محمد عزلي
مباشرة بعد عودة السلطان محمد الخامس من المنفى إلى عرشه بالرباط يوم
16 نونبر 1955، كلف مبارك البكاي بتشكيل أول حكومة وطنية كان الهدف
الرئيسي منها متابعة المفاوضات مع سلطات الحماية من أجل استرجاع استقلال البلاد،
وبالفعل اعترفت فرنسا رسميا في 2 مارس 1956 باستقلال المغرب.
شهر بعد ذلك وتحديدا في 4 أبريل 1956، توجه الملك
محمد الخامس على رأس وفد مغربي رسمي إلى مدريد للتفاوض في استكمال الوحدة الترابية
للمملكة المغربية الشريفة، وقد مثل إقليم العرائش في هذا الوفد، الفقيه العلامة
والقاضي الحاج عبد السلام ازطوط عضو المجلس الخاص للخليفة السلطاني، لتنتهي
المفاوضات يوم 7 أبريل 1956 باعتراف إسبانيا الرسمي باستقلال منطقة الشمال المغربي.
قرر الملك محمد الخامس بعد هذا الفتح العظيم،
العودة إلى المغرب مباشرة من بوابة تطوان، وتخصيص مدينة العرائش المجاهدة بأول زيارة
رسمية ثلاثة أيام فقط بعد الاستقلال، وذلك يوم الثلاثاء 10 أبريل 1956، مرفوقا
بنجليه الأمير مولاي الحسن ولي العهد والأمير مولاي عبد الله، ليستقبلوا استقبال
الأبطال من الجماهير الشعبية التي احتفلت مطولا بهذا النصر وهذه الزيارة التاريخية.
حجت إلى العرائش وفود كبيرة من مختلف أصقاع الإقليم
والمناطق المجاورة، وتزينت المدينة بأبهى حلة وأجمل زينة، فنصبت أقواس النصر،
وعلقت الأعلام صور السلطان ولافتات الترحيب والأنوار الملونة في أهم الساحات
والشوارع، كما في الأحياء ومختلف المؤسسات الإدارية والسياسية والنقابية، وقد نصبت
منصة كبيرة بساحة التحرير وضعت عليها صورة كبيرة لمحمد الخامس (5/3 متر)، واصطفت
حولها فرقة فتيان حزب الإصلاح الوطني، رجال السلطة المحلية، الهيأة القضائية،
العلماء، الشرفاء، أعيان ووجهاء المدينة، الهيئات السياسية والنقابية، ممثلون عن
المجتمع المدني والجالية الإسبانية واليهود، بالإضافة طبعا لكل أطياف الجماهير
الشعبية، كما حضر أيضا من تطوان المقيم العام الإسباني والأستاذ عبد الخالق الطريس
زعيم حزب الإصلاح الوطني مصحوبا باللجنة التنفيذية.
وصل الموكب الملكي حوالي الساعة الحادية عشرة
والنصف ظهرا إلى ساحة التحرير، ونزل رحمه الله من سيارته المكشوفة رفقة نجليه
الأميرين ملقيا التحية على شعبه ثم سلم على جميع الشخصيات التي قدمت لاستقبال
جلالته، رافقه الخليفة السلطاني بتطوان مولاي الحسن بن المهدي، والمقيم العام
الإسباني اليوتنان جنرال غارسيا فالينيو، وكذا أعضاء حكومة صاحب الجلالة، وقد تابع
من المنصة استعراضا كبيرا ورائعا، كما قبل جلالته هدايا قدمت له من طرف البلدية
وحزب الإصلاح الوطني والجالية اليهودية.
وفي هذه الزيارة التاريخية سيستبدل اسم الشارع الرئيسي الذي كان يحمل اسم الملكة
فكتوريا ثم الجنرال فرانكو ليصبح اسمه كما نعرفه اليوم شارع محمد الخامس، كما
ستستبدل ساحة إسبانيا باسم ساحة التحرير.
غادر الملك محمد الخامس مدينة العرائش في نفس اليوم متجها إلى القصر
الكبير حيث تناول وجبة الغداء، فنزل بدار الباشا الملالي، ومنها توجه إلى الخضاضرة
في عرباوة رفقة الأميرين، أعضاء الحكومة، الخليفة السلطاني بتطوان، المقيم العام
الإسباني بتطوان، وزعماء الأحزاب السياسية والنقابات، فوجدوا في استقبالهم المقيم
العام الفرنسي بالرباط، ليتم بنقطة الحدود أو (الديوانة) عملية تحطيم حاجز
الحدود الفاصل بين شمال المغرب ووسطه، ليصبح المرور حرا متاحا ابتداء من تاريخ هذا
اليوم 10/04/1956.
جانب من الاستقبال الشعبي الذي خصه سكان العرائش للملك الراحل محمد الخامس
جانب من الشخصيات
الرسمية المغربية منها و الإسبانية التي حضرت استقبال محمد الخامس بالعرائش
الأستاذ عبد
الخالق الطريس زعيم حزب الإصلاح الوطني مصحوبا باللجنة التنفيذية.
المنصة التي نصبت
للسلطان المظفر محمد الخامس بساحة التحرير
الموكب الملكي
لمحمد الخامس و نجليه الأميرين وسط مدينة العرائش
مصادر :
·
المغفور له جلالة الملك محمد الخامس 1927-1961. مدونة
المغرب الملكي الإلكترونية. 01 يناير 2006.
·
أضواء على ذاكرة
العرائش " المفضل التدلاوي " ص
[85-87.
·
بعض من الصور المدرجة في هذا المقال من الخزانة الخاصة للأستاذ محمد الحفيظي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق