لطالما تفاخر أبناء العرائش بقاعات مدينتهم السينمائية
الأربع ( مسرح إسبانيا، سينما إديال، سينما كوليسيو، و سينما أبنيدا )، حيث تقاسمت
كل الأجيال و لمدة طويلة من القرن الماضي ذكريات لم ولن تنسى من الأمسيات
السينمائية و المسرحية و الفنية عموما، كان متاحا أمام ساكنة المدينة يوميا أربع
خيارات لأربع أفلام بأربع قاعات سينمائية على أعلى مستوى، أما اليوم فلم تتبقى سوى
سينما أبنيدا "لحسن الحظ" و إن كانت هي الأخرى تخلت عن دورها السينمائي
التنشيطي اليومي باستثناء المهرجانات والأمسيات الخاصة المعدودة والمحدودة على طول
العام، ليصبح خيار أبناء المدينة في الاستمتاع بعرض سينمائي مقرونا بالسفر خارج
العرائش !
مسرح إسبانيا
يحكي بحار كولومبي خدم ضمن البحرية الإسبانية
في مطلع القرن الماضي أنه زار مدينة العرائش في بداية القرن ثم عاد ليزورها مرة
أخرى سنة 1912، وقد تفاجأ كثيرا للتطور المعماري والحضاري، أما اندهاشه الأكبر كان
عندما رأى مسرحا موجودا بالفعل بل ويقدم عروضا مسرحية وأشرطة سينمائية
في هذا الوقت المبكر من اختراع السينما! وقد تطور شكل المسرح في مرحلتين
أساسيتين بين سنتي 1912 و1921 قبل بناء فندق إسبانيا، ثم التعديلات التي
تلت تشييد الفندق إلى غاية 1926/1927.
ترجع فكرة إنشاء هذا المسرح إلى القنصل
الإسباني بالعرائش سنة 1911 "Emilio Zapico إيميليو زابيكو" الذي عمل جاهدا على تحقيق
حلمه فأقنع المقاول الإسباني " Emilio
Sanchez Pescador إيميليو سانتشيز بيسكادور "
بالمشروع، فأخذ الأخير في تشيد هذا الصرح الفني المعماري الرائع بل و احتفظ
بملكيته رافضا بيعه.
وقد ظل المسرح قائما نشطا بل ومنارة تضيء
المشهد الثقافي والفني بالعرائش بعد استقلال المغرب ومبعثا للفخر بين أبناء
المدينة وزوارها، خاصة وأنه بني على الطريقة الإيطالية، روعيت فيه كل المعايير والمكونات
الأساسية والجمالية والتقنية لقاعة أوبرا كلاسيكية بمقومات عصرية.
هدم المسرح أوائل التسعينات لتحل محله بناية
سكنية حيث تتواجد مقاهي (فالنسيا وتريانا) حاليا.
سينما إديال
سينما إديال أو سينيديال كما كان ينطقها سكان
المدينة بنيت عام 1936، كلمة إديال بالإسبانية تعني "مثالية" وقد كانت
في عصرها فعلا اسما على مسمى، إنها انعكاس لمعمار الطليعية في الربع الثاني من
القرن العشرين، تنتمي إلى الحركة الفنية ( العقلانية) "RACIONALISTA"، استفادت من لمسات أمهر مهندسي فن الديكور الذي عرف
أوج ازدهاره و تطوره في هذه المرحلة بالذات من القرن العشرين، ليتزين شارع الحسن
الثاني بالعرائش أو شارع كاناليخاس CANALEJAS آنذاك ببناء جميل فريد من نوعه على مستوى المملكة
المغربية.
كانت القاعة تشكل إلى جانب مسرح إسبانيا نواة
للحركة والحيوية التجارية النشيطة ب "الباسيو" شارع الحسن الثاني، و
مكان التقاء الشباب المحلي الذي غالبا ما كان يعرف بعضه بعضا من خلال المؤسسات
التعليمية أو الأحياء أو كرة القدم بغابة لا إيبيكا، هذا الرواج لازال قائما إلى
يومنا هذا في عين المكان من خلال بائعي "الكلينتي، البابوش، الزريع، الشامية،
الحلويات، المكسرات، الأكلات الخفيفة، المشروبات... ".
رغم هدم القاعة في بدايات هذا القرن و
استبدالها ببناية سكنية، لا تزال قاعة سينيديال و المجال المحيط تحمل مخزون ذاكرة
أجيال مدينة العرائش مند عهد الحماية و إلى غاية جيل التسعينات.
سينما كوليسيو
هي ثالث دار للعرض السينمائي تبنى بالعرائش وذلك
أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، اسمها بالإسبانية " El
Coliseo Maria Cristina " كوليسيو ماريا كريستينا، لكنها
كانت تعرف اختصارا عند ساكنة المدينة بسينما كوليسيو. اشتهرت إلى جانب العروض
السينمائية المستمرة على مدار السنة، بأنشطة موازية خصوصا صباحيات الأطفال والتي
كانت عبارة عن أفلام كرتون أو عروض مسرح الطفل، وهو الشيء الذي أثر إيجابيا على
أجيال السبعينات، الثمانينات، وحتى التسعينات.
تحفة أخرى عمرانية فنية وحضارية رائعة من
الموروث الكولونيالي الإسباني فقدتها مدينة العرائش في أول عقود القرن الحادي والعشرين
لصالح إمبراطوريات الإسمنت.
سينما أبنيدا
بنيت عام 1957 على يد مالكها الأصلي لويس
يوردا إيساكو Luis Llodra Isacco، آخر قاعة سينمائية تبنى بالعرائش، و هي القاعة الوحيدة التي بنيت
بعد الاستقلال لتبقى يتيمة بالمدينة لحسن حظها و حظنا إلى يومنا هذا على الأقل، و
في انتظار انبعاث صروح فنية و ثقافية عصرية جديدة لا نملك الآن سوى الاستماتة في
المحافظة على آخر قطعة متوفرة من فضاءات العروض الجميلة.
صور مسرح إسبانيا
لوحة فنية تزين مسرح إسبانيا بالعرائش (سابقا) وهي حسب ذ.حسام الكلاعي من إبداعات الرسام الروسي
Alexander N.Sfepoulski و مساعده Avenir J.Fruskowskiy
صور سينما إديال
سينما كوليسيو
صور سينما أبينيدا