الثلاثاء، 16 يوليو 2019

مدرسة الأليانس الفرنسية بالعرائش



    محمد عزلي


الأليانس الفرنسية هي منظمة دولية تنشر اللغة والثقافة الفرنسية عالميا، تأسست عام 1883 على يد نخبة من مشاهير فرنسا في القرن التاسع عشر (لويس باستير، جول فيرن، فرديناند دوليسبس، إرنست رينو، و أرماند كولن)، مقرها الرئيسي بباريس، أصبحت اليوم علامة تجارية عملاقة تنتشر في 135 بلدا، وإذا ما تمعنا النظر في خريطة انتشار مراكزها عالميا سنجدها تتموقع فقط في البلدان الغير فرنكوفونية، وهو أمر بديهي ومدروس بعناية، وفي هذا السياق كانت مدينة العرائش واحدة من مراكزها في حقبة الحماية نظرا لكونها تابعة آنذاك للنفوذ الإسباني.
وعن مدرسة الأليانز الفرنسية المختلطة بالعرائش يحكي لنا بعض من عاصرها من قبيل (سيرخيو بارسي، كارلوس غاليا، و سارا فيريريس) كان مقرها بادئ الأمر في منطقة الشرفة الأطلسية، ثم انتقلت إلى البناية الجميلة المقابلة لحديقة الأسود كمدرسة خرجت عن المألوف حينها بمدينة العرائش في فترة كان فيها التعليم القومي الكاثوليكي هو السائد، حيث يفصل البنين عن البنات في جميع المدارس.
شكلت المدرسة في واقع الأمر تمرينا تطبيقيا للنظام التعليمي العلماني بالمدينة وذلك تماشيا مع نص الدستور الفرنسي، ففضلا عن كون المدرسة مختلطة (بنين وبنات) كانت تمنع تدريس الديانات كليا، وهو الأمر الذي جعل مفهوم المختلط يتوسع عن ما كان مألوفا، فالمدرسة المختلطة هذه جمعت اللادينيين مع المسيحيين كاثوليك وبروتستانت مع اليهود في نفس الأقسام، سواء تعلق الأمر بالتلاميذ أو بالمعلمين، وهو أحد الأمور الجوهرية حسب تأويل المتمدرسين بهذه المؤسسة التي سهلت عملية إدماج المجتمع تطبيقيا في التلاقح الثقافي والتعايش الديني الذي ميز الحياة الاجتماعية في مدينة العرائش، أما المسلمين الذين كانوا الأكثر تحفظا فقد وضعت رهن إشارتهم مدرسة خاصة بهم تابعة للبعثة الفرنسية بالقرب من ساحة الأرجنتين سابقا (ساحة الشهداء حاليا) ، وقد كانت حصرية للذكور.
هذه المدرسة يؤكد روادها ساهمت بشكل كبير في تصدير سلوك يذيب كل أشكال العنصرية، ويحرض على احترام عادات الأجداد وعادات الغير على السواء، والتسامح مع بقية المعتقدات، وإقامة الصداقات القوية والمعمرة دون اعتبار لأصل أو دين، بل ودون الحاجة إلى السؤال عن ذلك.


* RECUERDOS DE LARACHE, POR CARLOS GALEA, sergiobarce.blog, 27 ABRIL, 2013

* alliancefr.org





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق