الاثنين، 26 فبراير 2018

مقهى الدالية برأس الرمل

مقهى الدالية برأس الرمل


    محمد عزلي

كان مقهى الدالية يتواجد ب (البلايا الأولى) بشاطئ رأس الرمل بالعرائش، وقد اعتبر المكان أحد ركائز ذاكرة الشاطئ والذاكرة المحلية للمدينة عموما، شغل مساحة إجمالية قدرها 650 متر مربع[1] واشتهر بظله الطبيعي البهي الذي تشكل من (الدالية) وهي شجرة العنب المثمرة المتدلية عناقيدها بين فتحات السقف القصبي، ومن هنا أخذ الاسم الذي اشتهر به عند أبناء العرائش وزوارها الأوفياء على مدى زمن ليس بالقصير.
أخد المكان شهرته أيضا بطواجن السمك (التواكر) وكؤوس الشاي المنعنع الرفيع، كما اشتهر بتوفره على الألعاب التي طالما استهوت أجيال السبعينات والثمانينات والتسعينات من بلياردو وكرة القدم بالدمى الخشبية..
شكل مقهى الدالية محطة انطلاق ووصول للمصطافين من ركاب النقل العمومي سواء الحافلات التي تقف قربها أو قوارب العبور (الباطيل) التي تقود إليه مباشرة عبر ممر إسمنتي ينتهي عند المقهى، مما جعل دوره يتعدى مجرد مقهى ففيه يمكنك كراء أو شراء المعدات والملابس والضروريات المتعلقة بالاصطياف، كما يمكنك استعمال مستودعات الملابس والاستحمام بالماء العذب إما بمقابل مادي بسيط داخل المبنى أو بالمجان عند (الروبيني) العمومي.
استفاد المكان من موقعه الإستراتيجي المتمركز في ملتقى الطرق بين جميع شواطئ رأس الرمل (البلايا الأولى / البلايا الثانية / البيليغروسا / ميامي) وكذلك المخيم مما جعل منه بؤرةً للنشاط والرواج حتى في الليل حيث يحلو السمر في صيف العرائش البديع. يقول السيد محمد الشريف العسري أحد أقرباء عائلة غويوط التي ملكت المقهى في السبعينيات والثمانينيات "كان بالمقهى محل تجاري من الجهة الخلفية المطلة على باب المخيم، محل خاص بالمواد الغذائية والوجبات الخفيفة، كما وُجد في الجانب الخلفي للمقهى أيضا غرف للكراء من أجل التخييم، كان الجو يسوده الاحترام بين المصطافين والعائلات المغربية القادمة من خارج العرائش، وأذكر أنه عند حلول الليل كان الجميع يسهر على ضوء نار التخييم خارج المقهى بمحاذاة خيمة الوقاية المدنية، كما كان للمقهى أيضا غرف بمحاذاة "الكونطوار" يستخدمها المصطافون لتغيير ملابسهم، وأذكر أيضا الألعاب المسلية كالبلياردو وكرة الطاولة، كان الجو رائعا في الحقيقة وأذكر أنني كنت أذهب عند بداية العطلة ولا أعود من هناك إلا بعد نهايتها"
انتقلت ملكية المقهى عبر الزمن من سيدة إسبانة كانت تسيره رفقة زوجها، إلى المرحوم غويوط وابنه السيد عبد الإله في الوقت الذي كان المقهى معروفا باسمه (غويوط)[2]، ثم ورثته زوجته في الثمانينيات قبل أن يكتريه السيد محمد الغالي، ثم ابتاعه السيد محمد هلال[3] إلى أن انتهى تاريخ المقهى  نهائيا عند صدور أمر تهديم كل مباني شاطئ رأس الرمل، فتم التنفيذ على صاحب المقهى آنذاك السيد عبد السلام الرامي سنة 2009[4] ليدون اسمه كآخر مالك لهذا الفضاء، واضعين بذلك حدا نهائيا لحقبة صارت اليوم مجرد ذكريات وصور من الأرشيف.

[1] إشارة من الصديق Amir Omari الذي أمدنا مشكورا بالصور الفوتوغرافية الموقعة باسم السيد عبد السلام الرامي.
[2] إشارة من الصديق محمد أبودزاز الفضالي.
[3] إشارة من الصديق محمد الشريف العسري.
[4] إشارة من الصديق Amir Omari.


 1995/1993

  1995/1993

  1995/1993

 دالية العنب

  1995/1993

  1995/1993

 عبد السلام الرامي أمام محله

أشغال التهديم 2009 

أشغال التهديم 2009 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق