محمد عزلي
تعد
شركة "هاوزر ومينيت" واحدة من أشهر وأكبر المطابع المتخصصة في الصورة
الفوتوغرافية في القرن العشرين بإسبانيا، خزان كبير من الوثائق والصور يعتبر أحد
أهم ركائز الأرشيف الفوتوغرافي والذاكرة المشتركة المغربية الإسبانية لمدة جاوزت
القرن من الزمن، لم تترك شبرا من الأراضي الخاضعة للحكم الإسباني إلا ووثقته،
اشتغلت لحسابها ولحساب العديد من المجلات والجرائد والمؤسسات التي اعتمدت الصورة
الفوتوغرافية أداةً رئيسيةً أو مكملةُ لمنشوراتها من قبيل الجامعات، الجمعيات،
مؤسسات الدولة، وبعض الشركات الخاصة. وهي المؤسسة التي بفضلها دخلت البطاقة
البريدية حيز الوجود في إسبانيا ومنها إلى مناطق نفوذها بالأراضي المغربية في
الشمال والصحراء قبل وأثناء وبعد عهد الحماية في القرن العشرين.
بدأت
الحكاية عندما تعرَّف الصديقين السويسريين "أدولف مينيت كورستينير" و
"أوسكار هاوزر مولير" على بعضهما في باريس، ثم انطلقا معا إلى العاصمة
الإسبانية عام 1888 ليبدأ مشوار احترافهما فن الصورة الفوتوغرافية من خلال
اشتغالهما في شركة الفن الفوتوغرافي بمدريد قبل أن يؤسسا شركتهما الخاصة عام 1890
برأس مال قدره 50.000 بسيطة، وفي العام الموالي أطلقت الشركة مشروعها الأول تحت
اسم إسبانيا إلوسترادا (إسبانيا المصورة) حيث تم تكليف المصور فرانسيسكو
بيريز ليناريس بمهمة جمع أكبر قدر من الصور الفوتوغرافية في رحلة عبر فيها كل
أرجاء البلد، أثمرت في النهاية مجموعة رائعة تجاوزت 2300 صورة ظهرت بعد عام 1897
كبطاقات بريدية معروضة للبيع بشكل فردي أو كألبومات من 20 بطاقة ابتداءً من العام
1899 تباع في كل ربوع إسبانيا. أدخلت المطبعة إلى إسبانيا تقنية حديثة وناجعة في
زمنها تسمى "فوطوتيبيا"، وكانت هاوزر ومينيت أول وأفضل من استعملها في
إسبانيا على الإطلاق، ومن بين أشهر زبناء الشركة كانت الجمعية الإسبانية للرحلات
والتي استخدمت الصور في نشراتها الشهرية المطبوعة، ثم المجلة الإسبانية الشهيرة
(بلانكو إي نيغرو). وقد تزامن العصر الذهبي لهاوزر ومينيت مع حمى جمع
البطاقات البريدية في أوروبا خلال مطلع القرن العشرين، حيث تشير إحصائيات الصديقين
السويسريين عام 1901 إلى توزيع نصف مليون بطاقة بريدية في الشهر، على الرغم من
المنافسة القوية للمطابع المتخصصة مثل (ج.لوران، فوسيل ورومو، سايز كاييخا).
عاد
أوسكار هاوزر إلى سويسرا لأسباب صحية عام 1919 وتوفي هناك بعد بضعة أشهر، ليترأس
أدولف مينيت الشركة منفردا إلى حين وفاته في 6 من غشت 1927، فتسلمها وريثه ألونسو
الذي واصل قيادتها إلى أن توفي بدوره عام 1939. بعدها مرر شريكه ببيريز ليناريس
مفاتيح المؤسسة إلى المالك الجديد ألبيرتو ويكلي الذي أدارها إلى غاية 31 ديسمبر
1959 تاريخ تحولها إلى شركة عامة محدودة. واصلت هاوزر ومينيت النشر للجرائد
والمجلات وأشهر النشرات من بينها (لاكايي، سابادو غرافيكو، أولا، تريونفو،
إنترفيو) وبعد حوالي قرن من الوجود، أعلنت شركة "هاوزر ومينيت" إفلاسها
عام 1979 لكنها قاومت الإقفال عن طريق خطة للتسوية ضمنت استمرار العمل حتى عام
1996 تاريخ اختفاء الشركة نهائياً.
اختفت
مؤسسة "هاوزر ومينيت" قبل ربع قرن تاركة رصيدا هائلا من الأرشيف
الفوتوغرافي الذي أصبح اليوم يشكل مواد صلبة تبني وتكمل دراسة التراث الثقافي
المادي والرمزي وكذا البحث في التاريخ المعاصر لإسبانيا والمناطق التابعة لها في
القرن العشرين ومنها المنطقة الخليفية بالشمال المغربي، إنها صور كلاسيكية ذات
حمولة تاريخية وجمالية و سحر نوستالجي أصبحت تلقى إقبالا وانتشارا وتفاعلا عاطفيا
كبيرا اليوم من خلال الفضاءات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي في كل أرجاء
الكوكب.
مراجع
· Portal
de Archivos Españoles. Ministerio de educacion, cultura y deportes. Institucion
Hauser y Menet S A Madrid, España.
· Las tarjetas
postales. Atrapados en blanco y negro. Ministerio de educacion, cultura y
deportes. [sitio web oficial]
· Hauser
y Menet presento ayer solisitud de suspension de pagos. Diario el pais
14/02/1979.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق