الأربعاء، 27 يناير 2021

عمدة العرائش العلامة محمد أحمد الشنتوف


محمد عزلي




ولد العلامة محمد أحمد الشنتوف سنة 1931م، بمدشر تولة، قبيلة سوماتة، إقليم العرائش، حمل كتاب الله منذ صغره على يد شيوخ قريته، قبل أن يكمل تعليمه الذي قاده إلى تطوان في مرحلة الدراسة الثانوية، ثم إلى فاس حيث تخرج من جامعة القرويين حاملا الشهادة العالمية النهائية.

مارس الأستاذ محمد الشنتوف تدريس اللغة العربية في المعهد العالي الإسلامي بالعرائش، والذي أصبح يعرف ب "المعهد الأصلي" ثم "ثانوية التعليم الأصيل"، وكانت حياته حافلة بالأنشطة الثقافية والعلمية، فقد كان عضوا في رابطة علماء المغرب، ونائبا لرئيس فرعها بالعرائش، فكان رحمه الله دائم الحضور والمشاركة في المؤتمرات والندوات واللقاءات العلمية والفكرية محليا ووطنيا، اكتسبت شخصيته سمعة طيبة ومصداقية كبيرة لدى مختلف شرائح المجتمع المحلي سواء في مدينة العرائش ومنطقة جبالة، أو حتى خارجها، وذلك لعلمه وخلقه وجوده وأصالته، وهو الأمر الذي خول له الظفر بثقة أبناء العرائش الذين اختاروه لينوب عنهم في قبة البرلمان، كما اختاروه كذلك لتسيير مجلس مدينتهم، فكانت النتيجة ثقة مولوية من جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله الذي عينه رئيسا للمجلس الجماعي بالعرائش سنة 1963، وهو المنصب الذي استمر في شغله إلى حدود سنة 1976، كما وشح جلالته صدر عمدة العرائش بوسام الرضى من الدرجة الأولى؛ وقد شهدت فترة ولايته مجموعة من المنجزات المادية على مستوى المدينة، نذكر منها: السوق الأسبوعي، سوق الجملة، سوق برارك، مرافق الاصطياف بشاطئ رأس الرمل، المحطة الطرقية القديمة، مستشفى لالة مريم، مقبرة سيدي العربي المصباحي.. بالإضافة إلى دعم وزارة الأوقاف ومساعدتها على بناء المساجد (مسجد الحسن الثاني، جنان الباشا، المحصحص).. كما نال المرحوم محمد الشنتوف شرف المساهمة في تنظيم مشاركة مدينة العرائش في المسيرة الخضراء المظفرة.

أما تشكيلة المجلس الجماعي المنتخب سنة 1963 فقد تكونت من 25 عضوا حسب عدد السكان والدوائر، وهم:

-          الرئيس: محمد الشنتوف.

-          النائب الأول: محمد الجباري.

-          النائب الثاني: محمد الهواري.

-          النائب الثالث: عبد الوهاب اعميار.

-          النائب الرابع: عبد الرحمان الروسي.

الأعضاء: ادريس الريفي – الخمار بوشتى – محمد اجزناي – عبد السلام الجنوني – محمد الشرقي – عبد السلام اليمني – عبد السلام العمراني – بوسلهام الكعبوري – الحسين بن الفقيه – محمد الحمدوشي – محمد اليماني – عبد الرزاق القادري – احمد الريفي – ادريس الريفي – بنعيسى الزويهري – احمد المجدوبي – محمد السريفي – احمد الحمدوشي – محمد اليمني – بوسلهام الغرباوي.

خلف المرحوم العلامة البحاثة الأستاذ الحاج محمد أحمد الشنتوف، مجموعة من التآليف القيمة، منها ما هو مطبوع، لكن أغلبها مخطوط بقلمه، رهن أسر رفوف مكتبته بالعرائش، أو على الأصح ما تبقى منها، وهذه بعض عناوينها:

·       مجالس الأبرار في مناقب ابن مشيش الأبر.

·       خلاصة العبر في وجوب الوقوف ضد الاستعمار.

·       الوسيلة السنية في شرح المقدمة السنوسية.

·       عمدة الراغب في ذكر أنساب شرفاء المغرب.

·       العرائش كما يراها المجلس الجماعي.

 

1963؛ السيد محمد الشنتوف رئيس المجلس البلدي للعرائش رفقة نائبه الأول السيد محمد حسن الجباري، ونائبه الثالث السيد عبد الوهاب الطاهر اعميار.

**********


1964؛ زيارة جلالة الملك الحسن الثاني للعرائش.

**********

1964؛ زيارة جلالة الملك الحسن الثاني للعرائش.

**********

مارس 1966؛ ساحة التحرير بالعرائش

**********


18 أكتوبر 1966؛ تدشين المركز المهني من قبل وزير الشغل والشؤون الاجتماعية السيد عبد الحفيظ بوطالب

**********


مارس 1967؛ تطوان، عمدة العرائش محمد الشنتوف يتوسط الصف الأول

**********


أكتوبر 1969؛ أعضاء المجلس البلدي المنتخب بالعرائش

من بين الأسماء الحاضرة في الصورة نذكر: محمد حسن الجباري، محمد جنان (خليفة الباشا)، الغماري، بن عجيبة، محمد اجويدة، محمد أحمد الشنتوف، ادريس الريفي، عبد المالك بن الفقيه، محمد عبد السلام الهواري، المهدي الطود، الريسوني (خليفة الباشا)، عبد الرحمان الروسي..

**********


1970؛ مراسيم تنصيب باشا العرائش السيد محمد علي بنيس بحضور عامل صاحب الجلالة على إقليم تطوان السيد المحجوب التيماني

**********


مارس 1972

**********


1972؛ بمناسبة الاستفتاء على الدستور، يتقدم المنصة رئيس المجلس البلدي محمد الشنتوف، وخلفه كل من السادة: محمد الهواري، المهدي الطود، والمرابط، أما السيدة الواقفة فهي نوفيسة بنموسى (رئيسة الاتحاد النسائي بالعرائش)

**********


مارس 1973؛ الملعب البلدي بالعرائش

**********


1973؛ افتتاح المركز النسوي التابع للشبيبة والرياضة بحضور عمدة المدينة السيد محمد الشنتوف والباشا السيد محمد علي بنيس ورئيس الدائرة الإقليمية للشبيبة والرياضة بالعرائش السيد علال عزلي

**********


1973؛ افتتاح المركز النسوي التابع للشبيبة والرياضة بحضور عمدة المدينة السيد محمد الشنتوف والباشا السيد محمد علي بنيس ورئيس الدائرة الإقليمية للشبيبة والرياضة بالعرائش السيد علال عزلي

**********


دجنبر 1973؛ زيارة رسمية لكتابة الدولة في الشبيبة والرياضة

**********


1974؛ زيارة رسمية لعامل صاحب الجلالة على إقليم تطوان مولاي المهدي الامراني

**********


1974؛ افتتاح فعاليات أسبوع العرائش بحضور عامل صاحب الجلالة على إقليم تطوان مولاي المهدي الامراني مرفوقا بباشا العرائش محمد علي بنيس وعمدة المدينة محمد الشنتوف

**********


1974؛ مهرجان الطيران على هامش فعاليات أسبوع العرائش

**********


مارس 1975؛ قصر البلدية بالعرائش

**********


مارس 1975؛ قصر البلدية بالعرائش

**********


أكتوبر 1975؛ وزير الشبيبة والرياضة "محمد أرسلان الجديدي" مرفوقا برئيس المجلس البلدي للعرائش "محمد الشنتوف"، وباشا المدينة "محمد السبتي"، وقد كانت الظرفية الزمنية ساعتها شديدة الحساسية بالمملكة المغربية، وكل أجهزة الدولة مستنفرة لإنجاح تنظيم أحد أهم الأحداث التاريخية المغربية والإنسانية (المسيرة الخضراء).

**********


أكتوبر 1975؛ التحضيرات النهائية قبيل انطلاق المسيرة الخضراء؛ يظهر في الصورة كل من السيد محمد الشنتوف رئيس المجلس البلدي، والسيد محمد السبتي باشا العرائش، إضافة إلى ممثلي الدوائر الأمنية، عن الشرطة المفوض عبد الهادي العطوني، وعن الدرك الملكي القائد عمر الغول.

**********


أكتوبر 1975؛ كلمة رئيس المجلس البلدي بالعرائش السيد محمد الشنتوف في حفل وداع وفد العرائش المتطوع للمشاركة في المسيرة الخضراء

**********


3 مارس 1976؛ ساحة التحرير بالعرائش

**********


مارس 1979؛ ثانوية التعليم الأصيل بالعرائش

**********





مصادر:

 

·       "العرائش كما يراها المجلس الجماعي"، الطبعة الثانية، كريماديس -العرائش، 1974.

·       شهادة شفهية للسيدة فاطمة الشنتوف زوجة العلامة سجلت صوتيا خلال لقاء خاص نظمته جمعية أرشيف العرائش لتوثيق التراث الثقافي والبحث التاريخي بتاريخ 29 دجنبر 2020.

·       رسالة إلكترونية من السيدة مريم الشنتوف ابنة العلامة محمد أحمد الشنتوف.

·       الخزانة الإلكترونية لجمعية أرشيف العرائش لتوثيق التراث الثقافي والبحث التاريخي.

الاثنين، 25 يناير 2021

لقاء خاص مع الأستاذ عبد السلام الجباري

 


في إطار تنشيط البحث في التاريخ الاجتماعي لمدينة العرائش ومنطقتها، وفي سياق محاولة التعريف بأبرز الشخصيات والأعلام المحلية التي بصمت على حضورها وأثرت في مجتمعها محليا ووطنيا، وفي إطار استكشاف وتوثيق ما تختزنه الذاكرة المحلية المشتركة من شهادات شفهية أو مواد مصدرية جديدة، استضافت جمعية أرشيف العرائش لتوثيق التراث الثقافي والبحث التاريخي يوم الجمعة 22 يناير 2021، الشاعر والباحث ورجل التربية والتعليم، المفتش السابق بنيابة العرائش، فضيلة الأستاذ عبد السلام الجباري، أحد الوجوه المعروفة في المدينة بثقافته وخلقه وروحه المرحة، إضافة إلى انتسابه لعائلة الجباري الشهيرة برجالاتها العظام في كل المجالات والاختصاصات قديما وحديثا، سواء في المنطقة أو في بقية أرجاء المعمور.


نبذة موجزة عن الضيف:

عبد السلام بن احمد بن الطيب بن الهاشمي الجباري، من مواليد 17 فبراير 1950، بمدشر الصخرة، قبيلة بني جرفط، إقليم العرائش، والده المرحوم أحمد الجباري من علماء القرويين، وحفيد الولي الصالح سيدي احمد الجباري دفين الصخرة، أما والدته فكان اسمها صفية، وهي ابنة المقاوم البطل سيدي احمد بنسرغين الذي استشهد مع ولده برصاص الاحتلال الإسباني عندما كانا يقاتلان في صفوف مجاهدي منطقة جبالة بين سنتي 1915 و1916.

بدأ عبد السلام الجباري مشواره الدراسي من كتاب ومدرسة قريته، قبل أن ينتقل إلى مدينة العرائش، حيث واصل دراسته في المعهد العالي الإسلامي (المعهد الأصيل) تحت وصاية ورعاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إلى أن تحصل على شهادة الباكالوريا سنة 1968، بعدها توجه إلى الجامعة لدراسة الحقوق على يد نخبة من الأعلام الوطنية، من قبيل فتح الله ولعلو، علال الفاسي، المكي الناصري... قبل أن يتحول إلى المدرسة العليا للأساتذة بكلية آداب فاس التي تحصل فيها سنة 1972 على شهادة الإجازة في الأدب العربي، ودبلوم التدريس، ليبدأ الأستاذ عبد السلام الجباري حينئذ مساره المهني من مدينة سيدي سليمان كأستاذ للتعليم الثانوي بسلكيه، وبعد 5 سنوات انتقل إلى العاصمة للحصول على دبلوم الدراسات المعمقة شعبة الأدب الأندلسي والمغربي تحت إشراف نخبة أخرى من الأعلام المغربية، والحديث هنا عن د. عباس الجراري، د. محمد بنشريفة، د. محمد مفتاح؛ ثم توجه أخيرا إلى مركز "تامسنا" لتكوين المفتشين التي قضى فيها سنتين، ليتم تعيينه بعدها مباشرة بنيابة العرائش سنة 1985، وفيها سيستمر مشواره المهني مدة ربع قرن من الزمن إلى حين إحالته على التقاعد سنة 2010.

وإلى جانب إنتاجه الشعري والأدبي وأبحاثه العلمية والميدانية، اهتم الأستاذ عبد السلام الجباري بالتراث الشفهي الشعبي، والتراث الصوفي المحلي لبلاد الهبط، وهي روافد أصيلة من الثقافة المغربية أغنت رصيده العلمي وذاكرته الموسوعية برصيد معرفي نعتقد أنه يستحق التوثيق والتدوين والنشر، وهذا ما لمسناه عن كثب من خلال الساعات الثلاث التي سجلناها معه.


للاطلاع على الجزء الأول من هذا اللقاء الخاص المتعلق بسيرة الأستاذ عبد السلام الجباري، وبعض الأحداث البارزة من تاريخ العرائش وبلاد الهبط، خاصة في فترة المقاومة المغربية الباسلة بشمال المملكة للاحتلال الإسباني، ندعوكم لمشاهدة الفيديو المشار إلى رابطه أسفله، على أن نعود بحول الله في الجلسة الثانية لنناقش محور التربية والتعليم الذي كرس له الأستاذ عبد السلام الجباري فكره واجتهاده، ومعظم مراحل حياته.

 

شكر جزيل وتقدير كبير لكل من:

·       الأستاذ عبد السلام الجباري على سعة صدره وقبوله دعوة الجمعية.

·       الأستاذ عبد الإله طريبق محافظ المكتبة العامة البلدية على دعمه الدائم للمشاريع المعرفية.

·       الأستاذ عبد القادر السبيطي مدير موقع العرائش أنفو على المشاركة والمواكبة الإعلامية الرصينة.

·       الأستاذ معاد لمسقي المخرج الشاب (تخصص أفلام وثائقية) والذي تكلف بالتوثيق السمعي البصري للقاء.

حضر اللقاء وحاور الضيف من جانب جمعية أرشيف العرائش كل من السادة: عبد الحميد بريري، محمد شكيب الفليلاح، ومحمد عزلي.

 تحرير: محمد عزلي.

رابط الفيديو الخاص بالجزء الأول:

https://www.youtube.com/watch?v=xS1d9sasY0w




الأحد، 10 يناير 2021

الشهيد المظلوم عبد السلام الشنتوف (السوماتي)

 


محمد عزلي


الشهيد عبد السلام بن عبد السلام الشنتوف الشهير ب "السوماتي" (1900-1956م)، من مواليد قبيلة سماتة، جماعة زعرورة، بإقليم العرائش، القبيلة التي اشتهرت في التاريخ المحلي والوطني بالجهاد ومقاومة الاحتلال الإسباني، إذ تعتبر آخر نقطة سقطت في يد القوات المحتلة بشمال المملكة وذلك في شهر يوليوز 1927، أي بعد مضي 15 سنة على إبرام عقد الحماية، و14 شهرا على استسلام الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، وذلك بعد الضغط الرهيب الذي مارسه الطيران العسكري للقوات المحتلة على المنطقة، والذي تم من خلاله استعمال الغازات السامة، في واحدة من أسوء وأجبن العمليات التي لطخت سجلات التاريخ العسكري الإسباني بمداد العار، مما أدى في النهاية إلى فرار أبناء القبيلة إلى المناطق الخاضعة للنفوذ الفرنسي قبل الحصول على وثيقة الأمان التي مكنتهم من العودة إلى أراضيهم.

وقد كان عبد السلام الشنتوف أحد هؤلاء المقاومين الأبطال الذين تمتعوا بحظوة ونفوذ معنوي كبير في قبيلته، وهو ما حدا بالمخزن الخليفي إلى تكليفه بتدبير شؤون السكان في المنطقة منذ سنة 1928، إلى أن أصبح قائدا سنة 1938، وبسبب تدهور علاقته بالمستعمر إثر رفضه حمل الزي العسكري الإسباني، تم إعفاؤه من مهامه في 13 من غشت سنة 1941.

أما في مرحلة نشاط الحركة الوطنية، وفي سياق مواصلة الكفاح من أجل نصرة القضية الوطنية العادلة، ذكر السيد محمد الشنتوف حفيد الفقيد عبد السلام الشنتوف في شهادته خلال جلسة الاستماع بمقر هيئة الإنصاف والمصالحة في 15 من مارس سنة 2005، أن جده وعائلته عموما "تأثرت إلى حد كبير بأفكار حزب الشورى والاستقلال وأطروحاته"، وفي فترة ثورة الملك والشعب أشار المصدر ذاته إلى "أن أحد أبناء الفقيد كان يدرس بمدينة سبتة حيث التقى خلال سنتي 1953 و1954 بالمرحوم بلحسن الوزاني الذي كان منفيا هناك، فكان يزوده بالوثائق والمنشورات".

وفي الرابع من أبريل 1956، توجه جلالة الملك محمد الخامس على رأس وفد مغربي رسمي إلى مدريد للتفاوض في استكمال الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وقد مثل إقليم العرائش في هذا الوفد، الفقيه العلامة والقاضي الحاج عبد السلام ازطوط عضو المجلس الخاص للخليفة السلطاني، لتنتهي المفاوضات يوم 7 أبريل 1956 باعتراف إسبانيا الرسمي باستقلال منطقة الشمال المغربي، فقرر بطل التحرير العودة إلى المغرب من بوابة تطوان، وتخصيص مدينة العرائش المجاهدة بأول زيارة رسمية ثلاثة أيام فقط بعد الاستقلال، وذلك يوم الثلاثاء 10 أبريل 1956، مرفوقا بولي عهده الأمير مولاي الحسن وصنوه الأمير مولاي عبد الله، ليستقبلوا استقبال الأبطال من الجماهير الشعبية التي احتفلت بهذا النصر وهذه الزيارة التاريخية، وقد بذل السيد عبد السلام الشنتوف مجهودا كبيرا في سبيل تعبئة السكان لاستقبال جلالة الملك، وهو الأمر الذي نجح فيه بفضل نفوذه المعنوي المؤثر، غير أن هذا الموقف أغضب سلطات الاحتلال التي وضعت اسمه ضمن القائمة السوداء، والتي كانت تدس عملاءها في كل مكان وتحرضهم على خلق البغضاء والفتنة بين صفوف الوطنيين.


مشهد من الاستقبال الشعبي الكبير  لبطل التحرير جلالة الملك محمد الخامس خلال زيارته لمدينة العرائش في 10 من أبريل 1956


وفي اليوم الخامس من رمضان، 17 من أبريل 1956، وبعد مرور أسبوع واحد فقط على الزيارة الملكية، وفي خضم أحداث الفوضى و"السيبة" بسبب الفراغ السياسي والإداري والأمني الذي أعقب إعلان الاستقلال، والذي تتحمل فيه سلطات الاحتلال الإسباني النصيب الأوفر من المسؤولية، تمت تصفية مجموعة من المواطنين والتنكيل بهم بشكل وحشي ينم عن سادية الإقامة العامة الإسبانية ممثلة آنذاك في "الدون بوريطا" (Borreta)، وأدواتها التي استعملتها من خلال بعض الأشخاص -كما ذكر السيد محمد الشنتوف في شهادته- المعروفين بسوابقهم الإجرامية، أو حتى من بعض المغاربة الذين اعتقدوا أنهم ينتقمون من عملاء الاستعمار، ضاربين بعرض الحائط تعاليم الشرع الشريف، وناموس الدولة المغربية العريقة، وأخلاقيات الأعراف المغربية المتزنة على كفتي العدالة والحكمة، وكان من بين ضحايا هذه الأحداث المروعة، الشهيد عبد السلام بن عبد السلام الشنتوف.

 

·       تفاصيل الحادث المريع

ذكرت السيدة فاطمة الشنتوف ابنة الفقيد في لقاء خاص أجرته معها جمعية أرشيف العرائش بتاريخ 29 دجنبر 2020، أن السيد عبد المالك بلفقيه (المسؤول عن حزب الاستقلال في تلك الفترة) أرسل أكثر من مرة أفرادا من أسرته ليحذروا أسرة السيد عبد السلام الشنتوف من هجوم وشيك على منزلهم يستهدف قتل رب الأسرة، غير أن المرحوم لم يكترث لهذا التحذير، معتبرا نفسه بعيدا عن الشبهات ومنزه عنها، ورفض السماح بالكلام عن الفرار، وآثر البقاء في بيته لرعاية أسرته وتمريض زوجته التي كانت تعاني من داء السرطان، وفي اليوم المشؤوم على عائلة الشنتوف 17 أبريل 1956م والذي وافق الخامس من رمضان 1375ه،ـ كان الفقيد وهو في سن السادسة والخمسين، طريح فراش المرض، فاقتحم مجموعة من المسلحين المنزل، بعضهم يرتدي الزي العسكري، فرَوَّعوا أهل الدار، وفر الكبار والصغار مدعورين نحو منازل الجيران يرتعدون خوفا، أما الزوجة فخرجت للشارع تصرخ وتستغيث بجمهور متعاطف لكنه قليل الحيلة.

وعن تفاصيل المشهد يقول السيد محمد الشنتوف حفيد المرحوم عبد السلام في شهادته المشار إليها آنفا: «كان المهاجمون مسلحين بالعصي والقطع الحديدية؛ هرب من يوجد في البيت من الأبناء عند الجيران، في حين أخرج المهاجمون الأب من البيت وهم يضربونه ويجرجرونه؛ كما عمدوا إلى سرقة عدة أشياء من البيت بما في ذلك طعام الفطور. أخذوا الفقيد إلى مكان مجهول، ثم علقوه في صباح الغد في ساحة إسبانيا (ساحة التحرير حاليا)، وأخذوا يفرغون عليه الوقود ويحاولون إضرام النار في جسده. هذا المشهد الذي عاينه الناس وأخبروا أسرة الفقيد به وبتفاصيله كان من القسوة والفظاعة بحيث إن امرأة إسبانية تبيع الفطائر (التشورو) مقابل الساحة المذكورة رأت المشهد فأصابتها السكتة القلبية وفارقت الحياة من هول ما رأت (وقد خصص الكاتب المغربي المرحوم محمد شكري لهذه الواقعة أربع صفحات من روايته "زمن الاخطاء"). بعد ذلك لفوه في غطاء أسود وأخذوه إلى مكان مجهول حيث وضعوه إلى جانب أشخاص آخرين من بينهم (...) حيث سيمارس عليه تعذيب وحشي إلى أن يفارق الحياة».

وبعد انقضاء شهر رمضان طالبت عائلة المرحوم تسليمهم جثته، فوجدوها كاملة وفي حالة يرثى لها.

·       رد الاعتبار وجبر الضرر

بقيت الجريمة بلا عقاب رغم الشكاية التي تقدمت بها أسرة الفقيد لأن أحدا لم يجرؤ ساعتها على فتح الملف، بينما على المستوى الشعبي قوبل الحادث باستنكار شديد، وقد رصد لذات الغرض السيد عبد السلام الطود عدة صفحات من جريدته، ولأنه لا يضيع حق وراءه مطالب، فقد ظهر الحق ولو بعد نصف قرن من الزمن، وذلك بفضل إصرار عائلة الشهيد على إزهاق الباطل ورد اعتبار السيد عبد السلام بن عبد السلام الشنتوف، وبفضل عمل فريق الأبحاث والتحريات بهيئة الإنصاف والمصالحة، وكذلك بفضل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إذ تبين لهيئة الإنصاف والمصالحة أن القضية تدخل ضمن حالات القتل خارج الشرعية، وتم بذلك الإقرار سنة 2005 رسميا وعلنيا بمسؤولية أجهزة الدولة عن الانتهاكات التي تعرض لها الهالك.

لكن وبعد أن تحول السيد عبد السلام الشنتوف من مقاوم بطل إلى شهيد مظلوم، وبغض النظر عن أي تعويض مهما كانت قيمته، يبقى السؤال المهم هو ذاك الذي طرحته السيدة (س.ط) خلال جلسة الاستماع حول صيغة رد الاعتبار وشكله، وحول من سيكون عليه أن يعتذر للشعب المغربي وباسم من؟

 

·       مصادر ومراجع

-          شهادة عائلة المرحوم عبد السلام الشنتوف (أحداث 1956)، محضر جلسة الاستماع التي انعقدت بمقر هيئة الإنصاف والمصالحة يوم الثلاثاء 15 مارس 2005.

-          مراسلات من لجنة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال جبر الأضرار بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى السيدة فاطمة الشنتوف، ملف عدد 3570، قضية عبد السلام الشنتوف.

-          شهادة شفهية للسيدة فاطمة الشنتوف سجلت صوتيا خلال لقاء خاص من تنظيم جمعية أرشيف العرائش لتوثيق التراث الثقافي والبحث التاريخي بتاريخ 29 دجنبر 2020.

-          المفضل التدلاوي، "أضواء على ذاكرة العرائش"، 2001.

الأربعاء، 6 يناير 2021

في ضيافة دار العلامة محمد الشنتوف عمدة العرائش في السبعينات

 


في إطار تنشيط البحث في التاريخ الاجتماعي المحلي لمدينة العرائش ومنطقتها، وفي سياق الانتصار لثقافة الاعتراف والقليل من الإنصاف، وذلك من خلال محاولة التعريف بأبرز الشخصيات والأعلام التي بصمت على حضورها وأثرت في مجتمعها محليا كان أم وطنيا أو حتى عالميا، وفي إطار استكشاف الكنوز العلمية والمعرفية التي تختزنها المكتبات الخاصة بالعائلات المحلية بهدف توثيق التراث الثقافي ومد الباحثين بالمادة المصدرية والمرجعية، قامت جمعية أرشيف العرائش لتوثيق التراث الثقافي والبحث التاريخي بزيارة دار العلامة سيدي محمد بن احمد الشنتوف رحمة الله عليه عمدة مدينة العرائش في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، حيث تم استقبالها بحفاوة وكرم أهل الفضل من قبل أرملته الحاجة فاطمة الشنتوف، وقد تم تقسيم الزيارة على موعدين:

·       الثلاثاء 29 دجنبر 2020

حضر اللقاء عن الجمعية كل من السادة: عبد الحميد بريري، محمد شكيب الفليلاح، ومحمد عزلي، كما حضر الأستاذ عبد القادر السبيطي ممثلا عن موقع "العرائش أنفو"، والأستاذة رشيدة بريري صديقة العائلة، بالإضافة إلى المستضيفة السيدة فاطمة الشنتوف وابنتها البارة الآنسة أسماء الشنتوف.

خصصت الجلسة لجرد وحصر الوثائق والصور التي تم تصوير بعضها في عين المكان، أما أغلبها فقد سمحت لنا الحاجة فاطمة جزاها الله خيرا أن نستعيرها لأيام معدودة حتى نتمكن من نسخها ورقمنتها على الوجه الأمثل، كما تم في هذه الجلسة أخد تسجيل صوتي مدته حوالي ساعتين للحاجة فاطمة الشنتوف تحكي فيه شهادتها على عصرها الذي كان حافلا بالأحداث الكبيرة، وقد تم التركيز فيها على ثلاث شخصيات رئيسية وهي:

1.      والدها الشهيد عبد السلام الشنتوف الشهير ب "السوماتي".

2.      زوجها العلامة سيدي محمد الشنتوف البرلماني والرئيس السابق لبلدية العرائش.

3.      فاطمة الشنتوف زوجة العلامة والفاعلة الجمعوية المعروفة.

ولما اعتبرنا أن هذه الشخصيات تحمل أهمية اعتبارية في الذاكرة المشتركة والتاريخ الاجتماعي المحلي المعاصر، وحرصا على أن تأخد كل منها حقها في التعريف والإضاءة، سنعمل على إدراج نبذة مختصرة عن كل شخصية على حدة معززة ببعض الصور الحصرية على موقع الجمعية وموقع العرائش أنفو الإلكترونيين، على أن نخصص لهم مواد وافية من خلال الإصدارات القادمة للجمعية بحول الله.

·       السبت 2 يناير 2021

حضر في الجلسة الثانية عن أرشيف العرائش كل من السادة: عبد الحميد بريري، محمد شكيب الفليلاح، ومحمد عزلي، كما حضرت عن جمعية المرأة لإحياء التراث كل من الأستاذة أمينة الحر والحاجة فاطمة الشنتوف مستضيفة اللقاء.

وقد خصص هذا اللقاء للاطلاع على محتويات المكتبة الورقية وخزانة الوثائق الخاصة بالعلامة سيدي محمد بن احمد الشنتوف والتي تحمل بين رفوفها أمهات الكتب والموسوعات والربائد والمخطوطات، مما جعلنا نستشعر فورا مدى جسامة وثقل العمل الذي ينتظرنا إذا كنا نريد الحفاظ على هذا التراث الوثائقي المهم، وتثمينه وإخراجه إلى النور حتى ينهل من معينه كل طالب علم أو مهتم بالمعرفة، هذا وقد ذكرت السيدة فاطمة الشنتوف أن المكتبة الحالية منقوصة من جزئها الأكبر الذي تم ترحيله إلى مدينة أصيلة، وهو الأمر الذي سيستدعي منا التنقل لعين المكان حال انفراج الوضع الاستثنائي الذي فرضه الوباء اللعين.



السيدة فاطمة الشنتوف رفقة مؤرخ المملكة المغربية عبد الوهاب بن منصور بضريح محمد الخامس بالرباط