الجمعة، 2 يوليو 2021

"الباسخيرو": أعرق نشاط بحري بمدينة العرائش


      بقلم: عبد الحميد بريري


"باسخيرو"PASAJERO باللغة الاسبانية تعني الراكب وتطلق تداولا؛ حسب المتعارف عليه بمدينة العرائش على الذي يقوم بنقل العابرين بين الضفتين بواسطة القارب وإلى حد قريب كانت الوسيلة الأساسية التي يتم بها نقل المتنقلين بين رقادة والمدينة وتنشط في فصل الصيف بنقل المصطافين من المدينة إلى رأس الرمل. وهي وسيلة أساسية أنشأ لها درج لتيسير عملية ركوب القوارب أوما يسمى بـ "سكاليرا" Escalera بالإسبانية إحداها برأس الرمل كانت تسمى ب "سكاليرا كومنديو"  نسبة لأحد المستثمرين الكبار الإسبان واحد المقاولين في صناعة السفن Pedro Gomendio  .وتداول هذه المصطلحات بالإسبانية ناتج عن هيمنة الأجانب الإيبيريين على صناعة السفن بالمدينة والتجهيزات البحرية وقد ظل اسم كونرادو سوسا CONRADO  كأشهر مقاول في الميدان إلى حدود السنين الأخيرة والذي كان له الفضل في تعلم أبناء المدينة هذه الصناعة وترك جيلا من الصناع العرائشيين. وكذلك اسم EMMANUEL GOUTIEREZ الذي كان مختصا في صناعة القوارب بأنواعها وورشته كانت مجاورة لمقر القنصلية الألمانية قرب مدرسة لالة منانة وانتقلت ملكيتها إلى مغربيين هما المعلم أحمد الكوفي والمعلم عبد القادر الخدير.

 كان العامل الأساسي لظهور هذا النشاط هو الموقع الجغرافي، حيث توجد العرائش في الضفة اليسرى لنهر اللوكوس ويحيط بها المحيط الأطلسي غربا ونهر لوكوس من الشمال والشرق ولا منفذا بريا لها  إلى من جهة الجنوب، فلا وصول إلى المدينة من الجهات الثلاث للقادم إليها إلا عبر وسيلة بحرية إما ركوب الباخرة أو القارب وما يصطلح عليه محليا"الباطيل". وحتى أن العمليات التجارية بمنطقة لوكوس قديما كانت تتم عبر القوارب لصلاحية النهر للملاحة لأميال تصل أحيانا إلى حدود مدينة القصر الكبير حيث لا يزال مكان على النهر هناك يسمى "المريسة" أي المرسى بالتصغير. وقبل إنشاء أول قنطرة للعبور إلى المدينة بالإنشاء الحديث كان التنقل عبر قوارب مربوطة فيما بينها؛ تشكل جسرا يعبرها سكان الضواحي من الجهة الشرقية للمدينة. فالعبور إلى العرائش للقادم من الشمال - خاصة من طنجة وأصيلا- يعتبر من أهم مراحل الطريق الساحلية التي تربط النقطة الرئيسية من الطريق المخزنية التي تربط فاس عبر القصر الكبير بطنجة حيث تبدأ من أحد الغربية عبر اصيلا فمفترق الطرق لالة الجيلالية إلى قرية خميس الساحل ثم العرائش عبر رقادة - رأس الرمل، ومن تم إلى قرية أكلا إلى قرب مركز مولاي بوسلهام (حاليا الدلالحة) إلى مركز جمعة لالة ميمونة إلى سوق أربعاء سيدي عيسى بن الحسن حيث نقطة الالتقاء الرئيسية الثانية مع الطريق المخزنية طنجة - فاس [1]

ومن أبرز الشخصيات التي أفصحت عنها المصادر التاريخية والتي عبرت النهر إلى العرائش عبر القوارب ومنهم كانوا سفراء وقناصل و رحالات وتجار؛ المتوجهين  إلى لقاء السلاطين بفاس أو للاستقرار بالمدينة أو زيارتها كالسفير البرتغالي إلى السلطان مولاي سليمان جوزي دي سانطو مورا Joze de Santo Antonio Moura سنة 1797م حيث يقول في يوميات رحلته وقد قدم من طنجة على الطريق الساحلية في إطار زيارة فتح أفاق التعامل التجاري بين المغرب والبرتغال:  " على السابعة وصلنا رحلتنا، وبعد مرور دقيقتين بدت لنا العرائش وفي الساعة الثامنة والنصف وصلنا  الى نهر المدينة حيث وجدنا في انتظارنا نائب القنصل الانجليزي والتاجر البرتغالي جوزي انسلمو دي ماسيدو وقد ركبت أنا والقنصل مع هذا الأخير على متن قارب كان في انتظارنا هناك. ونزلنا منه في الشاطئ، ومنه أخذنا إلى منزله حيث ضايفنا ضيافة ممتازة، بينما بقي نائب القنصل الانجليزي مع كاتب القنصل بالجهة الأخرى من النهر إلى أن تم نقل الأمتعة إلى هذه الجهة من النهر" [2] والرحالة الاسباني خوسي بوادا رومو José Boada y Romeu الذي ذكر في رحلته للمغرب ما بين 1889و1894م تنقله إلى العرائش عبر الطريق البرية الساحلية من طنجة قاطعا نهر لوكوس يركب البارجة   La barcaza   " كان على القافلة أن تنتظر عبور وادي لوكوس أو ليكوس أو ليكسوس فوق البارجة مع المضايقات والصعوبات المعتادة"[3]. وموظف المفوضية الأمريكية بطنجة ادمونت هولت EDMONT HOLT ما بين سنة 1907و1911 ويحكي الكاتب عن هذه الرحلة " وفي الطريق من أصيلة إلى العرائش كان على المؤلف وصحبه أن يعبروا نهر لوكوس في قوارب، وهي عملية صعبة لأن القارب لا يتحمل أكثر من دابة واحدة، ومن المعروف أن الحصان يرفض أن يمتطي القارب، فإذا امتطاه رفض أن يغادره " [4].

لذلك تعتبرعملية نقل الركاب ما بين ضفتي النهر تراثا محليا له امتداد تاريخي وضرورة جغرافية آنذاك، فالإبقاء عليه هو ربط لماضي المدينة وحاضرها ورمز للهوية الحضارية للمدينة.

 

1- Archives Marocains T/4(1905) les tribus de la vallée du lekkous  michaux bellaire  George salamon p: 26

2- المغرب والبرتغال أبحاث من الارشيف البرتغالي عثمان المنصوري مطابع الرباط نيت سنة 2017 ص: 142

3 -Viajes a Larache Mohamed LAABI publications Dar el - Laraïch 2007 p: 37

4 - جولات في مغرب أمس (قبيل الحماية) عبد المجيد بن جلون مكتبة المعارف الرباط ص: 29






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق