الثلاثاء، 5 فبراير 2019

من ذاكرة فم السبع



    بقلم: عبد السلام السلطاني


استفاقت العرائش على خبر الفاجعة ..
ذاك الصباح المطير.. من أيام يناير 1969 ..
التي عرفت تساقطات غزيرة.. مصحوبة بعواصف ..
لم تهدأ لحوالي الشهر.. !
فعند محاولة دخول مركب للصيد.. من باب " فم السبع " ..
في ليلة بعد أكثر من أخرى قضاها في عرض البحر ..
قلبته موجة عاتية وهي تدفعه نحو أحجار " للا زوينة " ...!!
أربعة عشر بحارا.. كانوا على ظهره ..
وجدوا أنفسهم في صراع مع التيار المتقلب الجارف ..
وسط بحر ونهر وموت يجدبهم نحوه بكل ما أوتي ..
قبل أن يتمكن نصف العدد من النجاة...!
.. بقي سكان المدينة.. بما فيهم عائلات الضحايا ..
على طول الشاطئ بين " المون «.. و " الما الجديد " ..
ينتظرون لوقت ليس بالهين.. طفو الغارقين.. !!!
قبل أن ظهرت جثتا " البيضاوي " و الطرگال " ..
بشاطئ راس الرمل.. و قطعة من الشباك ..
ملتفة على يديهما المتشبثتين ببعض ..
و قد حكى أحد الناجين أن حجم رابط الصداقة ..
الذي كان بينهما.. دفع أحدهما الذي كان يتقن السباحة ..
إلى رفض النجاة.. إلا وصديقه يرافقه.. أو يفنيا معا...!!!
بعد يوم أو يومين.. ظهرت جثتا " الهاميوط " ..
أخ صاحب المركب.. الذي كان يشغل عليه ..
مهمة " رايس الطريق " .. و بحار آخر اسمه " الحنفي " ..
ثم بعد ذلك ظهرت خامسة للبحار " باسو " ..
و سادسة لبحار آخر ..
حاولت استحضار اسمه.. دون جدوى للأسف...!!!
لم أشهد في حياتي جنازات بمثل الضخامة بالمدينة ..
كجنازات هؤلاء البحارة الذين تم تشييعهم تباعا.. !!
نحو مقبرة " سيدي العربي " .. انطلاقا من " الجامع الكبير " ..
و لا حالة الترقب العامة التي بقيت على طول الشاطئ ..
و عند منزل آخر المفقودين.. البحار المسمى " القصري " ..
الذي ترك زوجة حاملا وعددا معينا من الأطفال ..
حتى اليوم السابع أو الثامن.. الذي ظهرت فيه جثته ..
بشاطئ " سيدي مغايت ".. قرب مدينة أصيلة...!!!
ويا لها من جنازة.. تلك التي تم فيها تشييع جثمان ..
آخر الذين لفظهم البحر هذا.. !!
.. كان يوم جمعة.. وبعد صلاة الظهر.. انطلق الموكب ..
الذي ضم مختلف شرائح المجتمع المحلي ..
بما فيها أطفال المدارس.. وضمنهم نحن ..
تلاميذ مدرسة مولاي عبد السلام.. مرفوقين بمعلمينا ..
الذين نظموا صفوفنا مثنى مثنى.. ورعونا ذهابا وعودة ..
والمدينة.. عن بكرة أبيها.. تودع الضحية الأخيرة ..
من سلسلة ضحايا حالات الغرق العديدة ..
التي كانت تحصل لبحارة ثغر مصب اللوكوس ..
فرادى وجماعات.. لسنين طويلة ..
مرة أو أكثر.. كل عام ...!!!!!
........... الصورة المرافقة للنص حديثة بعض الشيء ..
سقتها فقط لإظهار حالة (خفيفة) لهيجان " فم السبع " ...!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق