الخميس، 2 مارس 2017

العرائش من العواصم الدبلوماسية المغربية

العرائش من العواصم الدبلوماسية المغربية

    بقلم : عبد الحميد بريري


لعبت العرائش أدوارا طلائعية في تنشيط العلاقات الدبوماسية بالمغرب ، خاصة بعد احتلال سبتة و طنجة  في القرن السادس عشر ، وعندما نقول الدبلوماسية بمفهومها الحديث نعني بها تلك العلاقات الحديثة  القائمة على المصالح التي نشأت بين الدول في عصر النهضة الأوربية  وأول  سفير أوربي سمي بهذا الاسم هو الفرنسي بيرنار غيوم الذي نزل بالعرائش سنة 1578 كسفير من الدولة الفرنسية وكطبيب لعلاج عبد المالك السعدي من مرض الطاعون  ، وكانت هذه السفارة امتدادا للبعثة الفرنسية التي جاءت خلال حكم الدولة الوطاسية أوائل ثلاثينيات القرن السادس عشر لربط علاقات اقتصادية مع المغرب ، فلا غرابة أن نجد العرائش تحتضن في القرون المتأخرة قناصل من ألمانيا وفرنسا واسبانيا ويفضل السكن فيها شخصيات حاكمة أو دبلوماسية كالأميرة الفرنسية  الدوقة  دوكيسا والتي كانت تملك الفندق الذي لازال يحمل اسمها ويتداول بين سكان المدينة والذي يحمل اليوم اسم فندق الرياض ، والسفير السويدي  والذي أبى إلا أن يسكن في هذه المدينة   وبعد استفساري له عن سبب اختياره  مدينة العرائش بدل الرباط التي كان سفيرا فيها لدولته قال لي بالحرف  "إني أحب مدينة العرائشّ"  واعتنق  الإسلام  بها  ودفن بمقبرة لا منانة .

وقد شهد بذلك الدبلوماسي المغربي والمؤرخ عبد الهادي التازي في كتابه  التاريخ الدبلوماسي للمغرب  وقد كان هذا العلم ينبهر بالتاريخ الدبلوماسي لهذه المدينة والأدوار الطلائعية التي لعبتها في إنجاح العلاقات الدبلوماسية للمغرب بعد أن انتقلت الى مدينة طنجة بصفة نهائية بعد تحرير مدينة طنجة من التبعية الانجليزية  في عهد المولى إسماعيل  ثمانيات القرن السابع عشر  يقول عبد الهادي التازي أن موقع طنجة الأزلي "أحجب أهمية الثغرين تطوان والعرائش لتصبح العاصمة الدبلوماسية للمغرب ، هذا لا يعني  أن العرائش لم تساهم فيما بعد في علاقات المغرب الدولية ، إذ لعب علي بن بوسلهام أزطوط العرائشي  كمفاوض مع الأجانب لسلطان المغرب آنذاك في القرن التاسع عشر .



القنصلية الإسبانية

أحدثت القنصلية الإسبانية بالعرائش سنة 1767 عقب الهزيمة المدوية للأسطول الفرنسي في ساحل العرائش في عهد السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله, حيث صارعت مجموعة من الدول الأوربية إلى عقد اتفاقيات سلام مع المغرب لضمان سلامتها البحرية من الأسطول المغربي الرابد في العرائش و سلا/الرباط باعتبارهما قاعدتين له، و بذلك تعتبر هذه القنصلية من أقدم القنصليات التي أنشأت بالمغرب.
و من أشهر القضايا الدبلوماسية التي أثارتها القنصلية الإسبانية مع الدولة المغربية استفسارها عن مصير ابن الجاسوس الإسباني " علي باي العباسي بيك الحلبي " و أسمه الحقيقي " دومينغو فرانسيسكو " الذي أنجبه من أم مغربية، و كانت السلطات المغربية قد اعتقلت الجاسوس بمدينة العرائش بعد اكتشاف أمره  فكبلته ثم بعثت به في رحلة مجهولة المصير على مثن سفينة تركية، لكن الجواب المغربي الرسمي لم يصدر عن ممثل الدولة المغربية حسب المراجع المتوفرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق