الأربعاء، 13 مايو 2020

اللوحة البويتنغرية والطرق الرومانية في المغرب


 Rome www.helsinki.fi
   
    محمد عزلي

قُبَيل ميلاد سيدنا المسيح،‏ بدأ مؤسس الإمبراطورية الرومانية القيصر أغسطس (63 ق.م-14م) مشروعه الكبير لصيانة الطرق وإعادة تهيئتها وإنشاء أخرى جديدة تصل إلى كل أطراف الإمبراطورية العظمى، كما أقام "المَعْلَم الميلي الذهبي" في ساحة روما الشهيرة "فورم"، وهو عمود تتخلله أحرف برونزية شكّل النقطة التي تنتهي إليها جميع الطرق الرومانية في العالم القديم،‏ وهو العمود نفسه الذي بسببه شاع القول المأثور:‏ «كل الطرق تؤدي إلى روما».‏
بالموازاة مع ذلك أمر القيصر الروماني بإنجاز خرائط مفصلة عن شبكة الطرق الممتدة عبر أرجاء الإمبراطورية، ونسخها للاستخدام كدليل يرشد المسافرين على المدن والمسافات التي تفصل بينها وبين نقط الاستراحة (مع وصف لأشكال الخدمات التي تقدمها)، هذه الخرائط تمتعت بحظوة وأهمية ليس فقط لدقتها ونجاعتها، وإنما أيضا لثمنها الباهظ الذي جعل مسألة اقتنائها حكرا على الميسورين، وتعد خريطة بوتينغر أو اللوحة البويتنغرية واحدة من أهم وأثمن وأجمل النماذج التي وصلتنا كتراث ثقافي وثائقي إنساني.

محتويات
                                I.            الطرق الرومانية
                              II.            اللوحة البويتنغرية
                            III.            كونراد بويتنغر
                            IV.            كرونولوجية الوثيقة
                              V.            الجزء المغربي من اللوحة
1)     الحواضر الرئيسية الستة
2)     الطرق الرومانية في المغرب (موريطنية الطنجية)
‌        أ)    الطريق الساحلية الأطلسية12 محطة  (Tingi / Baballaca)
‌        ب)   الطريق الداخلية 10 محطات (Tingis / Volubilis / Tocolosion
‌        ج)    الطريق الشرقية 19 محطة (Volubilis / Pora)

·       خاتمة

I الطرق الرومانية

(الصورة 1) شارع بمدينة بومبي الإيطالية يظهر الشكل الذي كانت علية الطرق الرومانية

تعتبر الطرق الرومانية من الإنشاءات الأكثر عظمةً وديمومةً وتأثيراً وأهميةً في التاريخ القديم، سافر عليها الجنود والحرفيون،‏ المبشِّرون والسائحون،‏ الممثلون والمصارعون، التجار والمتبضعون، واستُخدمت كوسيلة «لنقل الأفكار، التأثيرات الفنية،‏ والعقائد الفلسفية والدينية‏»،‏ حسب "رومولو‏ ستاتشولي" الاختصاصي في دراسة النقوش [1].
وقد تمكن الرومان من إنشاء شبكة طرق منظمة بلغ طولها في نهاية المطاف أكثر من 80.000 كلم تمتد اليوم في أكثر من 30 بلدا، كان أولها حوالي 312 ق.م «أم الطرق» الذي ربط روما بمرفأ "‏برينديزي" على البحر الأدرياتيكي (بوابة الشرق)، ثم‏ تفرَّعت الطرق بعدها من روما أيضا في كل الاتجاهات، (سالاريا، فلامينيا، البحر الأدرياتيكي نحو البلقان، الراين، الدانوب، أُريليا  نحو بلاد الغال وشبه الجزيرة الإيبيرية،‏ طريق أوستيا‏ التي اعتبرها الرومان أفضل مرسى للإبحار إلى إفريقيا)، وتخبرنا المصادر القديمة أن الرومان قلدوا طرق القرطاجيِّين مع سعيهم إلى تحسين القديمة منها والتي أنشأت قبل ظهورهم، إذ أنها كانت مغبرة صيفا وموحلة شتاءً، كما ترجح ذات المصادر أن الرومان تعلَّموا شق الطرق من الإتروسكانيين[2].
الطرق الرومانية متقنة وعملية،‏ وفترة صلاحيتها مفتوحة، فقد اتبع في إنشائها أساليب بناء مركبة ودقيقة وباهظة التكلفة[3]، روعي فيها عنصر اختصار المسافات‏ مما يفسِّر امتداد أجزاء كبيرة من الطرق على خطوط مستقيمة، مستعملة الجسور والعبارات النهرية، بل وحتى اختراق الجبال عبر الأنفاق، مثل نفق ممر "فورلو" الجبلي على طريق "فلامينيا" الذي‏ شُقّ في الصخر سنة 78م (طوله 40م ،‏ عرضه 5م،‏ ارتفاعه 5م)‏، كما أن تصاميم هذه الطرق شديدة المرونة مع وعورة التضاريس واختلاف الظروف الطبيعة والمناخية حتى تخفف ما أمكن من مشاق السفر، مما أثار إعجاب القدماء والمعاصرين على السواء، خاصة تلك المرصوفة بحجارة مسطحة كبيرة جعلت محدودبة من الوسط ليسهّل جريان مياه الأمطار في اتجاه القنوات المحاذية لجانبي الطريق، وهو الأسلوب الذي‏ ساهم في ديمومة هذه الطرق إلى يومنا هذا. يقول المؤرخ البيزنطي "بروكوبيوس القيسراني" (500-560م) : «رغم مرور الزمن والمركبات عليها يوما بعد يوم،‏ ما زالت محافظة على شكلها الجميل وعلى سطحها المصقول الناعم»[4].‏

كان المسافرون المشاة يقطعون حوالي 25 إلى 30 كيلومترا في اليوم، وكان بإمكانهم معرفة المسافات من خلال "العلامات الميلية"، وهي‏ أحجار غالبا ما تأخذ شكل أعمدة أسطوانية توضع عند كل ميل روماني (1480متر)، وقد أُقيم على هذه الطرق محطات استراحة تسمح بالمبيت وتغيير الجياد‏ واقتناء المأكل ومختلف الحاجيات،‏ تحولت العديد منها مع مرور الزمن إلى بلدات ومدن.

 (الصورة 2) كيفية بناء الطرق الرومانية وتظهر أيضا العلامة الميلية في أقصى يسار الصورة

II اللوحة البويتنغرية

الصورة 3: اللوحة البويتنغرية

يبلغ طول اللوحة البويتنغرية 6.82 متر على شريط عرضه 34 سنتمتر، قسمت إلى 12 شطراً، فُقد منها شطرها الأول الممثل لأقصى الغرب حيث الجزيرة الإيبيرية والجزء الغربي من الجزر البريطانية وكذلك المغرب الأقصى، لكن العالم ورسام الخرائط الألماني كونراد ميلر (1844-1933م) أعاد رسم القسم المفقود سنة 1887، وهو الجزء الأبيض في أقصى يسار اللوحة [5].

 تمثل الخريطة ما يعادل حوالي 200 ألف كيلومترا من الطرق، ومن خلالها توطين لمواقع المدن والبحار وأهم الأنهار وأهم الغابات، وأهم السلاسل الجبلية في مجموع الإمبراطورية الرومانية والشرق الأدنى والهند، إلى غاية نهر الغانج، وسريلانكا والصين. وإذا كانت اللوحة قد أهملت المعطيات الجغرافية عموما لأن الغرض من الخريطة هو توطين الطرق بالدرجة الأولى [6]، فإنها بالمقابل كانت دقيقة في تحديد المسافات التي يتم التعبير عنها في الغالب ب (الميل الروماني) [7]، وبالتالي تسمح بأخذ فكرة دقيقة إلى حد ما عن الوقت المطلوب للوصول من نقطة إلى أخرى، حتى وإن لم يتم الإشارة إلى بعض النقط أو المحطات في بعض الأحيان.

III كونراد بويتنغر

الصورة: 4 لوحة للنبيل بويتنغر رسمها كريستوف أمبرغر عام 1543

وُلد الألماني كونراد بويتنغر بمدينة أوغسبورغ[8] في 23 من أكتوبر  سنة 1465م وتوفي بها في 07 من يناير 1548م، وهو دبلوماسي ومؤرخ وعالم آثار متخصص في التحف والربائد والأثريات [9]، درس في بولونيا وبادوفا، وتأثر بالفكر الإنساني أو الإنسانوي ليحدو حدو رفاق جيله من الإنسانين الذين قاموا بدراسة عميقة للنصوص الأدبية اللاتينية أو "الرومية"، مكنتهم من تمييز الاختلافات التاريخية في أنماط الكتابة في فترات مختلفة، قياساً على ما اعتبروه "انحدار اللاتينية"، وطبقوا مبدأ "العودة إلى المصادر" عبر مجالات واسعة من التعلم والبحث في مخطوطات الأدب الآبائي (الباترولوجيا)، وكذلك في الكتب الوثنية، هذا وقد جمع بويتنغر رفقة الزوجين "مارك ومارغريتا فلسر" واحدة من أكبر المكتبات الخاصة في أوروبا العصر الوسيط، وفي سنة 1497م أصبح أمينا عاما لمجلس شيوخ مدينته أوغسبورغ، ومن ثّم تمكن من ربط علاقة صداقة مميزة مع إمبراطور هابسبورغ أو الإمبراطور الروماني المقدس "ماكسيمليان الأول" (1459-1519م)، كان كونراد بويتنغر أحد السباقين لنشر النقوش الرومانية، كما أنه صاحب الفضل في نشر "غيتيكا" ل (يوردانس)[10] و"تاريخ اللومبارديين" ل (بولس الشماس)[11]، بيد أن اسمه ارتبط تحديدا بالخريطة البويتنغرية الشهيرة.

IV كرونولوجية الوثيقة

الصورة 5: إعادة تشكيل المناطق الجغرافية الإثني عشرة ضمن خريطة واقعية حديثة

خريطة بويتنغر أو اللوحة البويتنغرية، المعروفة أيضا باسم "خريطة مراحل كاستوريوس"، هي نسخة من القرن الثالث عشر منسوبة إلى راهب مجهول من كولمار الفرنسية، أنجزها عام 1265م نقلا عن خريطة قديمة تعود للقرن الرابع الميلادي تبين الطرق والمدن الرئيسية للإمبراطورية الرومانية، وقد كانت تسمى حينها "الخريطة الثيودوسية"[12] نسبة إلى "فلافيوس ثيودوسيوس أوغوستوس" (ثيودوسيوس الأول) 347-395م، آخر من حكم الإمبراطورية الرومانية الموحدة، من المحتمل أنها تستند على خريطة العالم التي أعدها ماركوس فيبسانيوس أغريبا "Marcus Vipsanius Agrippa" (ولد سنة 64 قبل الميلاد، توفي 12 سنة قبل الميلاد)، وهو صديق شخصي للإمبراطور أغسطس.
تسلم بويتنغر الوثيقة التي امتلكها وحملت اسمه سنة 1508 من صديقه "كونراد بيكل" الملقب ب (كونراد سلتس) مكتشف الخريطة سنة 1494، ليضيفها  إلى مجموعة درره الثمينة، أراد بويتنغر نشر الخريطة لكن المنية سبقت تجسيد النية، فأخذت عائلته على عاتقها مهمة نسخ الخريطة التي طبعت أخيرا في مدينة أنتويرب سنة 1591 على يد الجغرافي ورسام الخرائط الشهير "أبراهام أورتيليوس" (1527-1598م) تحت اسم (Fragmenta tabulæ antiquæ)  من قبل الناشر الشهير "يوهانس مورتوس" الذي نشرها بعد أن طبع منها 250 نسخة في ديسمبر 1598، لكن هذا لم يمنع اختفاء اللوحة البويتنغرية، حيث ضاع أثرها إلى أن تم العثور عليها سنة 1714 فتسلمها أمير هابسبورغ "فرانسوا أوجين دي سافوي" (1663-1736) الذي حافظ عليها في مكتبته التي بيعت بأكملها إثر وفاته لإمبراطور الرومانيين تشارلز السادس (1685-1740)، هذا الأخير سيقوم بتوثيق خريطة بويتنغر المرمز لها ب (Codex Vindobonensis 324) وإدراجها في المكتبة الإمبراطورية التي تعرف اليوم باسم المكتبة الوطنية النمساوية الموجودة بالعاصمة فيينا، ولأجل ضمان الحفاظ عليها بشكل يتناسب وقيمتها العلمية والتاريخية تم تشطير الخريطة سنة 1863 إلى ألواح محمية بطبقات من الزجاج، واستبدلت عام 1977 بألواح من مادة (Polyméthacrylate de méthyle).
هذا وتوجد لدى المكتبة الوطنية الفرنسية بباريس نسخ من طبعات قديمة، "أنفرس 1598" و "أمستردام 1619"، كما أن للخريطة نسخة "Von Scheyb" منذ 1753 بالأبيض والأسود موجودة في أرشيف مكتبة خرائط المعهد الوطني للجغرافيا (IGN) في سان ماندي الفرنسية، وفي عام 1869، نشر المؤرخ والجغرافي والأستاذ الفرنسي إرنست دي جاردان "Ernest Desjardins" (1823-1886) نسخة رسمية بتكليف من وزير التعليم كان من المفترض أن تكون نهائية لأنها جاءت بعد دراسة وتحليل للنسخ الموجودة، كما قدم إسقاطا لبيانات اللوحة البويتنغرية على خريطة حديثة[13].
وتجدر الإشارة كذلك إلى أن الحكومة النمساوية قامت بعرض نسخة ملونة لخريطة بويتنغر أو اللوحة البويتنغرية بمبنى مجلس الاتحاد الأوربي في بروكسل منذ رئاستها للمجلس عام 2006، وقد صنفت تراثا عالميا ضمن السجل الدولي لذاكرة العالم، كتراث وثائقي نمساوي سنة 2007 من قبل منظمة اليونيسكو [14].

V الجزء المغربي من اللوحة

الصورة 6: الجزء الغربي الأبيض الذي عوض الأصل المفقود عبر تدخل الكونراد ميلر الذي أكمل بذلك الخريطة سنة 1887م

سنة 42م أمر القيصر الروماني كلاوديوس (10ق.م-54م) بتقسيم موريطنية إلى إقليمين، القيصرية (الجزائر) والطنجية (شمال المغرب) نسبة إلى عاصمتها طينجي (طنجة)، وفي سنة 180م انفصلت موريطنية الطنجية عن الحكم الروماني الذي لم يستطع السيطرة على الأرض والسكان بعدها لمدة قرن من الزمن إلى حدود سنة 285م حيث اعترف الإمبراطور ديوقليزيان (245-316م) بالواقع، فأمر بإجلاء الجيش عن الجزء الغربي الذي تميز برواجه التجاري المعتمد على الزراعة والصناعة، وقد اشتهر بتصدير المرجان والأخشاب العالية الجودة، والكتان، والأسماك المصبرة..
يظهر الجزء المغربي أو الغربي الجنوبي من لوحة بويتنغر ضمن الجزء الأبيض المضاف أو المعاد إنجازه من لدن الكونراد ميلر عام 1887، وكما سبقت الإشارة فالتضاريس والمكونات الطبيعية غير واضحة وليست دقيقة، فباستثناء نهر ملوية الذي يفصل بين موريطنية الطنجية وموريطنية القيصرية، لا نجد توطينا لبقية الأنهار (تهدارت، لوكوس، سبو، أبي رقراق، أم الربيع ..)، وتمثيل سلسلة جبال الريف محتشم جدا، بينما جبال الأطلس تشكل شريطا مستقيما يحد جنوب الخريطة، كما نسجل غيابا تاما لأي معطيات مرتبطة بالغطاء النباتي أو الغابوي وكذا الأنشطة الزراعية، أما بالنسبة للطرق والمدن والمحطات التي وجدت من أجلها هذه الخريطة الرومانية العتيقة فهي دقيقة وحاسمة في تحديد المسافات بالميل الروماني بين جميع مناطق الخريطة الصفراء، بينما في قسمها الأبيض حيث يوجد المغرب أو موريطنية الطنجية، فلم يدرج النبيل ميلر للأسف المسافات بالأرقام مقتصرا على توطين الحواضر المحورية، والقلاع التي تشكل المرافئ والمحطات الطرقية البرية الرومانية وهي عبارة عن 43 نقطة موزعة على الشكل التالي: 6 مدن رئيسية، 2 مرفأين متوسطيين، 35 محطة برية منها مرافئ أطلسية وحمامات Aquis Daticis الواضحة برمز جميل هو الأكبر على الإطلاق في رقعة خريطة موريطنية الطنجية[15].

الصورة: 7 حمامات Aquis Daticis

1) الحواضر الرئيسية الستة:
1.      (Tingi) طنجة حاليا، أسسها الملك الأمازيغي سوفاكس ابن الأميرة طنجيس حوالي 1320 ق.م، استوطنها التجار الفينيقيون في القرن الخامس قبل الميلاد ثم ضمتها الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول قبل الميلاد لتصبح سنة 42 م عاصمة للمقاطعة الرومانية (موريطنية الطنجية)، تقع في البوغاز حيث يلتقي البحر الأبيض بالمحيط الأطلسي.
2.      (Lix col) اختصارا لكلمة Lix Colonia، وهي نفسها Lixus ليكسوس، تقع على الضفة المقابلة لمدينة العرائش بمصب وادي لوكوس على الساحل الأطلسي، شيدت سنة 1180 ق.م، عرفت ازدهارا كبيرا في عهد الملك الأمازيغي جوبا الثاني طوال القرن الأول قبل الميلاد حيث وجد فيها أقدم مصانع تصبير السمك.
3.      (Volubilis) وليلي، تعني الكلمة قصر فرعون تقع على مشارف مولاي إدريس قرب مدينة مكناس، هي الآن موقع أثري تم الكشف عنه جزئيا، بنيت في منطقة زراعية خصبة، وتطورت منذ القرن 3 قبل الميلاد كمدينة فينيقية، ثم قرطاجية، قبل أن تصبح عاصمة مملكة موريطنية في فترة الحكم الروماني.
4.      (Parientina) قرب جزيرة قميرة أو باديس ثبت وجود المدينة بهذا الاسم الروماني القديم أيضا في دليل أنطونيني للطرق الرومانية [16].
5.      (Russaddir) مليلية، تقع على الساحل المتوسطي المغربي، أسسها الفينيقيون في القرن السابع قبل الميلاد، ثم خضعت للحكم القرطاجي في القرن الخامس قبل الميلاد، وفي سنة 218 ق.م ضمتها مملكة موريطنية إلى أراضيها قبل أن تسيطر عليها الإمبراطورية الرومانية سنة 40م.
6.      (Pora) مدينة قديمة في مملكة موريطنية الطنجية تقع كما هو واضح في اللوحة البويتنغرية جنوب شرق وليلي.

2) الطرق الرومانية في المغرب (موريطنية الطنجية):
يمكننا تقسيم الشبكة الطرقية الرومانية في موريطنية الطنجية حسب اللوحة البويتنغرية إلى ثلاث طرق رئيسية ترتبط على كل حال ببعضها عبر عاصمتي المملكة المورية القديمة والحديثة (طنجة / وليلي)، تمتد من نهر ملوية "Malua" إلى "Tingi" إلى "Baballaca" إلى "Volubilis" إلى "Pora"، عدد المحطات 39 بما فيها 4 مدن (Tingi, Lixus, Volubilis, Pora)، أما المدينتين المتبقيتين (Parientina, Russaddir) فمعزولتين عن الشبكة الطرقية نظرا على الأرجح لوعورة المسالك الريفية مما جعلها تعتمد أساسا على وسيلة النقل البحري، شأنهما شأن مرفأي" Abila" و "Septem Fratres " (الإخوة السبعة) -سبتة، وبليونش حاليا-.

أ)   الطريق الساحلية الأطلسية (Tingi / Baballaca) 12 محطة:
1. (Tingi) مدينة طنجة.
2.(Zilis) الدشر الجديد، أحد الغربية، قرب مدينة أصيلة.
3.(Tabernis) تقاطع الجيلالية على الطريق الوطنية رقم 1 بين مدينتي أصيلة شمالا والعرائش جنوبا.
4.(Lixus) مدينة العرائش.
5.(Frigidis) جمعة لالة ميمونة [17]، على مسافة 23.7 كلم جنوب ليكسوس، و35.5 كلم شمال باناصا حسب دليل أنطونيني [18].
6. (Banasa) سيدي علي بوجنون، 17 كلم على مشرع بلقصيري.
7. (Gigentes).
8. (Tamusida) سيدي علي بن احمد، 10 كلم على مدينة القنيطرة.
9. (Sala) شالة، الرباط.
10.(Gentiano).
11.(Exploratio) تقع على ضفة وادي ابي رقراق، شرق الرباط، جنوب سلا الجديدة، تبلغ المسافة بينها وبين طنجة أولى المحطات 257,3 كلم حسب معطيات أنطونيني في دليله [19].
12. (Baballaca).

ب)   الطريق الداخلية (Tingis / Volubilis / Tocolosion) 10 محطات:
1. (Tingi) مدينة طنجة.
2. (Ad Mercurios) تقع حسب أنطونيني على مسافة 26,6 كلم جنوب طنجة، و8,9 كلم شمال زيليس [20]، ومنها تحديدا يتفرق الاتجاهين المحددين للطريقين الساحلي الأطلسي والداخلي [21].
3. (Oppido Novo) مدينة القصر الكبير.
4. (Tramulis) موقع البصرة على الطريق الجهوي 408 غرب مدينة وزان، شمال سوق الأربعاء الغرب، جنوب القصر الكبير حوالي 20 كلم [22].
5. (Bobiscianis) جبل كورت، شرق سوق الأربعاء الغرب، جنوب غرب مدينة وزان [23].
6. (Gilda) موقع غيغة على بعد 8 كلم شمال مدينة سيدي سليمان.
7.(Aquis Datisis) أولاد بن حمادي بضاحية مدينة سيدي قاسم، على مسافة 20 كلم جنوب مدينة سيدي سليمان، بالقرب من الينابيع الكبريتية المغذية لحمامات مولاي يعقوب [24].
8. (Baba).
9. (Volubilis) وليلي، ضاحية مولاي ادريس، قرب مدينة مكناس.
10. (Tocolosion) تقع في عين كرمة، 4.5 كلم جنوب وليلي، على الطريق المؤدية إلى مدينة مكناس [25].

ج)   الطريق الشرقية (Volubilis / Pora) 19 محطة:
هذا القسم من الشبكة الطرقية في موريطنية الطنجية يضم 19 محطة كما هو واضح في اللوحة البويتنغرية، وقد وردت أسماؤها في العديد من المراجع (انظر البيبليوغرافيا أسفله)، لكنها للأسف لم توطن، وهي اليوم في انتظار فتوحات أركيولوجية تكتشفها وتزيح الغموض عنها، وهي بالترتيب كالآتي:
1Volubilis, 2- Boniuricis, 3- Gudda, 4- Bati, 5- Argenti, 6- Barsuuli, 7- Sidilium, 8- Egelin, 9- Lampica, 10- Fons Asper, 11- Nabia, 12- Maura, 13- Getuli, 14- Selitha, 15- Gerulisofi, 16- Getulidare, 17- Turris Buconis, 18- Paurisi, 19- Pora.

·         خاتمة
اهتم الفينيقيون واليونان في التاريخ القديم بالتجارة والسفر والعلوم، بينما اهتمت الإمبراطورية الرومانية بالتسلح والسيطرة والتوسع، فكانت الخرائط الرومانية "على ندرتها" تصب في سياق خدمة الأغراض العسكرية والإدارية، وقد صممت على ضوء الفكرة القديمة التي تزعم أن العالم قرص يابس يسبح في الماء ويتوسطه مدينة القدس (أورشليم) على غرار الخرائط الصينية القديمة، وتبقى اللوحة البويتنغرية أهم وأفضل خريطة وصلتنا من تلك المرحلة التاريخية تجسد الخلفية العسكرية للرومان المعتمدة على التفصيل في شبكة الطرق التي تربط المدن والقلاع والمحطات المنتشرة في أرجاء الإمبراطورية والمتفرعة جميعها من المحور (روما)، مهملة الجوانب العلمية المتمثلة في المعطيات الجغرافية (قياسات، تضاريس، غطاء نباتي، سكان)، لكن الوثيقة بالمقابل مادة مصدرية أصيلة تهم البحث التاريخي لأمم العالم القديم قاطبة ومنها موريطنية الطنجية (النصف الشمالي للمملكة المغربية حاليا) التي لم تستثنى من الاستيطان والسيطرة الرومانية، حتى وإن كانت فترة بسط النفوذ بشكل صريح لم تدم طويلا، إذ حافظت موريطنية الطنجية على استقلاليتها في أغلب فترات الحقبة الرومانية، فالوثيقة تؤكد مواقع أثرية معروفة وأخرى مكتشفة حديثا، بينما توطن لنا محطات أخرى كثيرة لم يكشف عنها بعد.

[1] الطرق الرومانية: آثار تشهد على روعة الهندسة القديمة، مكتبة برج المراقبة الإلكترونية، تاريخ الاطلاع 05/08/2018.
[2] طبقًا (للمعجم الفرنسي اللاتيني Dictionnaire Illustré Latin Français) للفيلسوف الفرنسي فيليكس غافيو Félix Gaffiot، استخدمت كلمة Tusci من قبل المؤلفين الرئيسيين للجمهورية الرومانية: تيتوس ليفيوس، شيشرون، هوراس.. ثم تطورت إلى عدد من الكلمات المشابهة: Tuscia، Tusculanensis..  الأتروسكانية هي كلمة تعبر عن حضارة قديمة سبقت الإمبراطورية الرومانية لغتها الأترورية، Etrusci، Etrūria.
[3] انظر الصورة (2) التي توضح الطبقات المكونة للطرق الرومانية.
[4] الطرق الرومانية: آثار تشهد على روعة الهندسة القديمة... مرجع سابق.
[5] انظر الصورة (3) اللوحة البويتنغرية القابلة للتكبير ضمن مرفقات المادة والتي عرفت تدخل الكونراد ميلر الذي أكمل الجزء الغربي الأبيض سنة 1887 (Weltkarte des Castorius, K. Miller (éd.), Ravensburg, 1887).
كما يمكن تصفح جميع أجزاء اللوحة عبر الإنترنت بجودة عالية  "https://www.hs-augsburg.de Tbula Peutingeriana Bibliotheca Augustana" (تاريخ الاطلاع 24/07/2018).
[6] انظر الصورة 5 إعادة تشكيل المناطق الجغرافية الاثني عشرة ضمن خريطة واقعية حديثة.
[7] اعتمد الميل في روما كوحدة قياس تساوي ألف خطوة (1 خطوة = 1،48 متر).
[8] أوغسبورغ مدينة بالإمبراطورية الرومانية المقدسة أو إمبراطورية هابسبورغ، تقع في منطقة بافاريا (ألمانيا حاليا).
[10] يوردانس مؤرخ قوطي عاش في القرن السادس الميلادي معروف بأعماله حول القبائل الجرمانية، كرس حياته لكتابة التاريخ باللاتينية، وكان أول عمل مهم له هو (De Origine Actibusque Getarum)  "عن أصل وأعمال الغيتاي"  ويعرف الآن باسم غيتيكا والذي اكتمل عام 551.
[11] بولس الشماس (720-799) ويعرف أيضًا بولس دياكونوس أو وارنفريد أو بارنفريدوس أو كاسينينسيس (نسبة إلى مونتي كاسينو)، كان راهبًا بندكتيًا ومؤرخًا للومبارد في كتابه تاريخ اللومبارديين (Historia Langobardorum).
[13] انظر الصورة 5 الإسقاط المشار إليه والذي يعيد تشكيل المناطق الجغرافية للوحة البويتنغرية ضمن خريطة واقعية حديثة.
[15] انظر الصورة 7 التي تمثل الحمامات ضمن المرفقات.
[16] خريطة مسار أنطونيني عبارة عن دليل سفر لروما القديمة، يوطن المدن الرئيسية للإمبراطورية الرومانية والمسافات بينها، تتشكل من 20 مخطوطة.
[18][19][20] Aomar Akerraz, Archéologie Préislamique, Exploratio Ad Mercurios, Bulletin D’Archéologie Marocaine, Tome XIX 2002, P 203.
[21] Rebuffat René. Les erreurs de Pline et la position de Babba Iulia Campestris. In: Antiquités africaines, 1,1967. P35.
[22][23] Michaux Bellaire, Archives Marocaines Le Gharb, Tome XX 1913, P316.
 [24] M. Euzennat, “Les voies romaines du Maroc dans l'Itinéraire Antonin,” Hommages à Albert Grenier coll. Latomus 58 (1962) 599-600; A. Luquet, “Moulay-Yakoub: bains romains,” Bulletin d'Archéologie Marocaine 5 (1964) 357.
[25] Maurice Besnier, Archives Marocaines, Tome I 1904, Géographie ancienne du Maroc, p 361.

·         الطرق الرومانية: آثار تشهد على روعة الهندسة القديمة، مكتبة برج المراقبة الإلكترونية، تاريخ الاطلاع 05/08/2018.
·         Rebuffat René. Les erreurs de Pline et la position de Babba Iulia Campestris. In: Antiquités africaines, 1,1967, Fichier pdf généré le 25/05/2018.
·         Traité de géographie ancienne et moderne comparées, Jean Bapiste Bourguignon d’anville seconde édition 1815 PDF.
·         Voyages de Monsr Shaw Dans plusieurs provinces de la barbarie et du levant DES OBSERVATIONS GEOGRAPHIQUES, PHYSIQUES, PHILOLOGIQUES ET MELEES D'ALGER ET DE TUNIS, LA SYRIE, L'EGYPTE ET L'ARABIE PETREE. Avec Des CARTES ET DES FIGURES. Traduit de l’anglais, Tome Second. PDF
·         Aomar Akerraz, Archéologie Préislamique, Exploratio Ad Mercurios, Bulletin D’Archéologie Marocaine, Tome XIX 2002.
·         Aomar Akerraz, les fortifications de la Mauritanie Tingitane, Comptes rendus des séances de l’académie des inscriptions et Belles-lettres, 154e année, N.1, 2010.
·         Abdellatif Rhorfi, Les agglomérations autochtones d’après la toponymie du Maroc préislamique.
·         Christine Hamdoune « Ptolémée et la localisation des tribus de Tingitane », MEFRA, t.105-1, 1993.
·         Maurice Besnier, Archives Marocaines, Tome I 1904, Géographie ancienne du Maroc.
·         Dictionnaire de la biographie et de la mythologie grecque et romaine. Par divers auteurs. Ed par William Smith. Illustré par de nombreuses gravures sur boisAuteur : Smith William Sir, Ed 1813-1893.
·         Ernest Desjardins, Essai sur la topographie du Latium, Durand, 1854.
·         Memory of the World Register [PDF], Dr Johanna Rachinger.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق