الثلاثاء، 28 مارس 2017

لويس كازورلا: في الاحتفاء بذاكرة مغربية ومؤلف كوني



بقلم: محمد عزلي



ترك الأثر الإسباني بمدينة العرائش مقولة متداولة مفادها أن هناك ثلاث أجناس من الإسبان: إسبان إسبانيا؛ إسبان العالم؛ وإسبان العرائش، ولويس ماريا كازورلا واحد من إسبان العرائش المُميزين، شخصية إسبانية رفيعة القدر، له مسيرة حافلة محلياً وإقليمياً ودولياً، سواء تعلق الأمر بحياته المهنية أو الفكرية.

ألف أعمالاً عن العرائش وتاريخها وعن شمال المغرب الكولونيالي، ودَوّن أعمالاً نادرة عن حقبة زمنية هامة ومفصلية في تاريخ المغرب ومحيطه الإقليمي، الفترة التي سبقت دخول إسبانيا للشمال المغربي أواخر القرن 19 وبداية القرن 20، حيث أرّخ للهجرة المُمنهجة للإسبان إلى مناطق الشمال المغربي، منطلقاً من تجربته وخبايا ذاكرة أسرته التي كانت من ضمن هؤلاء المهاجرين من الضفة الإيبيرية هاربة من ظروف الأزمة الاقتصادية الحادة التي طالت الإسبان، كما تحدث عن فترات قوية ومفصلية ومطمورة عاصرت خطوات الجنرال سلفستري منذ نزوله العرائش والقصر الكبير ثم أصيلة، فسبتة ثم مليلية، إلى غاية واقعة أنوال.

نبذة عن حياته:

·       الاسم: لويس ماريا كازورلا برييتو

·       1950، ولد بمدينة العرائش.

·       1972، تحصل على إجازته في القانون من جامعة كومبلوتينسي -مدريد.

·       1974، انضم إلى المجلس الأعلى للمحامين، ومن ثم إلى الكتابة العامة بالبرلمان.

·       1979-1981، مدير عام للمكتب الفني لوزارة المالية.

·       1981، دكتوراه في القانون مع مرتبة الشرف من الجامعة نفسها.

·       1981، مفتش الخدمات لدى وزارة الاقتصاد والمالية.

·       1982-1988، أمين المجلس الانتخابي المركزي.

·       1999-2002، عضو اللجنة القانونية للجنة الأولمبية الدولية.

·       2005-2007، النائب الأول لرئيس اللجنة الأولمبية الإسبانية.

·       2010، أستاذ في المالية والقانون الضريبي بجامعة الملك خوان كارلوس.

·       2012، أمين عام المجلس الإداري لمدريد.

·       يشغل حاليا منصب الأمين العام لمجلس إدارة البورصة الإسبانية وسوق القيم.

·       كما يشغل منصب نائب رئيس وكالة رويترز للأنباء.

·       قاضي بمحكمة التحكيم المنبثقة عن اتفاقية المشتريات الحكومية TACOP.

 

مؤلفاته:

نشر لويس من الأعمال القانونية والعلمية خلال مسيرته أزيد من عشرين مؤلفا نذكر منها:

·       1978، "السرية المصرفية" عن معهد الدراسات المالية.

·       1981، "ضريبة الدولة، قوة ومعاصرة" عن معهد الدراسات المالية.

·       1985، "البرلمان المعاصر" عن سيفيتاس.

·       1986، "الخطابة البرلمانية" عن كوليكسيون أوسترال.

·       1990، "الشركات الرياضية" عن مطابع العلوم الاجتماعية.

·       1996، "مجلس النواب وأهميته الراهنة" عن أرانزادي.

·       1998، "قوانين دعم الميزانية" عن مارسيال بونس.

·       1999، "الترميز المعاصر والتقنية التشريعية" عن أرانزادي.

·       2000، "قانون الضريبة" عن أرانزادي.

·       2007، "اللغة القانونية" عن تومسون-أرانزادي.

·       2009، "الأزمة الاقتصادية وتحول الدولة" عن تومسون-أرانزادي.

·       2010، "حكومة العولمة المالية، النهج القانوني" عن أرانزادي.

كما نشر لويس كازورلا أعمالا أدبية، في القصة و الرواية نذكر منها "مشروع القانون وأحد عشر قصة"، "أربع قصص مستحيلة"، و رواية "لا معك و لا بدونك"، كما نشر سنة 2007 روايته الشهيرة "بالقرب من الحد المسموح" التي أهلته للتواجد ضمن القائمة النهائية المتنافسة على جائزة الرواية العالمية " خفير توميو ".

أما في الرواية التاريخية فقد نشر كما سبق وذكرنا كتبا بالغة الأهمية تتحدث عن مرحلة ما قبل الاستعمار في الشمال المغربي والمراحل الأولى للاحتلال بحكم تواجد أسرته الإسبانية ضمن المهاجرين الفارين من الأزمة الاقتصادية التي عانت منها إسبانيا أواخر القرن 19 وبداية القرن 20 في اتجاه شمال المغرب والعرائش بشكل خاص حيث مارسوا فيها التجارة شأنهم شأن جل المهاجرين الذين استقروا بالمنطقة من المسيحيين و اليهود.

 

·       مدينة اللوكوس

رواية تاريخية تقع في 680 صفحة باللغة الإسبانية، من إصدارات دار النشر ألموزارا سنة 2011.

تدور أحداث الرواية في بداية القرن العشرين حيث كان التنافس على أشده بين القوى الإمبريالية الأوروبية على استعمار و تقسيم المغرب، ووضعية إسبانيا التي اعتبرت تواجدها في المغرب ضرورة قصوى نظرا "لأحقيتها التاريخية" في الشمال المغربي عموما والعرائش تحديدا، وكذلك لتضميد جراح فقدان مستعمراتها (كوبا، بورتوريكو، والفلبين)، كما يتطرق الراوي للإنزال العسكري في العرائش (يونيو1911) ودور الجنرال سلفستري، والظروف التي سبقت الإنزال والنتائج التي خلفها بعقد معاهدة الحماية التي فرضت فيها إسبانيا نفسها بالأمر الواقع و بالتواجد العسكري الميداني، كما يسرد لويس كازورلا في سياق درامي مشوق مسلسل التهجير الممنهج الذي طال عددا مهما من الأسر الإسبانية التي فرت من قسوة "أزمة أليكانتي" الاقتصادية إلى مناطق الشمال الغربي للمغرب في الفترة ما بين 1904 و 1912 لتشكل بذلك نواة شعب المعمرين الذين بسببهم سترفع لواءات التدخل العسكري بحجة حماية مصالحهم، و منهم أسرة الراوي نفسه.

تضيء الرواية أيضا على حالة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية التي طبعت العرائش خلال النصف الأول من القرن العشرين، من خلال تطور المجتمع، سواء الإسباني منه أو المحلي المغربي، وقد تعرض بالتفصيل لوضعية كل منهم، وكيف تفاعل المغاربة إلى حد تطبيع معتقداتهم وأعرافهم وتقاليدهم وعقلياتهم العتيقة مع مستجدات ومتطلبات العصر الجديدة والمتطورة والمادية.

يمكن الاعتماد على الرواية كوثيقة تاريخية مفيدة لاكتشاف وفهم بعض الأحداث والشخصيات التاريخية المركبة والمعقدة، (الحرب الأهلية الإسبانية 1936)، (الجنرال سلفستري)، (مولاي احمد الريسوني)، وثيقة تمنحنا فرصة لإعادة قراءة مرحلة دقيقة يشوبها الكثير من الغموض والضبابية من تاريخ مدينة العرائش والشمال الغربي، بل والمملكة المغربية ومحيطها الإقليمي.

 

·       الجنرال سلفستري وظلال الريسوني

رواية تاريخية تقع في 344 صفحة باللغة الإسبانية، من إصدارات دار النشر ألموزارا سنة 2013.

تحكي الرواية عن السجال العجيب الذي دار بين الجنرال سلفستري والشريف مولاي احمد الريسوني بين هدنة وحرب، بين اتفاق وصراع، وذلك في الفترة المتراوحة بين 1912 و1918، كما تحكي عن رحلة النجاحات التي حققتها عائلة نييت في العرائش وتطوان، ومن خلالها شبكة العلاقات الوازنة التي ربطت العائلة بمحيطها من النخبة السياسية والعسكرية، كما يسافر بنا كازورلا إلى عمق المجتمع بصراعاته وانشغالاته وخفايا سياساته، وكذا التشويق الذي يضمنه العمل الاستخباراتي الفرنسي والألماني بالمنطقة.

ترصد الرواية أيضا بداية الحركة الماسونية بالشمال الغربي للمغرب، و "سرطان الفساد الاقتصادي" وظاهرة الانصهار التي جمعت الأديان الثلاث باختلاف عقائدها مبرزا على وجه الخصوص ذلك التوازن العجيب والفريد الذي فرضه العنصر اليهودي في المنظومة الاجتماعية بالمنطقة الشمالية عموما والعرائش على وجه التحديد.

 

·       بذور أنوال

رواية تاريخية من 476 صفحة باللغة الإسبانية، من إصدارات دار النشر إيلوسترادا سنة 2015.

تحكي الرواية عن عودة الجنرال سلفستري إلى الساحة العسكرية بمنطقة الاحتلال الإسباني شمال المغرب ابتداء من غشت 1919 بتكليف رسمي ومباشر من العاهل الإسباني آنذاك " ألفونسو 13 " الذي خدم إلى جانبه كمستشار عسكري بقصره في مدريد في الفترة ما بين 1915 و1919، عاد من بوابة قيادة منطقة سبتة حيث ستعلو أسهمه مجددا بعد عملية " فندق عين الجديدة " التي ستطيح نهائيا بنفوذ وسلطة الشريف مولاي احمد الريسوني.

تتداخل في الرواية أحداث وملابسات تدور حول صراعات المال والأعمال التي أثرت بشكل مباشر في جسم الجيش الإسباني حيث نخر الفساد عمق المؤسسة العسكرية وشكلت جزءً من التداعيات الأولى حسب تعبير الكاتب المسببة ل "كارثة أنوال"، المعركة التي اندحر فيها الجيش الإسباني، وانتحر فيها الجنرال سلفستري في هزيمة مذلة أهانت كرامة إسبانيا ومؤسستها العسكرية، وعجلت بإطاحة الملكية واندلاع الحرب الأهلية التي ولدت انشقاقات داخلية وفجرت صراعا دمويا عنيفا.

تعتبر هذه المؤلفات الثلاثة الأخيرة جزءً هاما من ذاكرة المغرب المعاصر، جزء من تاريخ اكتنفه الكثير من الغموض والتحفظ والضبابية نظرا لندرة المواد المصدرية وتواضع جودتها، وفي أحيان كثيرة جرّاء التعصب وعدم الحيادية بسبب الانتماء أو المرجعية أو العاطفة..

تجدر الإشارة أخيرا على أن الدكتور لويس ماريا كازورلا برييتو، حاز على تشريف الصليب الأكبر لسان رايموندو دي بينيافورت، وتشريف صليب الاستحقاق الأكبر للطيران، ووسام الاستحقاق الرياضي.

وواضح أن مُجمل هذا المشار، يُخول لمدينة العرائش المغربية أن تفتخر بابنها الذي لم ولن ينساها بما أن رأسه سقط بها، وتاريخ أسرته ارتبط بها، وذاكرة الطرفين صندوق أسود يملكان مفاتيحه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق