فندق زلجو. مؤسسة اقتصادية في خدمة الدين والعلم
محمد عزلي
نزل السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله مدينة العرائش عام 1765م
مباشرة بعد المعركة البحرية التي دُحر فيها الأسطول الفرنسي على يد المغاربة
المسلمين في مياه الساحل الأطلسي ومصب وادي لوكوس بثغر العرائش في 25 و26 يونيو من نفس
العام، وخلال هذه الزيارة التاريخية الهامة والتي استغرقت شهرا كاملا أمر السلطان
المجاهد ببناء العديد من المؤسسات والمباني والمرافق الضرورية للحياة المدنية
والعسكرية بالعرائش كان أبرزها دار السكة، المسجد الأعظم ومدرسته، ثم المرافق النفعية
الموقوفة لفائدتهما من قبيل السوق الصغير وفندق زلجو.
تكاد تجمع الروايات الشفهية على أن اسم الفندق عرف تداولا بين الساكنة
المحلية ب (الفندق د زلجو) وهو منطوق عامي محلي جبلي يعني (الفندق الذي زلجوه) أي
أضافوا إليه الزليج، ثم حذفت الدال الوسطى كذلك تداولا مع مرور الزمن ليصبح اسمه
فندق زلجو، والراجح أن الاسم أخد في فترة ترميم أو صيانة تم فيها إضافة الزليج،
حيث أنه لم يكن منذ البداية زمن الإنشاء وهو الانطباع المأخوذ من صياغة التسمية،
كما أن النقيشة التخليدية فوق الباب الرئيسي عند إنشاء المبنى لم تشر
أبداً لهذه التسمية.
كان الدور الوظيفي لفندق زلجو اقتصادي، حيث جهز لاستقبال النزلاء من
الرحل والبدو والمسافرين ببهائمهم وسلعهم وكل ما تحمله قوافلهم، كما عرف بمحلات
وحوانيت تجارية وحرفية وخدماتية (حلاق، طراف، خياط..)، وقد حافظ الفندق على دوره
الوظيفي إلى غاية العقود الأولى من القرن العشرين حيث تطورت الخدمة الفندقية بفضل
التدخل الإسباني الذي رمم المبنى وأضاف عليه لمساته العصرية، بما في ذلك الجناح الفندقي بالطابق العلوي الذي جُعِل له باب خاص به في زنقة الصدر الأعظم، وأطلقوا عليه اسم
الفندق المركزي Hotel Central [2]. لكن فندق زلجو
بعد الاستقلال لم يحظى للأسف بالعناية اللازمة ولم يتم استغلاله بشكل يتناسب مع
قيمته التاريخية والمجالية والاقتصادية مما جعله في النهاية غير قادر على
المنافسة، ليقتصر دوره على إيواء طلبة العلم التابعين للمدرسة القرآنية للمسجد الأعظم، وكذلك لمعهد التعليم الأصيل والذي
كان يسمى سابقا المعهد الديني[3]، ثم نال منه الإهمال منصبا جعله في نهاية القرن
العشرين مخربا، جدرانه تتداعى مهددة سلامة السكان والعابرين. نزلت بالفندق أسماء كبيرة من سماء الدين والعلم والأدب والرحلة من المغاربة والأجانب، ولعل أشهرها كان
الروائي العالمي محمد شكري الذي درس وتعلم بالعرائش وتخرج منها معلما وأديبا كونيا
ترجم خبزه الحافي إلى 41 لغة كإنجاز لم يسبقه إليه أحد من رواد الفكر والأدب
بالمغرب.
مراجع
[1] انظر صورة النقيشة ضمن المرفقات
[2] 1908 Carte de Eugène Aubin
[3] المفضل التدلاوي. أضواء على ذاكرة العرائش.ط 2001. ص227
[4] G.DUCLOS BAUTISTA y P.CAMPOS JARA, vol.2, MI.11.I
* د.إدريس شهبون. العرائش في تاريخ المغرب قبل عهد الحماية: جوانب من الحياة السياسية والاقتصادية والعمرانية. مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية سلسلة تاريخ المغرب 2014. ص 295-296
النقيشة التشويرية المخلدة لبناء فندق زلجو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق