محمد عزلي
في إطار تنشيط البحث التاريخي حول مدينة
العرائش وأحوازها كأحد الأهداف الأساسية لجمعية أرشيف العرائش لتوثيق التراث
الثقافي والبحث التاريخي، واستكمالا للأبحاث الجارية عن تاريخ بعض الأسر العرائشية
التي ارتبط اسمها بالزوايا الموجودة في المدينة، عقدت جلسة صباحية يوم الثلاثاء 25
سبتمبر 2018 التقت من خلالها أرشيف العرائش بالمسرحي والزجال ذ.عبد اللطيف المزوري
الذي تحدث بإسهاب عن دور أسرته الثابتة النسب الشريف إلى الأسرة العمرانية
الإدريسية، في التراث الثقافي اللامادي لمدينة العرائش، وارتباطها المحوري بخدمة
الزوايا عامة والقادرية على وجه التحديد، ولا أدل على ذلك دار جده محمد بن الطاهر
بن عبد الله بن محمد المزوري الموجودة بحي باب البحر قرب الزاوية الناصرية، والتي
كانت دار ضيافة تحج إليها فرق الطرق الصوفية على اختلاف ألوانها، بأتباعها ومريديها،
بغذائها ومبيتها، بأزيائها وأعلامها، بأذكارها وأورادها. هذه الدار التي هجرت وخربت
كانت إلى زمن قريب تعد من منارات العلم والثقافة والدين، فبغض النظر عن الدور
الصوفي والوظيفة الاجتماعية والمهام المتوارثة مثل (أبو المواريث) و (وكيل
الغياب)، فقد شكلت الدار حسب شهادات مختلفة إحدى أهم بؤر انطلاق
"العمارة" أو الطقوس الصوفية والاحتفالات الشعبية بمناسبة المولد النبوي
الشريف، سواء تعلق الأمر بعمارة لالة منانة المصباحية أو سيدي علال بن احمد العسري.
وهي نفس الدار التي كان يتردد عليها بانتظام الأديب والمسرحي والدبلوماسي الشهير
عبد الصمد الكنفاوي رحمة الله عليه بوصفه صديقا مقربا من العائلة، ثم لشغفه الكبير
بهذه الأشكال الثقافية الشعبية التي طالما اشتغل عليها كثيرا في أعماله المسرحية،
وقد بلغ به الأمر لدرجة أنه كان الشخص الوحيد المستأمن على مفاتيح الدار، وكان
الوحيد أيضا المخول له إخراج الكتب أو الأدوات أو الإكسسوارات من مخزنها والتصرف
فيها بحرية مطلقة، لكن وإحقاقا للحق يحكي لنا السيد عبد اللطيف المزوري عن المرحوم
عبد الصمد الكنفاوي أنه كان بالمقابل شديد الكرم مع جده وأهل الدار أجمعين.
وفي نفس السياق عبر
ذ.عبد اللطيف المزوري عن رغبته في إعادة الحياة لهذه الدار في إطار مقترح جمعية
أرشيف العرائش لمشروع ثقافي تراثي يعيد الاعتبار للموروث الثقافي المادي والرمزي
للمدينة من جهة، ومن جهة ثانية تسويق هذا التراث الأصيل محليا، وطنيا، ودوليا في
قالب سياحي تنموي، مبديا استعداده للتعاون مع الجمعية ومع كل راغب في الانخراط في
المشروع، والحديث هنا عن القطاع الوصي على الثقافة والسياحة، وكذا المؤسسات التي
تتخذ من التراث الثقافي هدفا لمشاريعها، إضافة إلى السلطات المحلية والإقليمية
والمجتمع المدني.
من جهة أخرى أمدنا ذ.عبد
اللطيف المزوري بصور بعض الظهائر والوثائق العدلية التي يملك أصولها وعددها تسعة
من حقب زمنية مختلفة يعتقد أنها تبدأ من العهد المريني وصولا إلى الدولة العلوية
الشريفة مرورا بالسعديين، منها من هي واضحة سليمة ومتنها سهل الإخراج، ومنها من هي
في حاجة إلى محققين خبراء. وقد تم الاتفاق بهذا الصدد على أن تنظم الجمعية ورشة
تضم متطوعين مختصين في إخراج نصوص المخطوطات، ومن ثمة توثيق هذه الوثائق وتوزيع
نسخ عالية الجودة على الخزانات العمومية لتعميم الفائدة العلمية.