الأحد، 30 أغسطس 2020

عادات وتقاليد المغاربة في الاحتفال بيوم عاشوراء


“الشّعالة”، “زمزم”، “الذيالة” عبارات رمزية ارتبطت بمظاهر تميز إحياء ذكرى عاشوراء في المغرب التي تصادف العاشر من شهر محرم من كل سنة هجرية، فإذا كان يوم عاشوراء في العراق وإيران يوم كآبة وحزن على مقتل سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه، فإنه في المغرب مناسبة للفرح والترفيه والتضامن وسط أجواء روحانية وتقاليد اجتماعية وحركة تجارية غير عادية.
شراء الفاكية: يبدأ الاحتفال بمناسبة عاشوراء في العديد من مناطق المغرب منذ مطلع شهر محرم، حيث تمتلئ الأسواق بالتمور والفواكه الجافة من تين وتمر وجوز ولوز وكاكاو وحمص وحلوى، وهذه الفواكه معروفة عند عامة الناس في المغرب بـ“الفاكية”، ويخلق إقبال الناس على شرائها رواجا كبيرا حيث يعتبر اقتناؤها لدى الأسر المغربية أحد لوازم الاحتفال، ويعد استهلاكها وتفريقها على الأهل والجيران وأطفال الحي مظهرا من مظاهر الاحتفاء بعاشوراء.
ألعاب عاشوراء: يشتري الآباء هدايا لأولادهم، وهذه الهدايا غالبا ما تكون عبارة عن لعب مثل مزامير ومسدسات مائية وأجهزة إلكترونية أو الدمى والبنادر والطعارج وغيرها من اللعب التي يعرضها التجار على غير العادة في الأسواق والشوارع.
الشعالة: تشهد الشوارع والميادين العامة في المدن والأرياف ليلة عاشوراء ظاهرة إشعال النيران التي يطلق عليها “شعالة” أو “تشعالت” بالأمازيغية، وبعد إيقاد النار يبدأ القفز عليها باعتبار أن ذلك يزيل الشر ويبعده، بل إن البعض يشعلون النار في أفنية منازلهم ويأخذون في الدوران حولها وهم يطبلون ويزمرون ويغنون، ويجتهد الفتيان في تأجيج اشتعالها لأطول مدة من الليل، وغالبا ما يستعملون لهذا الغرض عجلات مطاطية بالإضافة إلى أغصان الشجر لتتصاعد الأدخنة في عنان السماء، ويأخذون في القفز فوق اللهيب، في حركات بهلوانية يرافقها القرع على “الطعاريج” بأهازيج شعبية من قبل النساء، مع ما يصاحب ذلك الصخب من إطلاق الأطفال للصواريخ وفرقعتهم للمتفجرات والمفرقعات… لكن طقوس احتفال مغاربة اليوم “فقدت دلالاتها الرمزية وتحولت إلى مجرد لعب ولهو فقط.” وأشار واعراب إلى أن المغاربة القدامى كانوا يبدؤون التحضير لطقوس “الشعالة” منذ الأيام التي تسبق مناسبة عاشوراء، حيث يتم إعداد حطب الموقد وتجميعه في المكان نفسه الذي اعتاد الناس على إضرام النار فيه كل عام. كما يشرعون في اختيار نوعية الحطب. وكانت الأفضلية تمنح لبعض الأشجار التي تعتبر “مباركة”، أي تلك التي تعتقد العامة أن لها “بركة” كشجيرات الدفلى والزعتر والحلفاء وأشجار الزيتون البري (الزبوج) والزيتون المثمر والنخل وغيرها.
طقوس “زمزم”: يستيقظ المغاربة مبكرا في صباح اليوم العاشر من شهر محرم (عاشوراء) اعتقادا منهم أن من ينشط في هذا اليوم سيكون العام عنده كله نشاط وبركة، وفي بعض المناطق تبادر الأمهات بإيقاظ أهاليهن عن طريق نضحهم (رشهم) بالمياه منذ الساعات الأولى من يوم عاشوراء. وبعد الاستيقاظ، يبدأ الصغار في رش بعضهم البعض بالمياه قبل أن ينتقلوا إلى الجيران وبعدهم المارة عبر الدروب والأزقة، لتبدأ بعدها المطاردات في الشوارع بين الذكور والإناث في ظاهرة عجيبة تعرف باسم “زمزم” أو “التزمزيمة”. ورغم أن زمزم هو اسم البئر المبارك في مكة المكرمة، إلا أنه في المغرب يعني اليوم الذي تكون فيه للأطفال حرية كاملة لرش المياه على بعضهم البعض وعلى جيرانهم والمارة في الشارع.
الكسكس باللحم: عشاء ليلة عاشوراء يتكون في الغالب من طعام “الكسكس” الذي يفور على سبعة أنواع من الخضر “سبع خضاري” و“الذيالة”، وهي مؤخرة الخروف وذنبه، ويحتفظ بها من أضحية العيد مملحة لهذا الغرض، وقد يكون معها شيء من “القديد” مع أمعاء الكبش المجففة التي يصنع منها ما يعرف بـ“الكرداس”.


[عن مدونة عالم النساء / نونبر 2014]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق