الأربعاء، 26 فبراير 2020

ندوة وطنية حول موضوع: معركة وادي المخازن – قراءة في دور القيادة



نظم المجلس العلمي المحلي بالعرائش يومه الأربعاء 26 فبراير 2020 برحاب الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش ندوة وطنية حول موضوع "معركة وادي المخازن – قراءة في دور القيادة"، اللقاء الذي شهد نقاشا تجديديا ألقى الضوء على زوايا خرجت عن المألوف من حيث الرؤية والتناول لهذا "الحدث / المنعطف" في التاريخ الإنساني، لقاء أسهم في إغناء التراكم الذي وصله البحث التاريخي في هذا الموضوع تحديدا، شارك في تأثيثه السادة الأساتذة:
·       د/ رشيد الحور (أستاذ التعليم العالي بجامعة صلمنكا/إسبانيا) بموضوع "دور القيادة الدينية في معركة وادي المخازن – شخصية أبي المحاسن نموذجا".
·       د/ عبد الواحد العسري (أستاذ التعليم العالي – جامعة عبد المالك السعدي) بموضوع "قراءة في شخصية عبد المالك السعدي".
·       د/ عثمان المنصوري (أستاذ التعليم العالي – جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء) بموضوع "تأثير القيادة على أطوار ومجريات المعركة".
·       ذ/ محمد أخريف (مؤرخ – رئيس جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير) بموضوع "دور القيادة في حشد الدعم الصوفي للمعركة في المنطقة الشمالية – الزاوية الريسونية نموذجا".






الأربعاء، 12 فبراير 2020

عبد السلام الخالدي العمراني العرائشي


بقلم: محمد عزلي

فضيلة الشيخ العالم الصوفي سيدي عبد السلام الخالدي العمراني، فقيه العرائش وعالمها الجليل، أحد أعلام العلم والصوفية في المغرب والعالم الإسلامي، صاحب الثمانين تأليفا في علوم الفقه والشريعة، وفي تفكيك أسرار العقيدة والتوحيد والعبادات والمعاملات وعلوم القرآن (في المحكم والمتشابه)، وأسرار السلوكات والتصوف بين الشريعة والطريقة والحقيقة، بين منازل الإسلام والإيمان والإحسان، فصّل في الطرقية، وبيّن الفرق الضالة التي تشوش على الناس فكرهم وذكرهم وأمور دنياهم ودينهم، كما سبر أغوار التربية النبوية الشريفة وفضائل الانقياد إلى مراميها ومقاصدها ومحبة أستاذ منهاجها حبيب الرحمان سيدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
إنه سيدي عبد السلام بن عبد السلام بن أحمد بن محمد الخالدي العمراني العرائشي، من مواليد سنة 1938 في قرية الخالديين، قبيلة بني عروس، إقليم العرائش بالمملكة المغربية؛ بدأ مشواره الدراسي في علوم القرآن الكريم والشريعة الشريفة منذ سن الخامسة بداية من كتاب قبيلته ووصولا إلى مدينة العرائش التي درس فيها بالمعهد الديني الأصيل في الفترة المتراوحة بين 1955 و1960 حيث تتلمذ على يد نخبة من الشيوخ والأساتذة الأجلاء نذكر منهم: (محمد بريق، عبد السلام لعروصي، امبارك العربي، المختار الخمال، محمد الصمدي مزوار، الهادي العسري، الأمين الروسي..)؛ ثم انتقل بعدها إلى مدرسة المعلمين في مدينة تطوان التي تكَوّن فيها وتخرج منها معلماً.
بدأت مسيرة الأستاذ عبد السلام الخالدي المهنية في التعليم الابتدائي في مجموعة مدارس آيت علي بمراكش، ثم انتقل بعدها للتدريس في مجموعة مدارس "حد الغربية" قرب مدينة أصيلا، وهناك التقى بسيدي أحمد اكزناي ابن العرائش الذي كان يشغل حينها منصب النائب الإقليمي للتعليم بطنجة، والذي أصرّ على نقله إلى مدرسة الدرادب بمدينة طنجة، وفي سنة 1975 تمكن من العودة إلى مدينة العرائش، واستأنف مشواره كمعلم في مدرسة الشريف الإدريسي قبل أن ينتقل إلى مدرسة ابن زيدون التي عمل فيها مدرسا ومديرا بالنيابة بين سنتي 1976 و1984، قبل أن ينتقل إلى مدرسة القاضي عياض ب "النكارجة" عام 1995 حيث أنهى فيها مساره المهني بتقاعده عن العمل سنة 1999.
بدأ الشيخ عبد السلام الخالدي مشوار التصوف سنة 1972 من خلال الأخذ عن شيخه القطب الفرد سيدي عبد القادر بن عبد السلام بن الحاج عبد القادر بن أحمد بن عجيبة الحسني صاحب التآليف، وذلك بمحرابه في "غدير الدفلة"، جماعة ملوسة، إقليم فحص الأنجرة بطنجة؛ فشرع في جمع كتب أحد أعلام التصوف السني في القرن الثاني عشر الهجري الشيخ أحمد بن عجيبة (1161-1227هـ/1748-1812م) الشريف الإدريسي الحسني المنتسب إلى الرسول الكريم (ص)، والتي بلغت 40 تأليفاً لم يطبع منها آنذاك سوى كتاب واحد في شرح الحكم العطائية[1] عند الطريقة الشاذلية تحت عنوان  "إيقاظ الهمم في شرح الحكم، والفتوحات الإلهية  في شرح المباحث الأصلية"، وهكذا تمكن الأستاذ عبد السلام الخالدي العمراني من نسخ 30 مخطوطا للعالم الصوفي أحمد بن عجيبة وانفرد بامتلاك أصولها، ثم أخرج كتابه الشهير "البحر المديد في تفسير كتاب الله المجيد" في 6 مجلدات عن دار الكتب العلمية بلبنان، كواحد من أروع ما وصلت إليه أدبيات الصوفية، وكتب التفسير الإشاري للقرآن الكريم[2]
تأثر الأستاذ عبد السلام الخالدي بالطريقة العجيبية [3] وهي طريقة درقاوية شاذلية، أقرب إلى التصوف الفلسفي منه إلى التصوف السني، فشروح ابن عجيبة من خلال مؤلفاته تميل إلى سياقات "محي الدين ابن عربي" و "ابن الفارض" و "أبو الحسن الششتري"، وقد عرفت طريقته انتشارا واسعا في البوادي نظرا لطبيعة أفكارها الإصلاحية التي حاربت فساد بعض الطوائف الصوفية التي اشتغلت على جهل الناس وفاقتهم وروجت لأعمال الدجل والشعوذة.
وقد أنتج الأستاذ عبد السلام الخالدي خلال مسيرته البحثية والصوفية حوالي 80 تأليفا، منها ما هو مطبوع ومنها من ينتظر دوره للنشر نذكر منها:
·       اليواقيت الفريدة في تصحيح العقيدة وأحكام العبادة على مذهب إمام السادة. 1980
·       الكنز الثمين في أسرار الدين. 2004
·       رسائل النور الهادي. 2004
·       فصل ذكر الله والصلاة على نبي الرحمة من وحي الكتاب والسنة. 2005
·       الرسالة المحمدية الشاملة خلال أربعة عشر قرنا كاملة. 2005
·       النصوص الفقهية المختارة طبقا للمذاهب الأربعة المعتبرة. 2006
·       الإشراقات الروحانية في الخطب المنبرية والعظات الدينية. 2007
·       صريح العبارة وباهر الإشارة في جرد معاني البحر المديد الغزيرة. 2009
·       العقد الفريد في علم التجديد على قراءة ورش السديد. 2009
·       الأنوار الدررية الباهرة في ذرية سيدتنا فاطمة الزهراء الطاهرة. 2010
·       الجواهر الباهرة في النسب الشريف وما تفرع من آدم إلى أزمنتنا الحاضرة. 2012
·       العطايا الإلهية السرمدية على سيدنا محمد (ص) خير البرية وعلى أمته ذات الطلعة السنية. 2015
·       عبقرية العباقرة في تحقيق الرسم القرآني والقراءات المتواترة. (يصدر قريبا)
·       أزهار البستان في طبقة الأعيان. (يصدر قريبا)
·       تفسير الإشارة. (جاهز للطبع)

[1] الحِكم العطائية هي من ركائز الطريقة الشاذلية، كتبها بن عطاء الله السكندري وعددها 264 حكمة.
[2] التفسير الإشاري للقرآن الكريم ويقال أيضا التفسير الصوفي أو تفسير الإشارة، وهو نوع من التفسير يستخرج المعاني الباطنية للآية، والتي لا تظهر إلا لأرباب السلوك وأولي العلم.
[3] عجيبية نسبة لابن عجيبة، وكلمة عجيبة مشتقة من قرية "اعجيبش" مسقط رأس الشيخ، وهي موجودة في تراب قبيلة الحوز بضواحي مدينة تطوان المغربية.

أعدت هذه الورقة بعد اللقاء الذي أجري مع فضيلة الأستاذ عبد السلام الخالدي العمراني في داره العامرة ومكتبته الزاخرة مساء الإثنين 10 فبراير 2020 حيث حاوره طاقم من "جمعية أرشيف العرائش لتوثيق التراث الثقافي والبحث التاريخي"، و"الموقع الإلكتروني العرائش أنفو "، تكونت من السادة الأساتذة: (عبد الحميد بريري، شكيب فليلاح الأنجري، محمد عزلي، عبد القادر السبيطي)، وقد خص العالم الصوفي ضيوفه بحديث مطول، أجاب فيه على العديد من الأسئلة المتعلقة بمساره وفكره وتصوفه ورأيه في الكثير من المسائل والأحداث والشخصيات، كما أدلى بشهادته على عصره واستحضر من ذاكرة العرائش ما حضر له ساعة بوحه، وهو الحديث الذي بثه الموقع الإلكتروني العرائش أنفو .
رابط الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=4UosV9p67-c&t=11619s

برنامج في مكتبة عالم لقناة السادسة المغربية
حلقة الأستاذ عبد السلام الخالدي العمراني:



وهذه بعض الصور من اللقاء:





















الخميس، 6 فبراير 2020

جمال الدين مشبال: المغرب وصحراؤه الغربية



محمد عزلي

الأستاذ جمال الدين مشبال، كاتب وديبلوماسي مغربي من أسرة شهرتها العلم والوطنية بمدينة العرائش، يذكره الأستاذ محمد الحفيظي على أنه كان من أنجب تلامذة المدرسة الأهلية وثانوية سيدي محمد بن عبد الله بالعرائش، كما يذكر له نشاطه المتميز في رياضة كرة السلة التي زاولها ضمن فريق قادته أطر أسست لتواجد اللعبة في المدينة وصناعة شعبيتها، والحديث هنا عن الكباتن "فضول" و "الغياثي".



ومن أجل التعرف أكثر على جمال الدين مشبال وكتابه الأخير الموسوم «Marruecos y su Sáhara Occidental» "المغرب وصحراؤه الغربية" الذي يقع في 176 صفحة الصادر عن Alhulia S.l Artes Graficas، نحيلكم على هذا الحوار الذي أدارته الصحفية نور العمارتي ونشر بالإسبانية في مجلة "Atalayar" بتاريخ 23 يونيو 2019، ثم نشر مترجما إلى العربية في موقع "بيان اليوم" بتاريخ 24 شتنبر 2019، وهذا نصه بدون تصرف.


جمال الدين مشبال: وسائل الإعلام الإسبانية خارج العصر في معالجتها لنزاع الصحراء المغربية 
حاورته: نور العمارتي

نشرت المجلة الورقية الشهرية الإسبانية “أطليار” في عددها الأخير استجوابا للدبلوماسي المتقاعد جمال الدين مشبال تحت عنوان “المسكوت عنه في قضية الصحراء” بمناسبة نشره كتاب أصدر حديثا باللغة الإسبانية عنوانه “المغرب وصحراؤه”. وضمن ما ورد في تقديمها للمؤلف أنه من مواليد العرائش وهو دبلوماسي مغربي سابق، ذو تكوين في القانون، وكان ينتمي إلى الأكاديمية الملكية الإسبانية للفقه والتشريع بمدريد كعضو متعاون، وله العديد من المقالات والدراسات منشورة في وسائل الإعلام المغربية والإسبانية. وأضافت أن الطابع المستنير لعائلته، وكذلك وجود قضايا وطنية وأخرى ذات بعد دولي، سمحت له بالنمو في بيئة خاصة متأثرة بعدة عوامل من بينها السياسة، لاسيما وأنه في تلك الفترة من حياته كان شمال المغرب يرزح تحت نير نظام الحماية الإسبانية. فهو بذلك رجل يتمتع بروح الوطنية، وهو أيضًا محب لإسبانيا، وتعززت علاقته بإسبانيا بحكم عمله كدبلوماسي لسنوات عديدة في سفارة بلده بمدريد. وأبرزت المجلة أن جمال الدين مشبال أصدر مؤخرا كتابًا يتضمن عدة دراسات ومقالات وعرضًا أكاديميًا ومحاضرة في إحدى الجامعات الإسبانية. وقالت إن الكتاب هو تحليل للتاريخ والتشابكات المرتبطة بالصحراء الغربية المغربية، وكذلك الحل السلمي المقترح. وقالت إن المؤلف يتناول القضية بموضوعية صارمة، من حيث الجوانب القانونية والتاريخية والسياسية، متسلحا بالحجج الدامغة والمراجع الثابتة المبنية على الوقائع والمحاضر ومواقف دولية وتصريحات رسمية لحكومات طرف في القضية وتوصيات الأمم المتحدة باعتبارها الوسيط في النزاع. وتقول المجلة إن الكتاب يقدم وجهة نظر تدعم مقترح الحكم الذاتي بالصحراء في ظل السيادة المغربية موجهة لرأي عام في إسبانيا أكثر انحيازا لجبهة البوليساريو. وأبرزت أن مشبال له الكثير وبما يكفي من الزاد ليشرح وجهات نظر وطروحات من الضروري معرفتها وسماعها. وقبل كل شيء، تفهمها فهما جيدا وتقديرها حق قدرها، دون أحكام مسبقة والركون إلى أخطاء الماضي. بل علينا إدراك الحاجة إلى ضرورة إعطاء حل واقعي لمستقبل الصحراء.
وفيما يلي نص الحوار الكامل:
·       ما هو هدف الكتاب؟ وكيف حدثت الفكرة؟
كتاباتي عن موضوع الصحراء المغربية ترجع إلى زمن سبق ولادة البوليساريو وظهوره على الساحة، عندما كانت الصحراء لا تزال تسمى الصحراء الإسبانية وكان الصراع حولها بين المغرب وإسبانيا. أما فكرة نشر الكتاب فكانت مبادرة من خوسيه ماريا ليزونديا، الذي سررت بالتعرف عليه خلال ندوة دولية.
فبعد التعرف على بعضنا البعض أثناء أيام الندوة والمحادثات المختلفة التي أجرينها على هامشها اقترح على أن أنشر كتابًا يحتوي على بعض ما أنجزته من دراسات ومقالات حول الصحراء، خاصة بسبب قلة ما هو مكتوب بالإسبانية يخالف الطرح الانفصالي لجماعة البوليساريو المسلحة، ذات الفكر الواحد المناهض للتعددية. وهو مع الأسف الخطاب الوحيد المسموع في اسبانيا. وبالفعل، فمن الغريب ومن غير المقبول أن يتم هذا، في مجتمع ديمقراطي تعددي مثل المجتمع الإسباني. فهذا الأمر ليس مجرد انحراف بدون معنى، بل يمكن أن ينتهك الديمقراطية، ويمس بشكل من الأشكال وفي ظروف معينة بمصالح إسبانيا والمغرب. وما أثار اهتمام صديقي خوسيه ماريا ليزونيا، هو أنني أتناول في عملي تصريحات رسمية ومراجع لمسؤولين إسبان، إلى جانب مصادر آخري من الأمم المتحدة نفسها. وهى معلومات ومعطيات غير معروفة ويتم القفز عليه أو إسكاتها لسبب غير واضح. وبدلاً من ذلك، وفي الوقت نفسه، يتم تقديم معلومات كاذبة ومعطيات خاطئة وطروحات وتفسيرات مغرضة بعيدة عن الواقع يجب الإيمان بها كحقيقة مطلقة صافية وكأنها العذراء الباتول.
·       بصفتك رجل قانون ودبلوماسي سابق، ما رأيك ما في الدور الذي ينبغي على إسبانيا والمغرب ومؤسساتهما اتخاذه في موضوع حساس كمسألة الصحراء؟
بشكل عام، منذ أن عادت الملكية ومعها الديمقراطية إلى إسبانيا، عملت كل الحكومات المتعاقبة، سواء في المغرب أو إسبانيا، على تحسين علاقاتهما وتوطيد التعاون بين البلدين باستمرار وبشكل مضطرد. فاستفادت الحكومات المتعاقبة في البلدين من كل الأخطاء والنجاحات من أجل المزيد في تقوية العلاقات والمزيد من الثقة المتبادلة والرفع من آفاق التعاون والعمل معا لمواجهة التحديات والمخاطر وتوسيع مستوى الطموحات المشتركة للعمل معا من أجل مستقبل واعد لصالح البلدين والشعبين المغربي والإسباني. إسبانيا تعرف أن قضية الصحراء بالنسبة للمغرب ليست مسألة تتعلق بالسلامة الإقليمية فحسب، بل هي بالدرجة الأولى مسألة وجود، مسألة حياة وبقاء. فالمغرب لن يسمح أبداً بقطع جذوره الإفريقية. إنها من درجة الخطورة والرفض شبيهة بمحاولة إنشاء دول مستقلة في إقليم الباسك، نافارا، أراغون وكتالونيا تفصل إسبانيا عن أوروبا. إنها خطوط حمراء تتعلق بحاضره ومستقبله.
·       ما الذي يجب أن يتحسن على الرغم من اختلاف الآراء؟
توجد اليوم علاقات ممتازة بين إسبانيا والمغرب على جميع المستويات، ويدرك كل طرف دور الآخر، في التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف، في جميع المجالات. المسؤولون في البلدين على يقين الآن أن أمن البلد واستقراره اليوم يبدأ انطلاقا من أمن واستقرار البلد الآخر. البلدان يعملان معا وبتعاون كبير وكامل في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية. وبفضل هذا، لم يعد بالإمكان العودة إلى سنوات الثمانينيات. عندما كانت قوارب الصيد الإسبانية تتعرض للقرصنة والبحارة يقتلون وبعضهم يختطفون ويقتادون إلى تندوف كرهائن من طرف البوليساريو لمقايضتهم كورقة ضغط وعملة ابتزاز.
العلاقات بين الدولتين حاليًا تسير نحو آفاق واسعة كبيرة وبطموحات مشتركة في إطار رؤية مستقبلية واحدة. لهذا، فالبوليساريو ليس بقضية ذات أهمية تذكر على هذا المستوى من العلو. لاسيما وأنه تنظيم مسلح يعيش في حالة جمود وركود، يخضع للجزائر ويسترزق بـ “قضيته” محولا إياها إلى أصل تجاري مربح ووسيلة للإثراء. إسبانيا تعتمد حاليا على المغرب لولوج إفريقيا من أجل التجارة والاستثمارات ويطمح المغرب إلى نفس السند من إسبانيا لتعزيز وتقوية وجوده في دول أمريكا اللاتينية. كل هذا يتم في إطار ومناخ العولمة حيث تختفي فيه الحدود ويعامل فيه مواطنو العالم كزبناء وكمستهلكين.
في هذا السياق، فإن التفكير في إنشاء دويلة صغيرة تعداد سكانها أقل من أحد أحياء مدريد أو سعة ملعب كرة قدم، وعلى أرض تفوق مساحتها مجموع مساحة بريطانيا العظمى وإيرلندا، هو السير في الاتجاه المعاكس للتطور. إنه بهتان يفوق مشروع المتطرفين الجهاديين الذين يبشرون بدولة إسلامية. بمعنى، أنها مشاريع من أجل إنشاء دول فاشلة ذات نتائج خطيرة على العالم وأمنه تنضاف إلى دول فاشلة أخرى توجد في محيط لا ينتج سوى القتل والدمار واللاجئين وبؤر للإرهاب.
·       أنت تكشف في كتابك الكثير من المعلومات التي لا يعرفها الكثير من الأشخاص، ومع ذلك، فهي معلومات عامة، هل تعتقد أن هناك حجب للمعطيات عن المواطنين الذين يتلقون فقط وجهة نظر أحادية عن الخلاف؟
يجب أن نكون حذرين للغاية مع الصور النمطية، واستخداماتها والاستعمال الاستغلالي المتعسف والمغشوش. فالتعاون الإسباني المغربي ممتاز اليوم، إنه مثال يحتذى به في العلاقات الدولية. فنحن كجيران لنا تاريخ طويل مشترك، تم تعزيزه مع مرور الوقت وتحسينه على مر السنين. وعلى الرغم من ذلك، فإن فترات المواجهات والخلافات التي حدثت في الماضي لا تزال تغذي الصورة السلبية عن الآخر. وهي وغالبًا ما تكون مستندة على معلومات خاطئة ومغالطات. العلاقات الإسبانية المغربية ممتازة حاليا وعلى جميع المستويات. لقد تقدمت إسبانيا على فرنسا كأول دولة مصدرة. هناك مستقبل واعد للتوسع في الأسواق الإفريقية، بعضها في عمليات ثلاثية مع دول أخرى. هناك أيضًا محاولات لتنفيذ عمليات مشتركة في أمريكا اللاتينية. ولكن مع الأسف، فإن العديد من وسائل الإعلام وبعض الجهات في المجتمع المدني بدلاً من دعم هذا التعاون وتشجيعه ليعود بالنفع على البلدين، تظل خارجة عن عصرنا الحالي قابعة في الماضي وأحيانًا لصالح مصالح خارجية. أعتقد أنه ينبغي للسلطات العامة والتمثيليات الدبلوماسية والمجتمع المدني في كل من البلدين اتخاذ إجراءات مناسبة بهذا الشأن والتدخل كلما تم تقديم أخبار كاذبة وبيانات مزيفة أو معلومات لا أساس لها من الصحة وتشويه الحقيقة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بعدم احترام الأخلاقيات المهنية في الجامعات أو وسائل الإعلام خدمة لمصالح معينة مثل جبهة البوليساريو، والتي يكون أول ضحاياها هم طلاب الجامعات ومستعملي وسائل الإعلام. فالمواطنون لهم الحق في الحصول على معلومات صحيحة لا غبار عليها وحقيقية مؤكدة.
وفي هذا الشأن، فإن العمل الدبلوماسي لديه الكثير مما يجب عمله. لا ينبغي أن ننسى أن من بين مهام الأداء الدبلوماسي ليس حماية مصالح البلد ومواطنيه لدى البلد الآخر فحسب، بل كذلك حماية صورة ذلك البلد والعمل على صونها. فمن واجب السفارات تكذيب كل الأخبار الزائفة وإبلاغ سلطات البلد المعتمد لديها، عن الأعمال أو النشاطات التي قد تسيء للعلاقات بين البلدين. وعليها أيضا دعم وتشجيع الأداء الإعلامي لكسب الرأي العام وتعريفه بالمغرب وتزويده بالأخبار الحقيقية عنه ومواجهة الدعايات والادعاءات وتحطيم الصورة النمطية. شخصياً أعتقد أن هذا الجانب المتعلق بالإعلام والتواصل الدبلوماسي يشكل نقطة ضعف كبير لدى الدبلوماسية المغربية. ويبقى كموضوع معلق يجب على المغرب أن يتولى زمام الأمور فيه. ينبغي خلق سياسة إعلامية في الخارج والعمل على التواصل الدبلوماسي مع مختلف قطاعات المجتمع بهده البلاد. إن الدبلوماسية المغلقة حبيسة جدران مكاتب السفارات تخنق نشاطات الدبلوماسية وتقتلها. مع العلم أن الدبلوماسية في الوقت الحاضر تعتمد بشكل كبير على التواصل.
·       تعتقد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو أحسن حل. لماذا هذا الخيار أو هذه الخطة لا يروج لها؟ في رأيك، ما الذي يتيح اجتماعيا الترويج فقط لخيار الاستقلال للصحراء وحده؟
باستثناء اقتراح المغرب القائم على الحكم الذاتي، لا يوجد أي عرض آخر على طاولة المفاوضات تشيد به الأمم المتحدة وتعتبره جادا وذو مصداقية وواقعية وعمليا وتلقى الترحيب من قبل أعضاء مجلس الأمن بالإجماع. في كتابي، أوضح أنه في عام 1991 كانت هناك خطة تسوية تستند إلى استفتاء للاختيار بين الاندماج في المغرب أو الاستقلال. الأمم المتحدة نفسها اعتبرت أن هذه الخطة غير قابلة للتطبيق، ومن بين الأسباب أنها تضمنت خيارين متطرفين: الاندماج الكامل في المغرب أو الاستقلال التام. وكبديل لهذين الخيارين المتطرفين، تم تقديم خطة أخرى تعتمد على الحكم الذاتي كحل وسط. قبل المغرب الاقتراح، بينما رفضته الجزائر وجبهة البوليساريو. والأكثر من هذا، هو أن الرئيس الجزائري السيد بوتفليقة سافر شخصيا إلى هيوستن (تكساس)، حيث التقى مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، جيمس بيكر، واقترح باسم الجزائر، ونيابة عن البوليساريو، تقسيم الصحراء وبالتالي توزيع السكان وتشتيت العائلات. المغرب، بطبيعة الحال، رفض هذا الاقتراح بشكل قاطع. بعد ذلك، قدم بيكر خطة أخرى شملت بالإضافة إلى الحكم الذاتي، الخيارين المتطرفين، الاستقلال التام أو الاندماج الكامل، اللذين انتقدتهما الأمم المتحدة نفسها. لقد كانت الخطة مزيجًا بين الخطة الأولى الفاشلة والخطة الثانية التي رفضتها الجزائر ومعها البوليساريو، وهي الخطة التي لم يقبلها المغرب بطبيعة الحال. للخروج من هذا الطريق المسدود وإتاحة الفرصة للخروج من هذا المشكل المفتعل، وضع المغرب بمشاركة السكان الصحراويين خطة متوافق ومتفق عليها بين جميع مكونات المجتمع الصحراوي.
لقد وافق المغرب على التخلي عن الاندماج التام والكامل للصحراء مقابل حل ثالث قائم على الحكم الذاتي الموسع، بينما قبلت الجزائر ومعها البوليساريو بالتخلي عن خيار الاستقلال فقط مقابل اقتراح التقسيم. ولكن سرعان ما عادوا إلى الخيار الأول، خيار الاستقلال. البوليساريو بعد فشلهم في الحرب، والعنف الثوري، هم الآن قابعون في موقفهم لا يتحركون. ومع ذلك يطالبون بمفاوضات وتسوية، دون تقديم مقترحات وحلول جدية وواقعية تكون دائمة، وذات مصداقية لذي الأمم المتحدة كما فعل المغرب.
في هذا الإطار وباختصار، أذكر ما كتبه في جريدة El País السيد فان فالسوم، الذي كان مبعوثا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية إذ قال: “إذا استمرت البوليساريو في المطالبة بإجراء استفتاء من أجل الاستقلال، فإن المغرب سيرفضه كل مرة وسيصر مجلس الأمن علي التوصل إلى حل متوافق عليه”. والسيد فان فالسوم نفسه صرح في مجلس الأمن أن الاستقلال ليس خياراً واقعياً.
وبالفعل، في الحقيقة هو خيار سوء النية من جانب الرئيس الجزائري الراحل، هواري بومديان ووزير خارجيته بوتفليقة. لقد قال بومدين صراحة أمام مسؤولين في البوليساريو إن هذه المسألة بالنسبة للجزائر هي حصاة في حذاء المغرب. في كل الأحوال نأمل أن يتم التوصل إلى حل وأن لا تتسبب هذه القضية مزيدا من معاناة أهل الصحراء وأن تتحقق قريبا المصالحة بين الدول المعنية بما فيه مصلحة المغرب الكبير وبناء وحدته.