـ/ 1986م.

ـ فروخ عمر، تجديد التاريخ في تعليله وتدوينه، دار الباحث، بيروت ـ لبنان، ط1، 1401هـ/1980م.

ـ عبد الله إبراهيم، أوراق من ساحة النضال، الدار البيضاء، ط1، 1975م.

ـ كنبيب محمد، تقديم كتاب الجزائريون في المغرب ما بين سنتي 1830 ـ 1962، مساهمة في تاريخ المغرب الكبير المعاصر، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، ط1، 2008م.

-Capitaine Mougin, Les Algériens à Oujda, in Renseignements coloniaux, septembre 1908, Paris.

 موجز السيرة العلمية

الاسم العائلي والشخصي: بوهليلة إدريس

الشواهد العلمية المحصل عليها:

1ـ دبلوم الدراسات العليا

2 ـ دكتوراة الدولة، من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان سنة 2018.

• معلومات مهنية وجمعوية:

ـ أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة عبد المالك السعدي، بتطوان.

ـ رئيس شعبة التاريخ، ومنسق مسلك التاريخ والحضارة

ـ عضو في المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي

ـ عضو في الجمعية المغربية للبحث التاريخي

ـ عضو في اللجنة العلمية لمؤسسة الشهيد امحمد بن احمد بن عبود

• مجالات الاهتمام والانشغالات العلمية:

  ـ التاريخ الاجتماعي المحلي (مدينة تطوان أنموذجا)

 ـ الهجرات الجزائرية إلى المغرب خلال القرن 19م

ـ تحقيق المخطوطات في مجال التاريخ

ـ البحث في تاريخ المغرب في القرن 19م وأوائل القرن20

• نبذة من الإنتاج العلمي

1- المؤلفات

ـ كتاب " الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية وعد بعض مفاخرها غير المتناهية"، لمؤلفه محمد المشرفي (في جزأين) دراسة وتحقيق إدريس بوهليلة. نشر بعناية وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالرباط، سنة 2005.

ـ كتاب " الجزائريون في تطوان خلال القرن 13ه/19م مساهمة في التاريخ الاجتماعي"، الطبعة الثالثة، تطوان سنة 2018.

ـ كتاب " تمهيد الجبال وما وراءها من المعمور، وإصلاح حال السواحل والثغور، أو حـــرْكة السلطان مولاي الحسن الأول إلى شمال المغرب 1306 ـ 1307هـ/1889م، تأليف العربي المشرفي، دراسة وتحقيق إدريس بوهليلة، مطبعة الخليج العربي، تطوان 2016م.

ـ الكتاب الجماعي لشعبة التاريخ والحضارة " المغرب والأندلس، " (1)، منشورات كلية الآداب بتطوان، 2006. عنوان المساهمة هو: "مؤرخو المغرب في عهد السلطان مولاي عبد العزيز"

ـ كتب جماعية لشعبة التاريخ والحضارة " المغرب والأندلس، من العدد الأول إلى العدد السادس (2009 ـ 2013).

ـ الكتاب الجماعي " دراسات في تاريخ المغرب والأندلس ومباحث في التراث الإسلامي، أعمال مهداة إلى الأستاذ أحمد اليوسفي، تنسيق د. امحمد بن عبود، ود. محمد الشريف، ود. إدريس بوهليلة، منشورات كلية الآداب بتطوان، 2018.

2 ـ مداخلات منشورة ضمن أعمال الندوات

3 ـ مقالات منشورة في مجلات مختلفة

4 ـ المساهمة في تنظيم الندوات واللقاءات العلمية