الأحد، 19 أغسطس 2018

العرائش سنة 1614


العرائش سنة 1614


    محمد عزلي


هذا التصميم لمدينة العرائش سنة 1614 خطه العالم والمؤرخ الإسباني الشهير برناردو دي ألديريتي Bernardo De Alderete خلال رحلته إلى إفريقيا حيث نزل المدينة وهي حديثة العهد بالاحتلال الإسباني (1610/1689). ولد بيرناردو بمدينة مالقة الإسبانية (1641/1565) وهو عالم في اللغة وباحث في الآثار ومؤرخ، كان على دراية جيدة باللغات الكلدانية، العربية، العبرية، اليونانية، اللاتينية، الفرنسية، والإيطالية. قام بتطبيق معرفته العلمية على أبحاث أثرية وأخرى لغوية خلدت اسمه في سماء العلم والتاريخ، كان أشهرها البحث المرجعي عن أصل ونشأة اللغة القشتالية[1].
معطيات التصميم لا تختلف عن تصاميم ما قبل الاحتلال، وهذه قراءة موجزة في مفاتيحها :
1. لغة التصميم إسبانية وهو أمر طيبعي بما أنها لغة الاحتلال، كما أنها اللغة الأم لواضع التصميم.
2. الوثيقة تحمل شعارا للمدينة بالتاج الإسباني خال تماما من أي تمثيل للصليب.
3. تفصيل التنوع الذي يميز طبيعة المجال الجغرافي للمدينة وهي كالتالي: البحر المحيط، وادي لوكوس ومصبه A، بحيرة صغيرة H، بحيرة كبيرة L، ثم مجموعة من التلال Y، والمرتفعات الجبلية G، يكسوها غطاء غابوي وسط فضاء سهلي فسيح.
4. التحصينات العسكرية: B - حصن مصب النهر (الفتح)، C - حصن جديد (النصر)، D - حصن الجنويين، تعلوها أعلام ترمز لهوية المحتل الإسباني الصليبي. الحصون الثلاث حسب التصميم تحمي قصبة العرائش التي تتوسطهم إضافة إلى التجمعات السكنية الخارجية، ويظهر في أركانها -أي الأبراج-  دخان يرمز للمدفعية والسلاح الناري مما يجعل أمر اختراق المدينة "نظريا" أمرا مستحيلا حيث أن زوايا ومدى المدفعية يغطي 360° من محيط المدينة، لكن على الميدان الأمر مختلف كليا، فتحصين المدينة في هذا التاريخ لا يعدو كونه مجرد مشاريع هندسية على الورق. "ولما عين على العرائش، الحاكم بيدرو رودريغيز دي سانتيستيبان Pedro Rodriguez de Santisteban في يوم 3 نوفمبر 1614، كان من بين المشاكل التي واجهته، قضية تحصين المدينة وإنجاز ما كان مجرد مشاريع هندسية. وأول ما دشن به أعماله هو تعزيز الخندق الرابط بين حصن القديسة مريم وحصن القديس انطونيو. كما أعيد بناء السور في هذه المنطقة المشرفة على البادية ووسع ونظف الخندق الذي أمامه. وبجوار حصن القديس أنطونيو، شيد معقل عند مدخل المرسى أطلق عليه اسم سنتياغو Reducto de Santiago ثم شرع في إصلاح وتدعيم السور ما بين حصن القديسة مريم والنهر بالقرب من المرسى. وقد تم إنجاز كل هذه الأعمال في شهر يوليوز 1616"[2].
5. تنقسم المناطق السكنية حسب التصميم إلى شطرين، الأول في المدينة حيث توجد القصبة والربض، أما الثاني فيتفرق على امتداد الضفة اليسرى لوادي لوكوس، ويصور التصميم هذه المنازل بأسطح محدبة تسقف عادة إما بالقرميد أو الأعراش النباتية التي من خلالها على ما يبدو أخذت المدينة اسمها الحالي "العرائش" لكن في مرحلة زمنية سبقت تاريخ هذا التصميم.
6. الإشارة إلى مصدر المياه العذبة في الموقع E وهو ما يعرف لدى سكان العرائش باسم (عين شقة) الموجود أسفل "الشرفة الأطلسية"، ومن الواضح أن المنبع المائي اكتسى طابع الأهمية لدرجة أن برناردو ألديريتي وضعه بشكل بارز في هذا التصميم، رغم أن المدينة تربو على فرشاة مائية كبيرة تسمح بحفر الآبار في كل مكان.
7. موقع ليكسوس F على هضبة تشمس حاضر بشكل ملفت للانتباه، حيث يصوره المصمم كإنشاء عمراني قديم لكن هيأته كاملة أو على الأقل واضحة المعالم.
8. النشاط الزراعي والصناعي بسافلة لوكوس، وخاصة الضفة اليسرى للوادي كما هو واضح في الموقع K، حيث توجد منازل لها بساتين مسيجة بجوار أماكن صنع الفخار والآجور[3].
9. رغم انتقال المدنية في العصر الوسيط من الضفة اليمنى لمصب وادي لوكوس حيث موقع ليكسوس إلى ضفته اليسرى حيث تتواجد مدينة العرائش ظلت (الملاحات أو الممالح أو الملالح كما ينطقها أبناء المدينة) محافظة على تواجدها الحيوي وموقعها بجانب الوادي كما يوضحه التصميم في الموقع N [4].
10. السفن البحرية الإسبانية "الأرمادا" على الساحل، تتشكل من قطع متوسطة (مناورة) وأخرى كبيرة (مدمرة ومتحملة) ذات وظيفة عسكرية، وإن كانت تستخدم أيضا للأغراض التجارية وهي: الكارافيلا اللاتينية ذات الأشرعة المثلثة Caravela Latina، والغليون الشهيرة التي خاضت أعتى الحروب البحرية العالمية، وقد تطورت هذه المراكب بحلول القرن السابع عشر الميلادي تقريبًا، حيث أصبحت المدافع ثقيلة جدًا مما استدعى تحيين تصاميم السفن وتقنيات بناءها لتساير المتطلبات الحديثة، خاصة تحمل الأوزان الإضافية، والحديث هنا تحديدا عن المقاتلة المتخصصة كابيتال[5]. أما مرسى العرائش فهو موطن عند الموقع M.

[1] Aurora Miró Domínguez, Aldrete Bernardo de (1560-1641), Biblioteca Virtual de la Filología Española, consulté le 19/08/2018.

[2][3] د.إدريس شهبون، العرائش في تاريخ المغرب قبل عهد الحماية: جوانب من الحياة السياسية والاقتصادية والعمرانية، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة تاريخ المغرب 2014. ص: 264-265-266.
[4] محمد عزلي، العرائش تستعيد ملالحها، مدونة أرشيف العرائش الإلكترونية.
 [5] The History of a ship from her cradle to her grave, with a short account of a smodern steamship & torpedoes. 1882. London G. Routledge & son. https://books.google.co.ma. Consulté le 19/08/2018.

مصادر ومراجع
* Gonzalez Porto-Bompiani, Diccionario Bompiani de autores.
* د.إدريس شهبون، العرائش في تاريخ المغرب قبل عهد الحماية: جوانب من الحياة السياسية والاقتصادية والعمرانية، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة تاريخ المغرب 2014.

غلاف كتاب أصل و نشأة اللغة القشتالية لبرناردو ألديريتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق