الأربعاء، 15 أغسطس 2018

العرائش 1688

العرائش سنة 1688

محمد عزلي


A : حصن سان جاك
B : حصن سان أنطوان
C : حصن نوتردام دوروب
D : برج اليهودي
E : طريق سان جان المغطى
F : طريق نوتر سنيور المغطى
G : معقل دييكو دي فيرا
H : باب المعسكر
Y : باب الرصيف
J : باب البحر
K : بوابة سان أنطوان المموهة
L : بوابة سان فرانسوا المموهة
M : دير سان فرانسوا
N : باب البرج
O : كنيسة نوتر سنيور دي لاكبيصة
P : كنيسة سان أنطوان
Q : مستشفى
S : ثكنات قديمة
T : ثكنات جديدة
V : مخازن قديمة
X : مخازن جديدة
Z : مخازن البارود
1 : منزل وحديقة الحاكم
2 : مكتب المأمور
3 : مسكن الرقيب ماجور
4 : العين الجديدة
5 : بئر سان ميشيل
6 : العين الكبيرة

هذا التصميم الفرنسي لمدينة العرائش سنة 1688 (78 سنة بعد الاحتلال الإسباني، وسنة واحدة قبل التحرير) حسب (فرانز إرتينجير Franz Ertinger)[1] يظهر بشكل جلي الشكل النهائي للتحصينات العسكرية وأسوار القرن 17 المحيطة بالثغر، والتي سمحت بتوسعة المجال العمراني لمساحة قدرها 8.60 هكتار[2] داخل أسوار المدينة في القرن السابع عشر والقرون التي تلته، {... بأسوارها المبنية باللبن والآجور وخنادقها وأبراجها ومعاقلها وأحيادها (Redans) وبعض دروبها المغطاة وأبوابها المحصنة وحصونها النصف دائرية (Demi-lunes) ومسلحاتها، وثكناتها ومخازنها، الشيء الذي أعطاها طابعا عسكريا محضا. وفعلا فالدور العسكري هو الذي خلقت من أجله هذه المستعمرة الإسبانية وتميزت به في هذه الفترة التي تطور خلالها فن التحصين}[3]، {بشكل كاف بالمقارنة مع تقنيات القرن الماضي، وأعطي اهتمام كبير لما سمي بالتحصين غير المنتظم، القائم على تكييف التحصينات مع طوبوغرافية الموقع وخصوصياته الإستراتيجية، أكثر مما يقوم على جمالية هندسة تصميمه، وهكذا تأثرت التحصينات الإسبانية بخصوصية الشكل الطوبوغرافي للعرائش وضمت داخل محيطها كل من القصبة والربض...}[4].


أما هذه الوثيقة فهي عبارة عن نسخة من نفس التصميم "العرائش 1688 لفرانز إرتينجير" موجودة بكتاب (Relation de l'Empire du Maroc) لصاحبه François Pidou de Saint Olon  فرانسوا بيدو سان أولون، من مواليد 1640 أو 1646 في Touraine وتوفي في 27 سبتمبر 1720 في باريس، وهو دبلوماسي وكاتب فرنسي عمل سفيرا للويس الرابع عشر لدى السلطان العلوي مولاي إسماعيل.
أخرج كتابه عام 1695 بعد سفارته بالمملكة المغربية حيث روى فيه حيثيات مهامه المرتبطة أساسا بالاتفاقات التجارية وتبادل الأسرى بين البلدين في الفترة المتراوحة بين 1689 و 1699 ، السفارة التي مرت من مراحل عسيرة منذ تعيين فرانسوا بيدو من طرف لويس 14 عام 1689، مرورا بنزوله مدينة سلا سنة 1690 لدى القنصل الفرنسي Jean-Baptiste Estelle جان بابتيست إستل، وصولا إلى عام 1693 الذي عرف مسلسلا طويلا من السفر والعناء، بداية من 14 يناير تاريخ تعديل اتفاقية التجارة التي استدعت عودته في شهر مارس إلى مدينة تولون الفرنسية ليحصي عدد الأسرى المغاربة ال 233 بما فيهم المرضى والمعطوبين وعددهم 29، ثم الإبحار نحو تطوان التي نزل بها في الرابع من أبريل للتنسيق مرة أخرى مع القنصل الفرنسي، ثم لقاء نخبة المخزن بمكناس في الثاني من يونيو إلى أن استقبل ببلاط سلطان مولاي اسماعيل في 11/06/1693 بمكناس.. غير أن هذه السفارة ستفشل في نهاية الأمر بعد إصرار السلطان على عدم المساومة بالأسرى المسلمين من الأتراك والجزائريين.

غلاف كتاب علاقة الإمبراطورية المغربية لفرانسوا بيد ودي سان أولون
نظرة على حالة البلد ، أخلاقه ، عاداته ، حكومته ، دينه وسياسته.
François Pidou of Saint Olon bibliorare.com التراث المغربي اليهودي – المكتبة.

مولاي إسماعيل يستقبل سفير لويس الرابع عشر فرانسوا بيدو دو سان أولون في مكناس 11/06/1693 ، لوحة بيار دينيس مارتن.




الصورة عبارة عن تكبير لجزء من نفس التصميم يوضح شكل القصبة والربض بجانب حصن النصر

الصورة عبارة عن تكبير لجزء من نفس التصميم يوضح شكل حصن سان أنطونيو (حصن الفتح)

[1] فرانز إرتينجير Franz Ertinger، رسام ونحات فرنسي برع في وضع التصاميم، ازداد في كولمار سنة 1640، وتوفي في باريس عام 1710.
[2] Guillermo Duclos Bautista Y Pedro Campos Jara, Larache. Aproximación al conocimiento de su centro histórico, vol. 2, p. 7.1 (texte dactylografié).
[3] د. إدريس شهبون، العرائش في تاريخ المغرب قبل عهد الحماية: جوانب من الحياة السياسية والاقتصادية والعمرانية، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية سلسلة تاريخ المغرب 2014، ص 277.
[4] Guillermo Duclos Bautista Y Pedro Campos Jara, op. cit., p. 3.14

مراجع:
· د. إدريس شهبون، العرائش في تاريخ المغرب قبل عهد الحماية: جوانب من الحياة السياسية والاقتصادية والعمرانية، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية سلسلة تاريخ المغرب 2014.
·François Pidou de Saint Olon, L'état présent de l'Empire du Maroc.

الأربعاء، 6 يونيو 2018

الفنان محمد السرغيني

الفنان محمد السرغيني



    بقلم : محمد الحفيظي
 
ولد محمد السرغيني في المدينة العتيقة للعرائش سنة 1923 وتوفي بالرباط سنة 1991.
بدأ مشواره الفني بالعرائش في الثلاثينيات ثم رحل إلى تطوان لمتابعة دراسته، عمق تكوينه في تخصص الرسم والنحت بمدرسة الفنون الجميلة San Fernando Madrid التي درس بها أيضا الفنان العالمي الشهير Picaso.
محمد السرغيني العرائشي رحمة الله عليه فنان ورسام رائد، عينه جلالة الملك الراحل محمد الخامس مديرا فنيا وإداريا لمعهد الفنون الجميلة بتطوان سنة 1956، بعد أن راكم التجارب من خلال المعارض العالمية وحصوله على عدة شواهد من المعاهد اﻹسبانية.
تخرج على يد السرغيني فنانين تشكيليين كبار أمثال (محمد شبعة، محمد المليحي، محمد أطاع الله، المكي أمغار، سعد السفاج، أحمد العمراني، التهامي الداد القصري..) وآخرين أكاديميين أمثال (رشيد السبتي، أحمد بن يسف..)
سافر السرغيني إلى أمريكا وأنجز دراسات حول الفنون التشكيلية والفن التقليدي المغربي، وكان أول معرض للسرغيني سنة 1941، ثم شارك في معارض عالمية وأحرز ميداليات وشواهد تقديرية أولاها بمدريد سنة 1958.

شهادات في حق محمد السرغيني :

·      الفان عبد الكريم الوزاني "السرغيني يعد رائدا في العديد من الأنماط التشكيلية"، كما عرف الأستاذ الفنان محمد السرغيني بثقافته العربية وتمكنه من لغات عديدة.
·      المهدي السرغيني مهندس معماري (نجله) "محمد السرغيني كان دائما يوجد وسط العقد، يسحب الصناع التقليديين باتجاه الحداثة، ويحض الفنانين التشكيليين على استثمار ثراء الثرات والفنون التقليدية".
·      الفنان بوعبيد بوزيد "السرغيني أدار مدرسة الفنون الجميلة بحب ومسؤولية، وما تزال بصماته شاهدة عليه إلى اليوم، وهو الذي جعل أساتذة الفنون الجميلة وخريجيها على اختلاف أجيالهم، يكنون له الكثير من اﻹحترام والتقدير اعترافا منهم بالجميل الذي أسداه للفنون الجميلة بتطوان تحديدا والمملكة المغربية عموما كمدير وأستاذ ومربي، واعتبارا لشخصيته المتصفة بنكران الذات والصرامة في العمل والبحث واﻹجتهاد، كما يعود له الفضل في مغربة التعليم الفني بهذه المؤسسة.
·      اﻷستاذ الصوردو "السرغيني رائد وفنان رفع رأس المغرب عاليا في المحافل الوطنية والدولية، وأول فنان قدم نمودجا لفن معاصر كما أنه أول فنان مغربي شارك في المعرض الوطني للفنون الجميلة بمدريد وهو ابن 25 ربيعا".
·      محمد العربي المساري رحمه الله "من الضروري استرجاع سيرة الرواد الذين مهدوا الطريق ولقنوا أبجديات الفن التشكيلي ببلادنا للأجيال التي خلفتهم، ومن بينهم أول مدير مغربي لمعهد الفنون الجميلة بتطوان، الراحل محمد السرغيني العرائشي".





نماذج من أعمال محمد السرغيني :

















الاثنين، 28 مايو 2018

ملاحات العرائش



      محمد عزلي   


حكاية الملح والممالح بالعرائش قديمة قدم التاريخ، فقبل أزيد من 2000 سنة، وتحديدا في بداية القرن الأول قبل ميلاد سيدنا المسيح، شيدت بحاضرة ليكسوس معامل لتمليح السمك والتي تعتبر من أهم المنشآت الصناعية تاريخيا في غرب البحر الأبيض المتوسط وأول مصانع تصبير الأسماك عرفتها المنطقة، ومن الطبيعي أن تعرف صناعة الملح من خلال تبخير مياه البحر بضفة النهر المقابلة لمجمع الصناعة السمكية هذا نشاطا وازدهارا موازيا استمر إلى يومنا هذا باستمرار النشاط الصناعي والتجاري المرتبط بالسمك، فحتى بعد انتقال المدنية في العصر الوسيط من الضفة اليمنى لمصب وادي لوكوس حيث موقع ليكسوس إلى ضفته اليسرى حيث تتواجد مدينة العرائش ظلت (الملاحات أو الممالح أو الملالح كما ينطقها أبناء المدينة) محافظة على تواجدها الحيوي وموقعها بجانب الوادي كما توضحه العديد من التصاميم التي وصلتنا ومن بينها تصميم بيرناردو ألديريت لمدينة العرائش سنة 1614 إبان الاحتلال الإسباني الأول. هذا ونسجل أنه تم استحداث مشروع ممالح العرائش في إسبانيا لنفس الغرض وبشكل وطريقة مشابهة سنة 1694 أي 5 سنوات بعد تحرير المدينة على يد المولى إسماعيل وخروج الإسبان منها، حيث أنشأت ممالح العرائش (SALINAS DE LARACHE) بخليج صغير سمي أيضا على اسم العرائش (ENSEADA DE LARACHE) بالشمال الغربي لإسبانيا على مقربة من الحدود البرتغالية الشمالية حيث توجد بلدة صغيرة تسمى (فيلابوا VILABOA) تتموقع بين مدينتي (بونتيفيدرا PONTEVEDRA) و (فيغو VIGO) وهي إلى اليوم لاتزال تحمل نفس الاسم.
يعتقد الكثير من الباحثين المهتمين بتاريخ المدينة أن مكان الممالح بين الموقع الأثري ليكسوس ومدينة العرائش يخفي الكثير من الأسرار التي قد تكشفها الأبحاث الأركيولوجية خاصة تلك المتعلقة بالمرسى الذي عرف ازدهارا تجاريا على مدى التاريخ القديم حيث ارتبط ذكره ودوره الهام بحضارات الأمازيغ، الفينيقيين، الموريين، القرطاجيين، النوميديين، الرومان، وكذا الحضارة الإسلامية والدول التي عاصرتها؛ المرفأ التجاري الذي لم يحسم الباحثون أمر توطينه إلى اليوم.
تعتبر ممالح العرائش من الفضاءات الرمزية الشهيرة بالمدينة فهي بكل تأكيد جزء أصيل من الذاكرة المحلية وصورة نمطية لكل أبناء المدينة وزوارها من كل الأجيال، فموقعها بالمدخل الشمالي للمدينة على الطريق الوطنية رقم 1 بسحر المنظر العام الغير الاعتيادي، يجعلك تحس بشعور رائع تمتزج فيه فرحة الوصول إلى الديار والاندهاش المتكرر في كل مرة تنظر فيها لجبال الملح وتلك المربعات والمستطيلات المائية المتناسقة التي ترافقك إلى مدخل المدينة كواحدة من أجمل الإطلالات التي قد تصادفك على مدى ربوع المملكة المغربية، هذا المنظر افتقدته العين واشتاقت إليه نفوس أبناء العرائش لمدة قاربت العقد من الزمن بسبب توقف نشاط الممالح.
وفي إطار مشروع ترميم، صيانة، وإعادة الإدماج الوظيفي لممالح العرائش ذات الحمولة التاريخية والأهمية الإيكولوجية من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بتعاون مع كل من جمعية مجموعة حماية الطيور بالمغرب (GREPOM)، وشركائها الهولنديين، تم إحداث تعاونية سيلاراش (SELARACHE)  لإنتاج وتسويق الملح ومشتقاته من جهة، ومن جهة أخرى المحافظة على القيمة التاريخية والإيكولوجية البالغة الأهمية لمنطقة الممالح بسافلة حوض اللوكوس باعتبارها من المناطق الرطبة  المصنفة ضمن قائمة رامسار (RAMSAR) العالمية للمناطق والمحميات الرطبة.
وقد أعطى السيد عامل إقليم العرائش يومه الأربعاء 9 ماي 2018 مرفوقا بممثل المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، المندوب الجهوي للتنمية المستدامة، رئيس مجموعة البحث من أجل حماية الطيور بالمغرب، وعميد الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش، انطلاقة ندوة وطنية حول "الطيور المهاجرة والمحافظة على المناطق الرطبة" تضمنت في برنامجها زيارة ميدانية لمشروع تأهيل ملاحات العرائش حضرها وفد من الباحثين والمختصين وممثلي الإدارات العمومية والدوائر الأمنية والمصالح الخارجية وكذا نشطاء المجتمع المدني الذي يتبنى الدفاع عن الطيور والمحميات والمناطق الرطبة.
وبعد انتهاء أشغال الصيانة وترميم أحواض إنتاج الملح وتهيئتها للعمل من جديد، بما فيها عملية ترميم البناية المتهالكة القديمة التي تعود لفترة الشركة الإسبانية التي أدارت المشروع في فترة الحماية بمدينة العرائش، والتي روعي فيها عنصر المحافظة على شكلها الأصلي وخصائصها المعمارية الإنشائية، عادت عملية إنتاج الملح من جديد بمعايير ومواصفات جودة عالية ابتداءً من صيف سنة 2019.
لكن المشكل الذي يؤرق العمال والمشرفين على المشروع اليوم، أكثر من أي وقت مضى، هو المنعرج النهري الحاد المحاذي للممالح، والذي ينخر يوميا من الضفة ويأكل من مساحة الاشتغال الرئيسية حيث يستخرج الملح في مرحلته النهائية، وهي مساحة ضيقة ومهددة بالمزيد من التآكل مما يقتضي بالضرورة بناء حواجز صخرية أو حتى تهيئة رصيف نهري يحمي الممالح من جهة، ومن جهة أخرى يسمح بإمكانية الاستثمار السياحي في فضاء أركيولوجي إيكولوجي واعد بالعطاء. 






 معامل تمليح وتصبير السمك بموقع ليكسوس الأثري يرجع تاريخها إلى القرن الأول ق.م


تصميم بيرناردو ألديريت لمدينة العرائش سنة 1614 إبان الاحتلال الإسباني الأول في القرن 17



ممالح العرائش منذ 1694 بخليج العرائش شمال غرب إسبانيا على مقربة من الحدود البرتغالية

ممالح العرائش بين موقع ليكسوس الأثري ومدينة العرائش






صور لملاحات العرائش في فترة اشتغالها







صور لملالح العرائش بعدة توقفها عن الاشتغال لفترة زادت عن 10 سنوات



صور جوية لموقع الممالح وشكلها العام

الندوة الوطنية حول "الطيور المهاجرة والمحافظة على المناطق الرطبة" ترأسها عامل إقليم العرائش




 صور من عملية إعطاء السيد عامل إقليم العرائش إنطلاقة أشغال ترميم وتهيئة ممالح العرائش






  الأشغال بملاحات العرائش، قصد صيانة وترميم أحواض إنتاج الملح وتهيئتها للعمل من جديد بعد توقف فاق 10 سنوات



عملية ترميم البناية القديمة التي تعود لفترة الشركة الإسبانية التي أدارت المشروع في فترة الحماية 

السيد علي براحة، 35 سنة من الخبرة في ممالح العرائش، رئيس تعاونية سيلاراش SELARACHE، المسؤول عن خط إنتاج الملح